محور المقاومة والتحدي الاقتصادي
غالب قنديل
تكشف العقوبات الاقتصادية والمالية الأميركية المتلاحقة ضد محور المقاومة بحكوماته وفصائله من إيران إلى سورية ولبنان واليمن والعراق حقيقة ان الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي يعتمد على هذه الوسيلة بأشد صيغها إيلاما بعد الفشل المدوي الذي منيت به الحروب والغزوات والتهديدات طوال العشرين عاما الماضية وثمة ضرورة ماسة امام هذا الفصل الجديد من الصراع على هوية منطقتنا ومستقبلها لبلورة خطة مجابهة على مستوى المحور كما كانت الحال في التصدي للغزوات العسكرية الصهيونية والتكفيرية وهي كانت اميركية التخطيط والقيادة دائما.
أولا التعبئة الشعبية التي تشرح الغاية الفعلية للتدابير والسياسات الاستعمارية الأميركية والغربية من خلال الحصار والعقوبات وبناء إرادة صلبة بتكريس وعي راسخ عند الجماهير لتلقي النتائج بتماسك وطني وبصبر وتصميم على الانتصار والتضحية في سبيل التحرر التام من الهيمنة الاستعمارية بكل أشكالها كشرط لبناء المستقبل الذي يناسب المصالح الوطنية لكل بلد فتطوير قدرة الناس على التحمل والصبر والتكيف والتضحية يرتبط بوعيهم لطبيعة المعركة ولأهداف العدو ولسبل منعه من تحقيقها وقد قدمت الشقيقة إيران مثالا يحتذى في معركة الوعي ضد الحصار والعقوبات قادها الإمام الخامنئي الذي ثقف شعبه بأهمية الاعتماد على الذات وتنمية القدرات الوطنية وتنويع الشراكات الجديدة التي تخدم حركة التحرر من الهيمنة والصبر ريثما تمتلك البلاد القدرة على قلب المعادلات. في كل من ساحات نشاط المحور يجب اعتماد خطاب ولغة واقعية تبعا للطروف الخاصة بكل بلد ولطبيعة المشكلات والتحديات المتحولة.
ثانيا لابد من التمسك بوحدة المحور في مقاومة الفصل الجديد من العدوان الاستعماري وبالتالي هذا يتطلب الإصرار على فكرة التشبيك الإقليمي في المنطقة كهدف سياسي محلي في لبنان والعراق واليمن وبلورة مصالح مشتركة تؤسس لقاعدة صمود اوسع وتنوع الخيارات المحلية في التصدي للعقوبات.
ليس الشكل الوحيد للاستفادة من النموذج الإيراني هو طلب المزيد من الدعم في زمن الصعوبات المتراكمة بل دراسة التجربة والنموذج الاقتصادي الذي وفر قاعدة الصمود الإيراني والاستفادة من العبر والدروس ولابد أيضا من دراسة تجارب اخرى بخصوصياتها وظروفها في بلدان أصغر وأقل ثروة من إيران مثل النموذج الكوبي الصامد منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ضد الحصار والعقوبات المشددة.
ثالثا لابد من مباشرة تجسيد التضامن والتشابك بكل الوسائل عملا بدروس المجابهة البطولية التي قيضت لبلداننا صد غزوة التكفير الأميركية الصهيونية الرجعية وانطلاقا من الاعتراف بأن البعد الاقتصادي كان مهملا في خطط قطبي المحور المؤسسين سورية وإيران وحتى على صعيد علاقاتهما الثنائية التي تبين بعد أربعين عاما أنها لم ترق إلى مستوى الشراكة السياسية والنضالية الاستراتيجية الواسعة وفقا لما بينته المباحثات الثنائية الأخيرة وما افضت إليه من اتفاقات كانت توقع لأول مرة وهذا الأمر يطال ما وقع من إهمال العلاقة الإيرانية اللبنانية وعدم رفعها إلى مستوى يناسب حقيقة الشراكة السياسية والميدانية والقتالية مع إيران في جميع معارك الدفاع عن لبنان وعن المنطقة ضد العدو الصهيوني وغزوة داعش والقاعدة ويجب على هذا الصعيد بالنسبة للبنان والعراق كسر الحظر الذي تفرضه الوصاية الأميركية على تطوير العلاقات مع إيران وسورية وهي تسمح بفرص كثيرة ومهمة لتطوير الصمود الاقتصادي والشعبي ضد الحصار والعقوبات في المنطقة وهنا تتبدى اهمية فتح الحدود العراقية مع سورية والتحرك لتطوير علاقات لبنان بسورية والعراق كرزمة متكاملة تسهم في تحريك شامل لشرايين مقطوعة بالوصاية السياسية الأميركية المكرسة للهيمنة على الشرق ومنع اتصال بلدانه الطبيعي وهذا ما يعني تعديلا شاملا لقواعد المساكنة السياسية في لبنان والعراق بما يستجيب للمصالح الوطنية التي ستشمل جميع ابناء البلدين بخيرها وبمردودها النوعي.
رابعا إن فكرة التوازن في العلاقات مع الشرق والغرب وفق الشروط السيادية الوطنية والمصالح الوطنية تبدو اليوم ضرورة سياسية واقعية ملحة للبنانيين والعراقيين في وجه الوصاية الأميركية وحيث انطلاقها الفعلي من انتزاع الإقرار بحاجة البلدين إلى تطوير الشراكة مع الشقيقتين سورية وإيران وهذا يقتضي معركة سياسية داخلية لإدخالها في مضمون التفاهمات الوطنية المشتركة بدلا من التسليم الصامت بما يمليه الأميركيون على القوى المحلية السائرة في ركابهم ضمن صيغة السلطة السياسية للمساكنة بين المحورين ولاينبغي التعامل بعد اليوم بخجل مع هذه الضرورة القصوى المهملة والمغيبة استجابهة للحلف الاستعماري وادواته المحلية والإقليمية.
سورية وإيران هما شريكتا الحياة والمصالح والتطلعات المشتركة التي يحتمها الجوار وهذا ما برهنت عليه تجربة منطقتنا في مجابهة غزوة التكفير التي يتآمر من دبروها وقادوها لمنع أي تواصل سياسي او اقتصادي مثمر بعدما خبروا الهزيمة الشنيعة لخططهم التدميرية الدموية في تكاتف الجهود السورية الإيرانية العراقية واللبنانية.