فورين بوليسي: كارتر تستّر على تجربة نووية إسرائيلية
تستّر الرئيس الأميركي جيمي كارتر على تجربة نوويّة إسرائيليّة مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، جرت في مثل هذا اليوم، 22 أيلول/ سبتمبر عام 1979، بحسب تحقيق موسّع نشرته مجلّة “فورين بوليسي” الأميركيّة.
وجاء في تحقيق المجلّة أن قمر مراقبة صناعيًا أميركيًا، أطلق لمراقبة التجربة النووية حول العالم، رصد وميض ضوء مفاجئًا وقويًا من نقطة في جنوبي المحيط الهندي أو الأطلسي، قرب القطب الجنوبي، قدّر الجيش الأميركي أنها ناتجة عن تجربة نوويّة، اشتبه أن إسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا هو من يقف وراءها.
وعقد الرئيس الأميركي حينها، جيمي كارتر، اجتماعًا في غرفة العمليّات بالبيت الأبيض، في اليوم الذي تلا الرصد، وأعرب عن اعتقاده أن الحديث يدور عن تجربة نوويّة إسرائيليّة – جنوب أفريقيّة، “إلا أن شيئًا ما حدث وراء الكواليس، بدّل الموقف الأميركيّ بسرعة”، بحسب الـ”فورين بوليسي”، وعيّن البيت الأبيض طاقما رفيع المستوى لبحث “الحادثة” التي أطلق عليها اسم “حادثة فيلا”، على اسم القمر الصناعي الأميركي التي رصدها “فيلا 6911″، أو الاسم الكامل “حادثة الوميض المضاعف جنوبيّ المحيط الأطلسي“.
إلا أن نتيجة التحقيقات، بحسب الـ”فورين بوليسي”، جاءت مفاجأة، وخلصت إلى أنه “لا يجري الحديث عن تجربة نوويّة، إنما حادث خارجي، ربّما نيزّك متفجّر إلى جانب القمر الصناعي“.
في حين ادّعى باحثون أكاديميين، درسوا الحادثة علميًا وسياسيًا، للمجلّة، استنادًا إلى مواد تم الكشف عنها مؤخرًا، أنه يمكن التحديد، بشكل لا يقبل التأويل، أن ما انبعث ليس دخانا، إنما نار نوويّة، على ما يبدو، ناجمة عن قنبلة هيدروجينيّة.
وحينها، كان الأجهزة الاستخباراتيّة الأميركيّة، بعد الحادثة بقليل، أن الحديث يجري عن تجربة نوويّة، ليس بسبب رصد القمر الصناعي “فيلا”، إنّما بسبب مؤشرات أخرى.
وكشف الصحافي الأميركي، سيمور هيرش، في سبعينيّات القرن الماضي، أن إسرائيل أجرت بين ثلاثة إلى خمسة تجارب نوويّة تحت الغيوم التي حجبتها عن الأقمار الصناعيّة، إلا أنّ إشعاع إحدى التجارب انفلت من الغيوم ورصدته الأقمار الصناعيّة.
أمّا عن أسباب تستّر الرئيس الأميركي، فتقول المجلّة إنه بسبب ترشحّه لولاية ثانيّة في الانتخابات، وكانت حملته الانتخابيّة تركّز على “إنجازاته في العلاقات الخارجيّة”، مثل مفاوضات السلام التي جرت بين مصر وإسرائيل، التي رجّحت الإدارة الأميركيّة أن تتفجّر لو كشفت عن إجراء إسرائيل تجارب نوويّة، بالإضافة إلى انشغال كارتر بعدد من القضايا الخارجيّة، مثل ما ستعرف لاحقا بقضيّة احتجاز الرهائن في السفارة الأميركيّة بطهران، ما هدّد كلّ إرث كارتر.
وكان من شأن الكشف عن التجربة النووية الإسرائيلية أن يجبر إسرائيل على التعامل ليس فقط مع معاهدة حظر انتشار النووي، إنما مع التشريعات الأميركيّة لحظر هذه الانتشار.
وبحسب المجلّة، فإنّ رفض الولايات المتحدة الإقرار بالترسانة النووية الأميركيّة دمّر مصداقيّتها في منع انتشار السلاح النووي.