بقلم غالب قنديل

العرفان لإيران أقل الواجب

غالب قنديل

يردد بعض خصوم المقاومة باستمرار انتقادا لعلاقتها الوثيقة بالجمهورية الإسلامية في إيران ولهذا الموضوع وجهان متداخلان عقائدي وسياسي فارتباط حزب الله بالقيادة الإيرانية منذ تأسيسه هوارتباط فكري عقائدي يتوجب احترامه بقدر ما هوسياسي نضالي في آن معا ويستحق الدراسة والفهم.

إن أي متابع أو باحث منصف وموضوعي يعاين تجربة المقاومة يمكنه ان يحصي عشرات المزايا ومصادر القوة التي وفرتها هذه العلاقة بين قيادة حزب الله وإيران وكيف وظفتها المقاومة في مصلحة لبنان خلال ما يتجاوز ثلاثين عاما متواصلة كما بإمكانه اكتشاف درجة احترام إيران للخصوصيات اللبنانية وعدم تدخلها في الخيارات والمواقف وشؤون الداخل اللبناني بل احترامها للتقدير الذي تخلص إليه قيادة حزب الله كقوة سياسية لبنانية تحترم طهران حقها المطلق في صياغة خيارها الوطني التحرري وتجسيده في مواقفها وتحركاتها وتحالفاتها.

التضامن اللبناني مع إيران في وجه ما يستهدفها من  حصار وعدوان هو أضعف الإيمان فمنذ قيام الجمهورية الإسلامية بعد انتصار ثورة الإمام الخميني كانت إيران دولة داعمة للبنان في وجه الاستهداف العدواني الصهيوني وهذا ما تجسد بقوة منذ الاجتياح الصهيوني عام 1982 إلى اليوم وقد أضافت الكثير من الوقائع حصيلة السنوات المنصرمة منذ طرد الاحتلال من معظم الأراضي اللبنانية عام 2000 بدعم إيراني وسوري حظيت به المقاومة اللبنانية في نضالها.

أولا إن التضامن مع إيران هو حصيلة طبيعية ومنطقية لوحدة النضال في المنطقة ضد الهيمنة الاستعمارية الغربية الصهيونية خصوصا وان من أعمق دوافع وأسباب استهدف إيران مساندتها للمقاومة التي حررت الأرض اللبنانية وخلال حرب تموزالتي قادتها الولايات المتحدة ومعها حلف دولي عربي واسع كانت إيران مع لبنان وشاركت في تدعيم قدرات المقاومة العسكرية والإعلامية بل إنها كانت شريكا بعد انتصار المقاومة في إعادة بناء ما دمره العدو من خلال الهبات المالية وعبر انخراط مؤسسات إيرانية ساهمت مباشرة في جهود البناء بعد العدوان وفي ترميم الطرقات والجسور وتأهيلها وكانت تلك الجهود تجري وتبذل بكل تواضع وصمت بينما كانت بعض الحكومات العربية التي شاركت في تغطية العدوان توجه هباتها ومساعداتها لتأليب اللبنانيين على بعضهم ولتحريضهم ضد المقاومة في توقيت حرج أقل ما يستدعيه هو التضامن ووحدة الموقف امام الاستهداف الوجودي.

ثانيا تكرر هذا المشهد نفسه في السنوات الأخيرة وعلى نطاق اوسع وأخطر خلال غزوة القاعدة وداعش التي دعمها الحلف الأطلسي والحكومات العربية التابعة التي احتضنت شيوخ التفكير سياسيا ومخابراتيا وإعلاميا وماليا وعسكريا وسوقت لفتنة خطيرة في لبنان في حين وقفت إيران بثبات إلى جانب الجهد الوطني الذي بذلته المقاومة وحلفاؤها بالشراكة مع الجيش في مطاردة عصابات الإرهاب واستهداف اوكارها وشاركت إيران بكل جهد سياسي وإعلامي يرسخ الوحدة الوطنية للبنانيين ويطوق محاولات إثارة الشروخ الطائفية والمذهبية ووقفت بكل طاقتها داعمة لقيادة حزب الله في هذا التوجه وحركت علاقاتها العابرة للطوائف والقوى السياسية المحلية في تجسيد هذا التوجه وترسيخ خيار الوحدة الوطنية ضد العدوان التكفيري وداعميه وتكفي المقارنة بين موقفي إيران وخصومها ثم السؤال عن المصلحة اللبنانية بعدما انقضت سنوات مريرة من الكفاح ضد عصابات القاعدة وداعش التي عملت لتدمير لبنان وإغراقه في طواحين الدم.

ثالثا إن مشاركة إيران المباشرة في الدفاع عن العراق وسورية ضد غزوة التكفير ساهمت وبقوة في حماية لبنان وأي إنسان طبيعي على صلة بالتاريخ والجغرافية مهما كان وعيه  محدودا او سطحيا  يستطيع فهم النتائج والتداعيات الكارثية على لبنان في جميع المجالات وبجميع المعايير لولا الهزائم التي ألحقت بفلول داعش والقاعدة في هذين البلدين الشقيقين وحيث قدمت إيران شهداء من أبنائها والانتصارات السورية والعراقية لم تكن ممكنة لولا المساندة الاقتصادية والسياسية والعسكرية المباشرة التي قدمتها إيران للجيشين السوري والعراقي ولقوى المقاومة الشعبية التي انخرطت في القتال ومنها المقاومة اللبنانية وبهذا المعنى فإن لبنان مدين بحماية وجوده إلى حيوية الدعم الإيراني والمشاركة الإيرانية في التصدي للخطط الأميركية الغربية والصهيونية في الشرق العربي وكل محاولة للتقليل من اهمية الموقف الإيراني والدعم الإيراني والتضحيات الإيرانية المتواصلة ليست مجرد جحود ونكران جميل بالمعنى الأخلاقي والسياسي بل هي إشارة ارتباط وتبعية تقوم على تزوير الحقائق وقلب الوقائع بحملات الدجل والكذب المنظم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى