خمسة عناوين من دون اجتماعها… البحث في السلاح معصية: ناصر قنديل
– يشكّك البعض في خلفيات الذين يدافعون عن سلاح المقاومة ويتمسّكون بما هو أكثر من بقائه، فيستنكرون مجرد وضعه في التداول ويستغربون أن يصدر ذلك عن أي وطني عاقل، لا تحرّكه حسابات خارجية لا علاقة لها بالمصالح الوطنية اللبنانية. ويحاول هذا البعض تشويه خلفية الموقف المتمسك بالسلاح والداعي لسحب الجدل حوله من التداول، لأنه تداول لن يكون بمنأى من الاستغلال الإسرائيلي، فيصوّرون الخلفية ذات صلة بمحاور إقليمية أو ترجيح موازين قوى محلية، بعكس ما تقول تجربة سلاح المقاومة على الأقل منذ أن اكتشف خصومه أنه أهم بكثير مما كانوا يتخيّلون، عندما كانوا يشككون بفاعليته في إجبار إسرائيل على الانسحاب من الجنوب اللبناني بعدما سقطت وصفاتهم البديلة و الجميلة تباعاً بضربات المكر الدولي والحماية المفتوحة الممنوحة لـ إسرائيل ، كما فاعليته في ردع إسرائيل عن العدوان وتوفير الحماية للبنان.
– إذا توقفنا عن تبادل الاتهامات وفكرنا بعقل بارد لبناني صرف، ونسينا التزامنا الأخلاقي والوطني والإنساني والعربي بفلسطين والقضية الفلسطينية، فإن بيننا وبين إسرائيل أربعة عناوين عالقة لا يمكن لعاقل أن يبحث في مصير سلاح المقاومة بدون اجتماعها كلها محققة ومنجزة على الطاولة، أولها الأراضي المحتلة، وثانيها تثبيت وتكريس الحق اللبناني في استثمار ثرواته المائية والنفطية والغازية، وثالثها ضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، ورابعها وقف الانتهاكات البحرية والبرية والجوية للسيادة اللبنانية، وكلها اليوم قضايا ساخنة وراهنة، يشعر الإسرائيلي والأميركي بوطأة قوة سلاح المقاومة في منعه من فرض رؤيته لها، ولا يمكن فهم تناول مستقبل السلاح المقاوم في ظل هذه المعادلات الضاغطة، إلا كامتداد لطلب أميركي هادف لتوفير شروط أكثر ملاءمة لـ إسرائيل في التفاوض على ترسيم الحدود البرية، خصوصاً في مزارع شبعا، وترسيم الحدود البحرية خصوصاً في مناطق النفط والغاز، والسير بحلول لقضية اللاجئين الفلسطينيين ليس بينها العودة تطبيقاً لمندرجات صفقة القرن التي يرفضها الفلسطينيون ويفترض أن لبنان يرفضها أيضاً. فكيف يتعرّى لبنان من أهم مصادر قوته، وبماذا يمكن له التعبير عن حضوره في معادلات الرفض والقبول؟
– بالمعيار الوطني البسيط يصير مفهوماً بعض الكلام عن السلاح المقاوم، لو كنا أمام قوى سياسية قاتلت لسنوات لمواجهة الخطر الصهيوني، وأنتجت بناء دولة قوية وقادرة وجيش مجهّز بكل أسباب القوة والسلاح والمقدرة على منع العدوان وحماية الحدود والحقوق. والتحذير من هذا الخطر موجود منذ قرن في الأدبيات اللبنانية، كما وصفه مؤسسو اليمين الكياني اللبناني، ولا نتحدث هنا عن تحذيرات الزعيم أنطون سعاده أو مفكّري اليسار والقومية العربية، او الإمام السيد موسى الصدر، بل عن شارل مالك وميشال شيحا وموريس الجميل. ولذلك فالعنوان الخامس الذي لا تستقيم وطنية دعاة نقاش مصير السلاح من دونه هو جيش مجهّز على الأقل بقدرة دفاع جوي وقدرة ردع صاروخي، والمانع أمامهما هم أصدقاء واشنطن من اللبنانيين، لأنهم يمنعون الجيش من التزوّد بسلاح روسي تزوّد به الكثير من حلفاء واشنطن وأعضاء الناتو، وها هي تركيا مثال، لكنه ممنوع على لبنان.
– أيّها السادة، حديثكم عن السلاح اليوم معصية موصوفة، وإن ارتكبتم المعاصي فاستتروا!