زيارة وزير الخارجية الأردني لإيران: كلمة السرّ الغربية حميدي العبدالله
قام وزير خارجية الأردن بزيارة إلى طهران هي الأولى لوزير خارجية أردني منذ فترة طويلة.
وزيارات المسؤولين الأردنيين إلى أيّ دولة في المنطقة تحمل دائماً دلالات ورسائل. الأردن من الدول القليلة في المنطقة التي ترسم سياساتها العربية استناداً إلى تنسيق كامل مع الحكومات الغربية، ولا سيما مع الإدارة الأميركية. صحيح أنّ الحكومات الأردنية المتعاقبة منذ إبعاد غلوب باشا أبو حنيك عن سدة المسؤولية في الأردن في منتصف عقد الخمسينات من القرن الماضي، كانت تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع والتوازنات الإقليمية، ولم تتجاهل هذه التوازنات ولا مرة واحدة، واضطرت أحياناً إلى اعتماد سياسات لا تعبّر تماماً عن السياسات الغربية، ولكن في الغالب كانت السياسات الأردنية معياراً لقياس طبيعة التحوّلات التي يشهدها الإقليم في ظلّ الصراع بين الدول الغربية التي تسعى إلى الهيمنة والنفوذ وبين شعوب المنطقة التي تسعى إلى التحرر.
ولكن في حالات محدّدة، تعبّر زيارات المسوؤلين الأردنيين إلى عواصم دول في منطقة كانت في حالة صراع حادة مع الغرب، وتحديداً مع الولايات المتحدة، عن تغيّر في اتجاهات السياسة الغربية، إزاء هذه الدول، وبهذا المعنى فإنّ زيارات المسؤولين الأردنيين إلى هذه العواصم بمثابة كلمة سرّ غربية، تشير إلى انتهاء مرحلة الصراع، أو على الأقلّ انتهاء مراحل القطيعة والصراع المفتوح.
زيارة الملك الأردني عبدالله الثاني إلى دمشق في أعقاب الأزمة التي عاشتها سورية بعد اتهامها باغتيال الرئيس رفيق الحريري، بعد عام 2005، كانت مؤشراً على عودة العلاقات الأوروبية – السورية، والأميركية – السورية لاحقاً. واليوم زيارة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة هي إشارة إلى تغيير جذري في السياسة الغربية إزاء إيران في ضوء الاحتمالات المرجحة للتوصل إلى اتفاق حول ملف إيران النووي ينهي الحصار وحالة العداء وحشد الدول ضدّ إيران. ولم يكن خارج التوقعات في ضوء تجارب سابقة أن يكون الأردن في طليعة الدول التي تعبّر عن وجهة الأحداث والتطورات الجديدة عبر مبادرات مسؤولين أردنيين زيارة طهران.
إضافةً إلى هذه الدلالات التي تحملها زيارة ناصر جودة إلى إيران، لا شك أنّ ثمة مصالح وطنية أردنية، كان لها دور إضافي في تحديد موعد الزيارة وربما أيضاً في تحديد جدول أعمالها. فمن المعروف أنّ إيران اليوم باتت لاعباً إقليمياً مؤثراً، ولها حلفاء أقوياء في سورية والعراق، ومعروف أنّ الأردن يشترك بحدود طويلة مع هذين البلدين. ومن البديهي أنّ للأردن مصلحة في الانفتاح على إيران والتعاون معها طالما أنّ ذلك لم يعد محظوراً من قبل الحكومات الغربية.
(البناء)