بقلم غالب قنديل

محاصرة سورية من لبنان

غالب قنديل

الحصار الاقتصادي بالعقوبات المالية والمصرفية المحكمة هو أداة هيمنة استعمارية تستخدمها الإمبراطورية الأميركية لكسر إرادة التحرر والمقاومة في العالم ومما يدعو لشعور أي وطني عروبي في لبنان والأردن والعراق بالخزي ان تكون بلاده منصة مباحة لممارسة الضغوط الأميركية ولفرض الحصار على قلب العروبة سورية التي كانت دائما إلى جانب أشقائها في الشدائد وفي جميع المراحل الصعبة التي عاشتها البلدان الثلاثة منذ تقسيم المنطقة العربية تحت المشيئة الاستعمارية.

 

ليس من المبالغة القول إن لبنان هو اخطر منصات محاصرة سورية وهو مصدر أشد العقوبات إيلاما على الاقتصاد الوطني السوري لعرقلة تعافيه ولمنعه من النهوض كوسيلة لإعاقة عودة الدور السوري العروبي التحرري في المنطقة وهذا ما تخشاه دوائر التخطيط الأميركية الصهيونية التي استهدفت هذا الدور القومي أصلا عبر إشعال حرب كونية لتدمير المركز التحرري العربي السوري والنيل منه.

إذا استثنينا العاملين الوحيدين الإيجابيين وهما التنسيق الوثيق الجاري والمستمر بين حزب الله والجيش العربي السوري في مجابهة العدوين التكفيري والصهيوني وكذلك المبادرات التي يقودها اللواء عباس ابراهيم بتفويض رئاسي والتي اتاحت عودة اكثر من ثلاثمئة ألف نازح سوري تكون الحصيلة السلبية النافرة هي أن لبنان اليوم هو منصة لمحاصرة سورية.

1-    بناء على تعليمات وزارة الخزانة الأميركية وخشية عقوباتها المشددة تفرض المصارف اللبنانية قيودا على ودائع سورية تقدر بحولي العشرين مليار دولار لحجبها عن دورة الاقتصاد السوري ولمنع استثمارها في مشاريع إعادة بناء سورية بعد الحرب وتنسف المصارف اللبنانية كل لغوها عن النظام الحر ورفض تقييد حركة الأموال التي كانت تقليدا لبنانيا ثابتا وعلامة تفاخر تاريخية.

2-    تستجيب السلطات اللبنانية للشروط الأميركية المانعة لأي تطوير جدي للعلاقات اللبنانية السورية الباقية تحت خط الإدارة الروتينية  الرتيبة ودون مستويات التعاون والشراكة الإقليمية ورغم الكلام الكثير عن طموحات المشاركة في ورشة إعمار سورية فإن أي مبادرات جدية من جانب لبنان نحو الشقيقة السورية لم تتخذ لبحث هذا الأمر او غيره من الهموم المشتركة.

3-    مرت المبادرة السورية لتسهيل الصادرات اللبنانية وعبورها منذ فتح المعابر السورية الأردنية دون أي التفاتة لبنانية تذكر ولم تقابل بخطوات مشتركة للتنسيق الاقتصادي وظلت بعض المبادرات الوزارية عند حدود المجاملات الأخوية ولم ترق إلى تطلع الانتقال قدما في خطوط الشراكة اللبنانية السورية والمصالح المشتركة.

4-    الحملات الأميركية البريطانية الصهيونية والفرنسية حول المعابر البرية بين لبنان وسورية وجميع اصدائهاوتفاعلاتها المحلية تستهدف تضييق الخناق على سورية وتقطيع الأوردة الطبيعية بين البلدين والتخطيط الغربي يستهدف إحكام الرقابة بخبرات اجنبية وبتقنيات حديثة لمنع تسرب أي مشتريات سورية تسهم في الحد من وطأة الحصار الاقتصادي وأهدافه السياسية المتمثلة بكسر الإرادة السورية التحررية والغرب الذي يتغنى بصداقته الساسة اللبنانيون يحاصر سورية ولا يترك لهم الهامش الذي منحه لتركيا والعراق والإمارات وعمان في حصاره لإيران وهم راضخون.

5-    تستمر الضغوط الأميركية الأوروبية لعرقلة المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى وطنهم ولاعتراض مبادرات الأمن العام اللبناني بالشائعات والأكاذيب بينما ظل الموقف اللبناني الرسمي محصورا ببعض التصريحات ولم يتحول إلى خطوات زاجرة تليق بتدخلات اجنبية عدائية.

السؤال يطرح نفسه على جميع الوطنيين والسياديين في لبنان ماذا تفعلون إن كنتم صادقين في الدفاع عن استقلال بلدكم او كنتم صادقين في عروبتكم وفي تضامنكم مع القلعة القومية التي شكلت لمقاومتنا السند والحاضن في احلك الظروف وها نحن في ذكرى حرب تموز وشراكة المصير التي لا يطويها الزمان .

إن هذا الموضوع يستدعي نقاشا ومعالجة وتحركا واسعا والصمت عليه غير جائز بأي تبرير والاهتمام به اولوية تتخطى جميع الهموم الصغيرة والتفاصيل المقيتة التي تستغرق الجهود بلا طائل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى