بقلم غالب قنديل

تحالف عدوان تموز وكتلة الانتصار

غالب قنديل

حرب تموز العدوانية التي رسمت لها اهداف خطيرة وكبيرة تضمنت تهجير قسم من اللبنانيين إلى خارج بلدهم بتفريغ الجنوب من سكانه وتحويله إلى منطقة يضمها الكيان الصهيوني كما يفعل في الجولان والضفة الغربية وفي احسن الأحوال توضع تحت وصاية الأمم المتحدة بوصفها منطقة امنية عازلة تحمي حدود كيان العدو كما حاولت كونداليسا رايس ان تفعل واحبطت خطتها في حلقات التفاوض الصعب مع الرئيس نبيه بري.

 

كانت حربا لحلف دولي إقليمي واسع انضوت فيه حكومات عربية وغربية قدمت الدعم السياسي والإعلامي واللوجستي والمخابراتي لجيش العدو قبل اندلاع المعارك  وخلالها وبعدها وكان ذلك الحلف الكبير الذي تخطى العشرين حكومة أجنبية إضافة إلى مجموعة شرم الشيخ الإقليمية مواكبا لجميع عمليات العدوان شريكا فيها بقيادة الولايات المتحدة.

حشدت فرق مخابرات وأقمار صناعية واجهزة تجسس واستنفرت سفارات في بيروت ونيويورك وأساطيل من المراسلين والصحافيين لتكون في خدمة الكيان الصهيوني وحربه للقضاء على المقاومة اللبنانية بينما أدت الجهود والضغوط والتدخلات وسيول الأموال النفطية التي انفقت إلى شرخ لبناني كبير أريد به عزل المقاومة وتجريدها من التضامن الشعبي والسياسي لكن كان بالمرصاد حلف وطني كبير قام حول المقاومة ضم قوى الثامن من آذار والتيار الوطني الحر جنبا إلى جنب وبعد تموز سعى الحلف الأميركي الرجعي الصهيوني لستر خيبته وانكسار مخططه وسعى بكل قوة لتفكيك حلف المقاومة وطنيا بقدر ما جهد للنيل من محور المقاومة الإقليمي من خلال العدوان الاستعماري على سورية الذي حشدت لها آلة عدوان ضخمة بإمكانات هائلة وبعديد توسع هذه المرة ليضم عشرات الحكومات ومن خلال الضغوط المتواصلة ضد إيران.

قرارالحرب على سورية كان استكمالا لعدوان تموز بشكل خاص وقد كانت حربا بالوكالة لتدمير سورية بواسطة عصابات الأخوان وداعش والقاعدة متعددة الجنسيات ومجددا كانت إرادة المقاومة والصمود السورية حاضرة بقوة وظل الثبات الإيراني على خيار التحرر والاستقلال داعما لكل بادرة مقاومة وصمود في المنطقة بينما حولت المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله كعادتها التهديدات إلى فرص فبينما امل العدو بتحول الميدان السوري إلى بؤرة نزيف ومستنقع رمال يبتلع قدرات المقاومة ومحورها ويبددها باستنزاف طويل وخطير.

 انقلب حضور حزب الله في سورية ودوره الحاسم والقوي في دحرفلول الإرهاب في لبنان وسورية والعراق إلى مرتكز لانبثاق قوته الإقليمية وتحولها نموذجا يستلهمه المدافعون عن حقهم في الحياة والكرامة وتوالدت نظائر للمقاومة في العراق واليمن وترسخت التجربة في فلسطين بقوات شعبية مقاومة مقاتلة تحاكي نموذج الحزب وهو ما بات يسميه الصهاينة والأميركيون وأذنابهم من طبول الدعاية والقرقعة بحزب الله الإقليمي.

كتلة النصر في تموز هي داخل لبنان ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة وهي محور المقاومة وفصائلها في المنطقة وبينما يشتد حلف المقاومة تلاحما عصفت انقسامات وخلافات خطيرة داخل الحلف الإقليمي للعدوان الأميركي الصهيوني المتواصل.

الانقسام  داخل المحور الرجعي متفاقم إلى حد بعيد بدون ان يعني انقلابا على الخيارات الأساسية فالإمبراطورية الأميركية استطاعت ان تدير منظومتها العميلة المنقسمة وتسخرها لأدوار ترسمها في واشنطن في خدمة مشاريع الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية وحولت الانقسامات والخلافات بين حكومات قطر والسعودية وتركيا إلى تمايزات وظيفية في خدمتها لكن ذلك دون شك أضعف اندفاعة حلف العدوان الاستعماري الصهيوني وأظهر وجود ثقوب كبيرة في الهيكل وكان تأسيسا لصراعات تآكل واستنزاف تستهلك طاقة القوى الرجعية العميلة في اكثر من بلد عربي.

لبنان الذي فرضت توازناته مساكنة بين محوري المقاومة والعدوان يواصل الموالفة مع المعادلة الصعبة ويتعرض لموجات متلاحقة من الضغوط التي تهدد توازناته الهشة وما من عاقل يبرئ التزامن بين استثمار الشح الاقتصادي والابتزاز الذي يمارسه الحلف الغربي ماليا بالعقوبات وبين الأحداث الأمنية المنظمة والاضطراب السياسي الذي اطل من شبابيك الهياج الكبير لعصبيات التناحر الطائفي والمذهبي.

بينما المقاومة تتابع صمودها وكما في جميع ميادين المنطقة وبلدان المحور تواجه المقاومة خطة مستمرة للنيل من منظومة الانتصار بتصعيد الضغوط على الشعب والجيش والمقاومة وبعرقلة أي تطور في علاقات السلطة اللبنانية بكل من سورية وإيران او بالدول الشرقية الحليفة التي ساندت حق المقاومة بالدفاع عن وطنها في تموز وشاركتها في التصدي لغزوة التكفير الأميركية الصهيونية بالفعل.

الصمود والتمسك بخيار المقاومة والتماسك الاستباقي لصد أي عدوان محتمل هي ثوابت حاضرة في وجدان المقاومة وانصارها لكن ما ينبغي تطويره هو التيار الاستقلالي المقاوم العابر للطوائف الذي لا بد ان ينطلق بمبادرات شعبية دفاعا عن المقاومة ورفضا للوصاية الأميركية المجسدة بالعقوبات والتدخلات الاستعمارية المالية والاقتصادية التي تخدم العدو الصهيوني ومصالحه وخطط الهيمنة الغربية.

لا تتركوا حزب الله وحده ولا تنتظروا منه طلبا هذا هو نداؤنا لكل وطني تحرري يرفض الهيمنة الاستعمارية ويؤمن بفكرة المقاومة الشعبية للتحرر من الهيمنة والتبعية ولتتفتح ألف زهرة في هذا الحقل بالكلمات والمواقف والهتافات وبكل تعبير ممكن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى