الانتخابات «الإسرائيلية… الضفة بعد الجولان وصفقة القرن والفخ «الإسرائيلي» حسن حردان
كما هي العادة في كلّ انتخابات يشهدها كيان العدو الصهيوني، فإنّ التنافس بين الأحزاب الصهيونية على كسب أصوات المستوطنين يقوم على التسابق بينهم في إبداء الاستعداد، في حال الفوز، بقضم والاستيلاء على المزيد من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني… وأحدث موقف في هذا السياق، عشية إجراء عمليات الاقتراع، يوم غد الثلاثاء، كان لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي أدلى بتصريح غير مفاجئ، بل متوقع، أكد فيه، انه إذا فاز في الانتخابات سيقوم بضمّ الضفة الغربية المحتلة إلى كيانه الاحتلالي، وأنه لن يتخلى عما أسماه «قلب إسرائيل» مستوطنات الضفة الغربية الصغيرة والكبيرة.. وطبعاً التحالف المنافس، لحزب الليكود برئاسة نتنياهو، وهو «أبيض أزرق»، الذي يقوده الجنرالات، رؤساء الأركان السابقين للجيش الصهيوني، بيني غانتس، موشيه يعالون، وغابي اشكنازي، لا يقلّ شراسة في مواقفه المعادية للحقوق العربية عن مواقف نتنياهو، لا سيما أنّ قائمة «أزرق أبيض» الانتخابية التي يرأسها غانتس تضمّ عدداً من غلاة المتطرفين. فإلى جانب موشيه يعلون المعروف بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين ومعارضته لإقامة دولة فلسطينية، شملت القائمة اثنين من اليمين المتطرف وهما يوعز هندل وتسفي هاوزر، وكانا مقرّبين من نتنياهو وشغلا مناصب مهمة في حكومته. ويشغل هندل منذ 2012 منصب رئيس «المعهد لاستراتيجية صهيونية»، وهو المعهد اليميني المتطرف الذي صاغ «قانون القومية»، واضطلع بدور مهمّ في وضع السياسة اليمينية المتطرفة لحكومة نتنياهو…
ويشدّد غانتس على أهمية الأمن بالنسبة إلى «إسرائيل»، ويطرح نفسه بديلاً من نتنياهو، وهو لا يختلف عن نتنياهو، أو حزب الليكود لناحية الموقف من المسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومصير الجولان السوري المحتل، أو مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية، والصراع العربي الإسرائيلي عموماً. فقد أكد غانتس أنّ «أمن إسرائيل» يحتلّ الأولوية العليا بالنسبة إليه، وأنه سيحققه «بقوة إسرائيل العسكرية وبالعمل على التوصل إلى اتفاقيات سلام»، تحافظ «إسرائيل» بموجبها على القدس والكتل الاستيطانية وغور الأردن مع تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية والجولان السوري المحتلّ..
ويلاحَظ أنّ هذه المواقف لرئيس تحالف أزرق أبيض، غانتس، تشبه مواقف الليكود ورئيسه نتنياهو، لهذا وجد الأخير، الذي يواجه منافسة انتخابية شديدة، مترافقة مع تحقيق باتهامات بالفساد موجهة اليه، وكذلك تحميله المسؤولية عن تآكل وانهيار قوة الردع الصهيونية، وجد نتنياهو أنّ السبيل لتعزيز شعبيته والفوز بالانتخابات وبالتالي حماية مستقبله السياسي وتحصين نفسه في مواجهة الاتهامات الموجهة اليه، إنما يكمن في أن يتفوّق على خصومه في تحقيق الأطماع الصهيونية التوسعية في الأرض العربية، وهذا الأمر لا يكون إلا من خلال الحصول من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على ما لم يتمكّن من الحصول عليه، أيّ رئيس حكومة صهيوني سابق، وفي السياق عمد، بالاتفاق مع اللوبي الصهيوني الاميركي في واشنطن، في البداية، الى ممارسة الضغط على الرئيس ترامب، للاعتراف بالقدس المحتلة، عاصمة موحدة للدولة الصهيونية، وفي مرحلة ثانية الحصول منه على اعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتلّ.. وهو ما حصل.. من خلال استغلال حاجة ترامب إلى دعم اللوبي، لمنع المحقق الأميركي مولر من إصدار تقريره بإدانة ترامب في مسألة حصوله على مساعدة روسية في انتخابات الرئاسة الأميركية التي فاز فيها.. وبالفعل، بعد أن أعلن ترامب الاعتراف بضمّ الجولان لكيان العدو، أقدم المحقق مولر على إصدار تقريره، خال من أيّ إدانة لترامب.. طبعاً ما شجع نتنياهو وترامب، على أخذ هذه القرارات العدوانية واستباحة الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان، التخاذل والتواطؤ والضعف الرسمي العربي، وغياب ردّ فعل قوي ضدّ الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال الصهيوني.. على انّ نتنياهو وجد في هذا الدعم الغير المسبوق، من قبل أيّ رئيس أميركي سابق، ما يشجعه على اقتناص الفرصة وإطلاق تصريحه الذي وعد فيه الصهاينة بضمّ الضفة الغربية المحتلة، في حال فاز بالانتخابات، وذلك قبل 48 ساعة من بدء عمليات الاقتراع.. ما يؤكد أنّ التسابق والتنافس بين الأحزاب الصهيونية إنما هو على من يثبت مقدرته أكثر من الآخر على تحقيق المزيد الأطماع الصهيونية، لكسب أصوات الصهاينة الذين يميل بمعظهم، كما أظهرت استطلاعات الرأي، إلى دعم الأحزاب اليمينية المتشددة والمتطرفة والعنصرية والأكثر عداء للعرب وحقوقهم.
والخطير أنّ تصريح نتنياهو، الذي كان منتظراً، بعد قرار ترامب دعم كيان العدو بضمّ الجولان، ترافق مع تقرير سربّته الصحافة «الإسرائيلية» عن استعداد نتنياهو إعلان الموافقة، بتحفظ، على صفقة القرن، التي سيعلن عنها ترامب، بعد الانتخابات «الإسرائيلية»، وانّ نتنياهو ينتظر رفض السلطة الفلسطينية للصفقة، حتى يبرّر إعلان ضمّ الضفة الغربية إلى كيان الاحتلال، وإقناع ترامب الاعتراف بذلك، على غرار الاعتراف بضمّ الجولان…
يبدو أنّ هذا الأمر يشي بفخ «إسرائيلي» ـ أميركي، يستهدف ممارسة الضغط من قبل الأنظمة العربية الرجعية على السلطة الفلسطينية للقبول بصفقة القرن، التي سيعلن عنها ترامب، تحت ذريعة قطع الطريق على نتنياهو، باستغلال رفض الصفقة، للقيام بإعلان ضمّ الضفة الغربية، وانّ ترامب سيؤيّد قرار نتنياهو لأنّ السلطة لم تتجاوب معه.
انّ ما تقدّم يؤكد مجدّداً أنّ الرهان على تغيّر في الموقف الصهيوني لمصلحة التسوية وحلّ الدولتين إنما هو مجرد وهم، وأنه كلما تراجع الموقف الرسمي العربي والفلسطيني، كلما شجع ذلك الأحزاب الصهيونية على المزيد من تحقيق أطماعها التوسعية في الأرض العربية، كما أنه ثبت انّ الرهان على موقف أميركي محايد ووسيط لإيجاد حلّ او تسوية إنما هو أيضاً وهم، سقط سقوطاً مدوياً، باعتراف ترامب بالقدس عاصمة موحدة لكيان الاحتلال وبالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتلّ.. وبالتالي فإنّ الرهان الوحيد المتبقي والذي أثبت قدرته ونجاعته، في لبنان وقطاع غزة، إنما هو سلوك طريق المقاومة الشعبية المسلحة طريقاً لتحرير فلسطين والأراضي المحتلة في الجولان وجنوب لبنان، والتمسك بالحقوق العربية ورفض ايّ مساومة أو تفريط فيها…