لماذا تصاعدت استفزازات الإرهابيّين في إدلب؟: حميدي العبدالله

معروف أنّ الدولة السورية وحليفيها الروسي والإيراني أعطيا الرئيس التركي، شريك روسيا وإيران في مسار أستانا، فرصاً إضافية كثيرة لتحقيق ما التزم به، سواء في الاتفاق الموقع بين روسيا وتركيا في سوتشي والذي نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 20 كيلو متراً في محيط إدلب، أو تعهّد أردوغان في قمة طهران بالعمل على إقناع الإرهابيين بإلقاء السلاح، معروف أنّ إعطاء موسكو وطهران فرصاً إضافية لأنقرة شريكتهما في مسار أستانا ليس لأنّ ثمة رهانات لديهما على احتمال أن يستيقظ الرئيس التركي ويتخذ المبادرة الحاسمة ويصحّح مسار تركيا من الأحداث الجارية في سورية. موسكو وطهران على قناعة، كما دمشق، أنّ الرئيس التركي يسعى للّعب على حبال الصراع الدائر بين الولايات المتحدة مدعومةً من الحكومات الغربية، وبين روسيا وإيران، وأنّ موسكو وطهران لا ترغبان ببساطة تسهيل انتقال أردوغان إلى ما كانت عليه تركيا عضواً منضبطاً بالسياسات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة .

لكن موسكو وطهران ليستا من السذاجة والضعف ما يجعلهما تسلّمان وتستسلمان للسياسة التركية التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولديهما الكثير من الخيارات لمنع التمادي في هذه السياسة.

لكن ما دفع ويدفع موسكو وطهران لمنح الرئيس التركي المزيد من الفرص، يكمن في انتظارهما لما ستؤول إليه الصراعات داخل الإدارة الأميركية حول الانسحاب من سورية، لأنّ استراتيجية سورية وروسيا وإيران في حال الانسحاب الأميركي شيء، وفي حال بقاء القوات الأميركية شيء آخر. في حال بقاء القوات الأميركية سوف يستمرّ التناقض بين أنقرة وواشنطن حول الموقف من شرق الفرات، وفي حال الانسحاب الأميركي فإنّ ثمة تسابقاً على من سوف يسيطر على المنطقة التي كان يتواجد فيها الأميركيون.

بديهي أنّ هذا الواقع يقود إلى التريّث والانتظار والترقب وعدم حسم الخيارات.

الجماعات الإرهابية في إدلب استغلت هذا الواقع وقامت بتصعيد استفزازاتها ضدّ الجيش السوري، والاعتداء على المناطق الآمنة في أحياء حلب وفي ريف حماه الشمالي. تقدير هذه الجماعات الإرهابية أنّ الجيش السوري لن ينجرّ إلى معركة كبرى في إدلب قبل جلاء الموقف الأميركي وما إذا كانت الولايات المتحدة ستسحب قواتها أم لا من سورية. ولأنّ لديهم تقديراً بأنّ ردّ الجيش السوري لن يتجاوز قمع التسلّلات وتوجيه ضربات تأديبية عبر الأسلحة الصاروخية، واظبت الجماعات على مواصلة اعتداءاتها واستفزازاتها، وقد تستمرّ هذه الحالة بضعة أسابيع وربما أشهراً أخرى، طالما أنّ الجدل في الولايات المتحدة حول الانسحاب من سورية لم يحسم.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى