التدخلات الأميركية تحاصر لبنان
غالب قنديل
خلال الشهر ذاته زار لبنان المفوضان العسكري والمالي للاستعمار الأميركي الذي يفرض وصايته على السلطة السياسية اللبنانية ويسعى لمحاصرة المقاومة ولتطويق النزعات السيادية والاستقلالية في صيغة حكم ائتلافي تضطر الإمبراطورية الأميركية لقبول التعايش معه على مضض بفعل خصوصية التركيبة اللبنانية وتوازناتها المعقدة وهي عانت كثيرا لدفع “حلفائها ” المحليين ورعاتهم في الخليج إلى قبول المساكنة الممكنة مع خصوم يجاهرون باختلافات وافتراقات كبيرة عن استراتيجيات الولايات المتحدة وحروبها في المنطقة والتصاقها بالكيان الصهيوني.
أولا الواصل أولا إلى لبنان كان قائد القوات الأميركية في المنطقة الوسطى التي تضم لبنان الجنرال جوزيف فوتيل الذي تواجد في بيروت يومي 21 و22 كانون الثاني وجال على الرؤساء والتقى قائد الجيش وبحث العلاقات التنسيقية وتقول المعلومات القليلة المتوافرة ان ما يشغل جنرالات البنتاغون في هذا الملف هو اعتراض ومحاصرة التنسيق القائم بين الجيش والمقاومة ونقل ما تثيره المخابرات الصهيونية واجهزة استخبارات الناتو داخل قوات اليونيفيل في لائحة اتهام للجيش بخرق القرار 1701 وبتقديم الدعم للمقاومة التي لا يتوانى مفوضو الاستعمار الأميركي عن وصفها بالإرهاب امام القادة اللبنانيين عملا بقاموس واشنطن المشترك مع تل أبيب وبكل وقاحة علما أنه حين كان الجيش اللبناني وحزب الله يقاتلان الإرهاب التكفيري في جرود لبنان كانت الولايات المتحدة مع حلفائها في الناتو والخليج تقود جحافل الإرهاب برمتها وتضمن الدعم المالي والعسكري للقاعدة وداعش قبل ان تمنى رهاناتها في سورية بهزائم متلاحقة.
ثانيا الموفد الأميركي الثاني ما يزال موجودا في بيروت وهو مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسليا أي مفوض الاستعمار الأميركي المالي والهدف أيضا هو التضييق على حزب الله وإحكام غلق النظام المصرفي في وجه مؤسسات الحزب الإعلامية والاجتماعية واعتراض أي تحويلات قد تتدفق لصالح الحزب ومؤيديه ومحيطه الشعبي المباشر من أي مكان في العالم وليس فحسب من إيران وثمة في قلب النظام المصرفي أيضا خدم وعملاء لواشنطن يمدونها بمعلومات تتحول إلى قاعدة لطلبات وإملاءات وتدابير تحت عنوان مطاردة تمويل الإرهاب والقرار الحكومي اللبناني هو التكيف مع الطلبات الأميركية بمنطق حصر الضرر بدلا من دراسة خيارات التنصل منها ومناقشة خيارات حماية الاقتصاد والنظام المصرفي من هذه الضغوط.
ثالثا ما يتداخل فيه مفوض الاستعمار المالي هو تفاصيل عمل بعض الوزارات كوزارة الأشغال التي حذر من تسهيلها لتزود طائرات الركاب السورية والإيرانية بالوقود في مطار بيروت الدولي معتبرا ذك العمل خرقا للعقوبات الأميركية وكذلك نقل عن هذا المندوب الاستعماري تحذيره من تسلم حزب الله لوزارة معنية بقروض او بهبات اميركية مما يعرضها لفاعلية العقوبات المالية وهو طبعا يستند إلى تقارير المخبرين اللبنانيين من عملاء الاستخبارات المركزية الأميركية ذوي الشأن في التركيبة السياسية الذين يرصدون الشاردة والواردة المتعلقة بالمقاومة ويضخونها في أرشيفات السفارات والمخابرات الغربية.
رابعا نسأل جميع الوطنيين اللبنانيين بكل براءة ماذا تفعلون في مجابهة الاستعمار الأميركي ونتساءل ألا تستحق هذه الضغوط والتدخلات تحركا او اعتصاما او يافطة على طريق المطار او على طريق عوكر ؟ وإذا كان القادة في المواقع الرسمية محرجين بفعل مواقعهم فماذا عن المنظمات الشعبية والطلابية ولم تنتظر الأحزاب والقوى الوطنية طلبا من حزب الله المستهدف وهو لن يطلب تحركا في عنوان يخصه او يستهدفه والحقيقة انه يستهدف البلد وسيادته واستقلاله ليفرض علينا وصاية استعمارية.
الضغط الأميركي لإضعاف التنسيق والترابط المصيري بين الجيش والمقاومة هو باختصار عمل يخدم إسرائيل ونواياها العدوانية ضد لبنان والعقوبات الأميركية المالية والاقتصادية تستهدف الاقتصاد اللبناني والشعب اللبناني وقد اتضح في المعلومات انها تحاصر علاقة لبنان بسورية وإيران من أدنى مستوياتها أي حركة الطيران المدني عبر بيروت يعني محاولة تقطيع شرايين التواصل الاقتصادي والشعبي بين لبنان وهاتين الدولتين الجارتين والشريكتين.
طوبى لزمان مضى كانت فيه جولة موفد استعماري تثير غليانا شعبيا وتظاهرات فما بالنا في خمود وخمول نتثاءب غير آبهين ونستقيل من أي فعل اعتراضي ولا نقيم وزنا للمخاطر الجدية بينما نتلهى بقشور فارغة نصيحتنا للقادة والمناضلين الوطنيين دعكم من قيادة حزب الله المقاوم فلديها ما يكفي لإشغالها من التحديات والقضايا التي تتصل بتطوير معادلات القوة واهتموا بفعل تقدرون عليه يبدو بسيطا لكن صداه سيكون عظيما والصمت هوان.