استياء جنبلاطي من عون وبري لايفاد ممثلين الى الجاهلية لكن التسوية بين جنبلاط وباسيل صامدة؟ – رضوان الذيب
حرب البيانات والتصريحات ومواقع التواصل الاجتماعي تعصف بالطائفة الدرزية، وتجاوزت في حدتها كل المحرمات واسقطت الخطوط الحمراء عن الزعامات، وهذا ما يؤكد عمق الازمة وصعوبة الحلول كونها في النهاية خلافات على خيارات سياسية وتحديداً منذ بدء الازمة السورية وحتى ما قبلها وبالتحديد العام 2005 وضعف الدور السوري في لبنان ووقوف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «قاتلا أو مقتولا» ضد النظام السوري وصولا الى تحريضه دروز سوريا عل الرئيس بشار الاسد في مقابل مؤيدين لسوريا وفي مقدمهم الوزير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب وقيادات درزية أخرى .
وحسب مصادر درزية على مسافة من الجميع، فان الخلافات مؤخرا تجاوزت كل شيء ووصلت الى ضرب الخصوصيات منذ حادثة الشويفات واستشهاد علاء ابي فرج وما تبعها في الجاهلية واستشهاد محمد ابو ذياب واعقبها تحالف بين ارسلان ووهاب «شربا حليب السباع» في مواجهة جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي ومشيخة الشيخ حسن، وامتدت الخلافات لتشمل كل الجسم الدرزي السياسي والديني، ولا شك في أن هذه الخلافات تصاعدت بعد تقدم الجيش السوري واعتقاد المعارضين لجنبلاط انها فرصة للتوازن الدرزي.
ويمكن تلخيص نقاط الخلاف العميقة على الشكل الآتي:
1- خلافات عاصفة مع تقدم الجيش السوري وخوض جنبلاط حرباً استباقية في هذا الامر.
2- خلافات عاصفة بين المشايخ حول زيارة وفد ديني الى مكة المكرمة وتأدية العمرة، وهذا الامر قابله مشايخ كبار جنبلاطيون وارسلانيون ووسطيون بالرفض، وهناك معلومات عن اجراءات دينية اتخذت في هذا المجال وحاول السفير السعودي ترتيب الامور ولم ينجح في ذلك، وما زال هذا الملف محور خلاف كبير.
3- تحضير عدد كبير من المشايخ البارزين زيارة الى الجمهورية الاسلامية في ايران.
4- قيام وفد من مشايخ الطائفة الدرزية ومكلفين من مشيخة العقل ومن الشيخ نعيم حسن بزيارة السويداء والاجتماع بمشايخ العقل الثلاثة «الهجري – جربوع – الحناوي» وتقديم مبلغ 175 الف دولار لتوزيعها على المحتاجين وتم تكليف لجنة دينية برئاسة الشيخ حكمت الهجري لتوزيع الاموال والسؤال: هل تمت الزيارة بدون علم جنبلاط؟ علما ان هذه الاموال تذهب للمرة الاولى الى مشايخ العقل المحسوبين على الدولة السورية وليس لجماعة «البلعوس» والمعارضين، وجرت نقاشات مستفيضة بين اعضاء الوفد والمشايخ الدروز، علما ان الاموال التي كانت ترسل من فلسطين وتجاوزت ملايين الدولارات كانت تذهب لمشايخ العقل المحسوبين على الدولة وكذلك المساعدات من كل دول العالم، الا المساعدات من قبل المشايخ المحسوبين على الاشتراكي فكانت الى جماعة «البلعوس» والاجهزة الامنية اللبنانية والسورية تعرف كل التفاصيل وبالاسماء وكيف صرفت بعض الاموال.
5ـ زيارة الوفد الديني من قبل الشيخ حسن لقيت رفضا عند المشايخ الدروز التابعين لارسلان، الذين ابلغوا القيادة السورية رفضهم لهذا التصرف، ويقال ان الامن العام السوري في جديدة يابوس تبلغ قراراً بمنع دخول اي وفد ديني من لبنان الا اذا كان يحمل تفويضاً من الشيخ ناصر الدين الغريب.
6- قيام مشايخ دروز محايدين بزيارة دمشق ولقاء مسؤولين سوريين، وذكر ان هذا الوفد يحظى بغطاء من مرجعيات دينية.
لكن السؤال الاساسي يبقى؟ هل ما جرى بعد «زوبعة» دعوة الشيخ الغريب الى القمة الاقتصادية بان ينسف الاتفاق او التسوية بين جنبلاط وباسيل وبين رئيس الجمهورية وجنبلاط؟ فالمصادر المتابعة تؤكد «ان التوافق سيستمر مهما بلغ الاستياء الجنبلاطي من حضور ممثل رئيس الجمهورية وممثل رئيس التيار الوطني الحر مهرجان الجاهلية وفي قلب البيت الجنبلاطي وعلى مدخل الشوف، رغم ان الاستياء الجنبلاطي شمل الرئيس بري لارساله محمد داغر ممثلا عن امل، وكذلك حزب الله الذي كان عليه مراعاة جنبلاط في مهرجان الجاهلية لخصوصيات شوفية، ووصلت رسائل «العتب» الجنبلاطية مباشرة او بالواسطة الى كل من حضر مهرجان الجاهلية.
اما بالنسبة للتسوية بين الاشتراكي والتيار فتقول المصادر «ان جنبلاط لم يتنازل «ببلاش» عن توزير صالح الغريب من حصة ارسلان في الحكومة، لانه اخذ وعداً من باسيل وبمباركة الرئيس عون باعطاء جنبلاط رئاسة اركان الجيش اللبناني لامين ابو عرم، والامن القومي وصلاحيات للشرطة القضائية، ورياض ابو غيدا في المجلس الدستوري وقاضية من آل ابو شقرا في مركز قاضي التحقيق العسكري، وعدم محاسبة الضباط في قوى الامن الداخلي المتهمين بارتكابات، عودة الموظفين الذين طردوا من وزارتي البيئة والطاقة بالاضافة الى تعيينات اخرى في المراكز الاولى والثانية في الدولة، علما ان جنبلاط وفي عهد الرئيس عون حصل على كل ما يريد درزياً مع تعيين زياد شيا في الاسواق الشعبيية يحيي خميس مديرا عاما لتعاونية موظفي الدولة، وليد صافي مفوض الحكومة في مجلس الانماء والاعمار، ياسر ذبيان مفوض الحكومة في مجلس الجنوب، حتى ان محافظ الجنوب منصور ضو «الحيادي» لم يتم تعيينه الا بعد الحصول على موافقة جنبلاط، كما ان الدكتور وليد عمار مدير عام وزارة الصحة محسوب على جنبلاط، كما تم تعيين صالح حديفه بمركز هام في وزارة الطاقة، وهذا لا ينفي مطلقاً أهمية المعنيين ونجاجهم بمهماتهم باعتراف الجميع، لكن ذلك يعني حصر كل الخدمات والتوظيفات في الدولة والقطاع الخاص بجنبلاط، اما الذين «بقوا دم قلبهم ليعلموا اولادهم بدون منة من احد فلا مكان لهم في هذا البلد والافضل التفتيش عن فرص عمل في بلاد الله الواسعة، اذا لم يأخذوا الطاعة من القيادات والزعامات» وما دام الدخول الى الدولة يحتاج الى «جمركجي» و«واسطة» وليس «الكفاءة»، وهذا ما رفع نسبة الاحباط الشامل في الدروز حيث النقمة تتوسع رغم كل التقديمات الانية التي لا تقدم او تؤخر وينتهي مفعولها فوراً، وبالتالي فان الخلافات الدرزية الاخيرة للمرة الاولى لا تحظى بالاهتمام من المواطنين الدروز الا من باب القلق على وضعهم الامني، والخلافات الاخيرة تقابل باستياء شامل من الاكثرية الصافية التي تتجاوز الـ50% حسب ما افرزته الانتخابات النيابية حيث التقدم البارز في المجتمع الدرزي كان للمجتمع المدني «الشاب» الذي لا يملك اي امكانات في ظل حجم الاخرين، فالدروز وحسب المصادر المقربة من الجميع يحتاجون الى فرص العمل والمؤسسات والدولة العادلة، والدروز وتحديداً الشباب منهم يدركون انه مع وفاة المرحومين توفيق عساف وسليم خير الدين ونجيب صالحة ونجيب علم الدين لم يتم بناء اي مؤسسة درزية تستوعب 50 موظفاً فقط او اقل، دون اغفال شركة رسامني يونس وما قدموه ومعمل سبلين الذي بناه الشهيد كمال جنبلاط بالاضافة الى المرحوم محمد ابو شقرا والمؤسسة الدرزية للرعاية الصحية في عين وزين في حين ان القطاع الخاص ورجال الاعمال الدروز غائبون عن السمع كليا بعكس الاخرين لكن لا يمكن تجاهل ايضاً دور الوزير السابق مروان خير الدين وما يقدمه في مؤسساته الذي بناها مؤخراً.
وحسب المصادر الدرزية المحايدة، فان الطائفة الدرزية خسرت معظم مواقعها الاساسية في الدولة وفي كل الوزارات، فيما عشرات الشبان الدروز يفترشون ساحات القرى الجبلية بحثاً عن فرصة للعمل، والبطالة تأتي «بالموبقات» حتى في دورات الدرك الاخيرة كانت النسبة الكبرى من المرشحين من الشباب الدروز، رغم «الكوتا» الضعيفة والنتائج المحسومة سلفاً ولم تصدر بعد، كما ان المناطق الدرزية تشهد حالات غير مألوفة سابقاً لجهة هجرة عائلات «بأمها وأبوها» الى بلاد الله الواسعة، والدروز يحتاجون الانماء وليس التوتر والخلافات التي لن تغير شيئا في المعادلات الكبرى، وماذا تقدم او تؤخر دعوة شيخ العقل ناصر الدين الغريب الى القمة الاقتصادية، وماذا ينتقص من دور الاخرين؟ اما الاتهامات لسوريا وحسب المصادر الدرزية، فآخر همها ما يجري في لبنان، وسوريا تدرك أن مجرد انتصارها على المؤامرة الأميركية – الاسرائيلية عندها سيسود الامن كل المحافظات السورية وخصوصاً جبل العرب، والامن فيه من أمن سوريا، وهذا قرار روسيا وجماعة البلعوس وغيره سيتم ترتيب اوضاعهم كما تم ترتيب اوضاع الاف المسلحين، ومن يعارض يدفع الثمن، علماً ان القيادة السورية ورغم انتصارها وقدرتها على فرض الامن في جبل العرب لكنها تراعي الاوضاع نتيجة تضحيات الدروز، حيث تجاوز عدد شهداء الجيش السوري الـ7000 بالاضافة الى اعداد كبيرة من الجرحى والعديد من المفقودين.
لكن السؤال المطروح، وحسب القيادات الدرزية ومن باب التوازن: لماذا المواقف الحادة تجاه سوريا فقط؟ ولماذا لا يعقد اجتماع درزي عام ويتم فيه توجيه نداء الى دروز فلسطين المحتلة لترك جيش العدو ورفض التجنيد الاجباري، وانزال «الحرم الديني» على كل من يدخل جيش العدو ومساعدة رافضي الخدمة ودعمهم، علما ان القيادي في حركة حماس محمود الزهار نقل لقيادات لبنانية تمنيات في هذا الامر جراء ممارسات معينة من العاملين الدروز في جيش الاحتلال، ولا تريد القيادات الفلسطينية الاضاءة عليها حرصاً على الوحدة الداخلية الذي يريد العدو تمزيقها، وهذا هو الموقف الحقيقي الذي يحمي الدروز، والشهيد كمال جنبلاط دخل الى البوابتين العربية والعالمية من بوابة فلسطين، كما دخل الى قلوب اللبنانيين من بوابة البرنامج المرحلي للاحزاب والقوى الوطنية والذي سيبقى خشبة الخلاص لمشاكل لبنان.