من الصحف الاميركية
ذكرت الصحف الأميركية الصادرة اليوم ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن تحت ضغط خصومه الديمقراطيين إرجاء خطابه عن حالة الاتحاد حتى ينتهي الإغلاق الحكومي، الذي دخل شهره الثاني دون أن يبدو في الأفق حل للأزمة التي أحالت مئات آلاف الموظفين على البطالة القسرية المؤقتة .
وأضاف أنه لن يلجأ إلى طريقة بديلة لإلقاء الخطاب، منتقدا رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي لسحبها دعوة كانت وجهتها له لإلقاء الخطاب.
وتحدثت عن قلق المتحدث باسم الخارجية الأميركية روبرت بالادينو إزاء الأعداد المتزايدة من الاعتقالات والإصابات والوفيات التي سجلت خلال الاحتجاجات التي شهدها السودان، حيث أكد بالادينو دعم واشنطن حق الشعب السوداني في التجمع السلمي للتعبير عن مطالبه بإنجاز إصلاحات سياسية واقتصادية والعيش في سودان ينعم بسلام يشمل كل الأطراف. ونددت الخارجية باستخدام العنف بما في ذلك اللجوء إلى الرصاص الحي واستخدام القوات السودانية المبالغ فيه للغاز المدمع. وقال بالادينو إن الاستخدام المفرط للقوة وتخويف الصحافة والناشطين في مجال حقوق الإنسان سيهدد فرص تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
يعتقد رئيس تحرير ناشونال إنترست جاكوب هيلبرون أن الولايات المتحدة لم تَجْنِ من حروبها الخارجية سوى ديون متراكمة وفوائد استراتيجية ضئيلة.
ويرى أن قدرة الولايات المتحدة على الوفاء باستحقاقاتها المالية -المعروفة اصطلاحا بـ”الملاءة المالية- والموازنة بين الالتزامات والقوة ظلت مسألة محل نقاش مستمر من قبل خبراء يؤمنون بالنزعة الواقعية في السياسة الخارجية.
ويقتبس هيلبرون من كتاب “السياسة الخارجية الأميركية.. درع الجمهورية” لمؤلفه عميد المفكرين الواقعيين الأميركيين وولتر ليبمان، أنه “لا ينبغي لأحد أن يظن أن لديه سياسة مالية إن لم تتضمن المصروفات والإيرادات، والمطلوبات والموجودات. لكننا في مسألة العلاقات الخارجية درجنا كالعادة على الفصل في نقاشاتنا بين أهدافنا من خوض الحروب وغاياتنا من السلام ومثلنا ومصالحنا والتزاماتنا، وبين تسلحنا، وموقفنا الإستراتيجي، وحلفائنا المحتملين وأعدائنا الكامنين“.
ويضيف المعلق السياسي الشهير ليبمان أن مثل تلك النقاشات لن تتمخض عن سياسة، مشيرا إلى أن ما يضع حدا لهذا الجدل هو ضرورة التوازن بين الوسائل والغايات.
وفي اقتباس آخر لهيلبرون من مقال في مجلة “فورين أفيرز”، كتب العالم السياسي والأكاديمي الأميركي صامويل هنتينغتون في عام 1987 مؤكدا أن أميركا تجشمت عناء التزامات في الخارج لم تكن على استعداد لدفع ثمنها في الداخل.
ويقول هيلبرون إن مستوى الدين الأميركي ظل في ارتفاع مطرد منذ انتهاء رئاسة بيل كلينتون التي شهدت خلالها ميزانية الدولة فائضا ماليا. وقفزت الديون إبان إدارة الرئيس جورج بوش الابن من 10.6 تريليونات دولار إلى 19.9 تريليونا في عهد باراك أوباما.
ومع أن دونالد ترامب قال في 2017 إنه سيقضي على الديون خلال ثمانية أعوام، إلا أنه التزم الصمت بعد توليه زمام الأمور في البلاد مع توقعات بتجاوز الدين حدود 21 تريليون دولار.
فإذا كان الإنفاق الإلزامي والمستحقات غير المدفوعة من التخفيضات الضريبية تشكل جزءًا كبيرا من أزمة الدين الأميركي، فإن الانخراط في حروب خارجية له القدح المعلى في عجز الميزانيات الاتحادية أكثر مما هو معترف به.
وتشير أستاذة إدارة الحكم بجامعة “كونيل” ساره كريبس في كتابها الجديد بعنوان “فرض ضرائب على الحروب”، إلى أن ثمة تحولا جوهريا حدث منذ عام 1945 حين فشلت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا في فرض ضرائب على الحروب، واعتمدت على الاستدانة لتمويل حروبها الخارجية سواء في فيتنام أو العراق أو أفغانستان.
وتبدو حجة كريبس صحيحة -بحسب هيلبرون- لأن الإنفاق من الأموال المستدانة لسد العجز يتيح للزعماء السياسيين كبح أي معارضة للضلوع في مزيد من الصراعات المحدودة، عوضا عن مناشدة الجماهير بذل تضحيات مالية.
وقد ساهم المسؤولون الأميركيون بانقيادهم لإغراء خوض نزاعات على نحو خفي في تقويض الديمقراطية الأميركية عبر تجنب القيود والضغط الشعبي الذي غالبا ما يصاحب النزاعات الخارجية، حسبما ورد بمقال ناشونال إنترست.
يقول هيلبرون في مقاله إن فلاسفة عصر التنوير في أوروبا، من أمثال الألماني إيمانويل كانط، ظنوا أن تكاليف الحرب ستساعد في الحؤول دون إقدام الزعماء الديمقراطيين على القيام بـ”أعمال متهورة“.
ومن وجهة نظر كانط، إذا كان لا بد من الحصول على موافقة الشعوب قبل إعلان أي حرب، فإن الطبيعي أكثر من أي شيء آخر هو أن الجماهير تكون أشد حذرا عندما يتعلق الأمر بإشعال مثل هذه المغامرة الرديئة. فإذا كانت الحرب شرا لا بد منه، فعندئذ يتعين على الدولة تحمل نفقاتها من مواردها الذاتية، كما يقول كانط.
وعلى العكس من ذلك، أبدى عالم الاقتصاد السياسي الأسكتلندي آدم سميث قلقه من أن يلجأ الحكام إلى تكبد نفقات باهظة تؤدي إلى عجوزات هائلة في ميزانيات دولهم. ففي كتابه “ثروة الأمم”، لاحظ سميث أن الجماهير قد تنظر إلى الحرب على أنها مغامرة تلهيهم عن متاعب الحياة اليومية.
ويمضي رئيس تحرير ناشونال إنترست في مقاله إلى أن الحربين العالميتين الأولى والثانية كان يُنظر إليهما في أميركا على أنهما نزاعان “شهيران” لم يثيرا ذلك النفور الشعبي من تكاليفهما.