معروف سعد : المقاومة والتغيير
غالب قنديل
أربعون عاما مضت على اغتيال القائد الوطني المقاوم والزعيم الشعبي المناضل معروف سعد الذي اشتهرت صورته ببدلته الشعبية العمالية ( باللون الكاكي ) متقدما الصفوف في كل احتجاج شعبي ونقابي وفي كل مناسبة وطنية أو قومية طيلة عقود من القرن العشرين.
ربما لا يعرف الشباب اليوم الكثير عن الشهيد معروف سعد حتى لو كانوا من أبناء صيدا المدينة التي انتفضت بقيادته فهو زعيمها الشعبي المناضل ضد القمع والاستغلال ويوم هبت صيدا ضد ديكتاتورية شركة بروتيين التي أعطيت امتياز التحكم بالبحر وجوفه وخيراته على حساب الصيادين والفقراء .
معروف سعد هو المقاوم الذي خاض شباب لبنان بقيادته حرب فلسطين عام 1948 يوم كان قائد الفدائيين اللبنانيين الذين اعترف بهم اتفاق الهدنة كجناح شعبي مقاوم إلى جانب الجيش ليشكلا معا منظومة الدفاع الوطني اللبنانية ضد الصهيونية.
أولا عام 1975 كان يموج بحركة نهوض شعبي واسعة وتلاحقت التحركات الاجتماعية العمالية والفلاحية والطلابية في صورة موج ثوري عظيم بينما كانت هبات متلاحقة للحركة الشعبية ترفع شعارات الدفاع عن الوطن ضد الاعتداءات الصهيونية وتتبنى نداءات دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية في وجه الكيان الصهيوني وسط تخاذل نظام “قوة لبنان في ضعفه”.
معروف سعد كان من رايات العروبة والتحرر الاجتماعي والوطني في لبنان والمنطقة ولم تكن ترتبط بصورته في وعي الشعب اللبناني أي ملحقات تتعلق بهويته المذهبية او الطائفية فهو القائد والمناضل العروبي التحرري صاحب التراث السياسي والشعبي الناصع وقد اشتهر في حرب فلسطين كمقاوم كبير قاد الفدائيين اللبنانيين إلى جانب الجيش اللبناني الذي قدم الشهدا ء والقادة كالنقيب الشهيد محمد زغيب في قتاله الباسل ضد العصابات الصهيونية على أرض الجنوب اللبناني وفي شمال فلسطين .
كان معروف سعد قائد الفدائيين التاريخي دفاعا عن لبنان ضد الخطر الصهيوني وزعيم الصيادين وأبو الفقراء كما سماه أبناء صيدا المدينة التي انتمى إليها وأحبها وقد تقرر اغتياله في نقطة انطلاق إجرامية لخطة تدمير لبنان وتقسيمه بإثارة الاقتتال الطائفي لتمزيق الحركة الشعبية العارمة ولقطع الطريق على التغيير السياسي والاجتماعي فالعصبية الطائفية كانت هي السبيل لخنق التيار التغييري الراديكالي الذي تغلغل في جميع انحاء لبنان وهز سائر المؤسسات السياسية والدينية في المجتمع اللبناني بما يكفي لإشعار الطبقة الرأسمالية الكومبرادورية السائدة والتابعة للغرب الاستعماري بأن نظامها وهيمنتها باتا في خطر وجودي .
ثانيا رغم انقضاء أربعين عاما ما تزال جريمة الاغتيال لغزا بعدما ضلعت في تدبيرها وكذلك في طمسها وإبعادها عن قوس العدالة جهات سياسية وأجهزة أمنية حكومية لبنانية وأجنبية تتقدمها المخابرات الأميركية والموساد الصهيوني.
لكن الأكيد ان الأفكار التي آمن بها الشهيد معروف سعد ما تزال حية فما يجتازه لبنان يجعل من قضية العدالة الاجتماعية ومحاربة التوحش الرأسمالي والتصدي للتهميش والسحق الطبقي في صيدا وكل انحاء لبنان قضية راهنة على مستوى المجتمع والدولة والمؤسسات بل إن إسقاط هيمنة التوحش الرأسمالي باتت تمثل شرطا لا بد منه لنهوض لبنان في مجالات التنمية وغيرها من التحديات وعلى رأسها إلحاق الهزيمة بوحش الإرهاب التكفيري الذي تحميه القوى الرجعية العربية وتستخدمه الدوائر الاستعمارية الصهيونية لتنفيذ مشاريعها .
الإنجاز الأهم الذي يمكن لنا التباهي به لروح الشهيد معروف سعد وذكراه هو انتصارات المقاومة اللبنانية وتحقيق توازن الردع ضد الكيان الصهيوني بفضل الشعب والجيش والمقاومة وفقا للرؤية التي مارسها في الواقع وجسدها معروف سعد في الدفاع عن لبنان ضد العصابات الاستيطانية الصهيونية وفرض الاعتراف بها في نصوص اتفاقية الهدنة .
اما جدول الأعمال الوطني الداخلي فلا يزال ينتظر تبلور قيادة وطنية لاطائفية تحمل هم التغيير الجذري ومصداقية التعبير عن إرادة الفقراء ومحدودي الدخل وترفع لواء مشروع تغييري حقيقي عابر للطوائف والمناطق لتخرج لبنان ونظامه السياسي من علب التعفن الطائفي والمذهبي إلى رحاب الانتماء الوطني والقومي تماما كما فعلت المقاومة التي يقودها حزب الله بإنتاج قوة لبنانية هزمت إسرائيل وباتت بحجم المنطقة وعابرة للحدود والحسابات ولا شك ان التنظيم الشعبي الناصري يمثل رافدا رئيسيا في هذا المسار.