بقلم ناصر قنديل

دعوة عاجلة لانعقاد هيئة الحوار الوطني: ناصر قنديل

يسلّم الجميع اليوم في لبنان بأن الاستعصاء السياسي حاكم على كل صعيد، وأن ثمة استحقاقات دخلت مرحلة الحرج، وأن محاولات التعامل معها بالطرق التقليدية عبر الاتصالات الثنائية أو المساعي الحميدة لم تعد مجدية، فماذا يمكن أن يكون شكل المواجهة لهذه التعقيدات والانقسامات والاستحقاقات، ولدينا إطار وطني يضم قيادات الأطراف الرئيسية في البلد، ابتكره رئيس مجلس النواب عام 2006، تفادياً للفراغ السياسي، وواصل بأشكال أخرى بدعوة من رئيس الجمهورية السابق ميشال سلميان، وتواصل مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو هيئة الحوار الوطني؟

هل من مهمة جليلة وداهمة تستحق دعوة هيئة الحوار الوطني أكثر من قضيتي التعثر الحكومي والفشل المستديم في حل عقدها، واستحقاق القمة العربية الاقتصادية التي تستضيفها بيروت، والحاجة لتوحيد الموقف في التعامل معها، خصوصاً أن قضية دعوة سورية لحضور القمة ودور لبنان في تحريك الوضع العربي بهذا الاتجاه، تلقى تفاعلاً باتجاهات متباينة بين الأطراف اللبنانية، فالذين يقولون إن الدعوات تصدر عن الجامعة العربية يهددون في الوقت نفسه إذا تمّت دعوة سورية لحضور القمة بالتظاهر، وبالمقابل أمامنا مواقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري ولحزب الله عبّرت عنه كتلة الوفاء للمقاومة ومعهما قوى وأحزاب في طليعتها الحزب السوري القومي الاجتماعي، تشكك بجدوى استضافة القمة دون حضور سورية، أما الدولة المعنية بإدارة هذا الملف، على مستوى رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية فهي المعني الأول بتوضيح الصورة وشرح الاتصالات ووجهتها ومسارها، والسعي لتوحيد الموقف الداخلي حول كيفية التعامل مع الاحتمالات.

البلد في أسوأ حالاته الاقتصادية، والانقسام السياسي في ذروته، والتعطيل السياسي يهدّد بالمزيد، وفي التداول دعوة لرئيس مجلس النواب لتفعيل حكومة تصريف الأعمال لقيامها بإقرار الموازنة العامة، وإرسالها إلى مجلس النواب، والنقاش حول الدعوة يستحق لتغطية الاجتهاد وحصره في الحالات الاستثنائية كالتي يفرضها غياب الحكومة، أن يصدر عن هيئة الحوار الوطني ما يضعه في مكانة المصلحة العليا للدولة لعلاقة الموازنة وإقرارها بدورة الحياة المالية للدولة والمواطنين، ويحدّ من إمكانية تعميم الحالة لما يتعدى الاستثناء المشروط.

التعثر الحكومي الذي لا تتمكّن هيئة الحوار الوطني من رسم خطوط الخروج منه، من دون الدخول في التفاصيل التي تعتبر من صلاحية الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية، يعني الدخول في أزمة نظام تطرح ربما الحاجة لحل المجلس النيابي بعد إقرار قانون انتخاب جديد يعتمد نص المادة 22 من الدستور تطبيقاً لأحكام معلقة منذ ثلاثين عاماً، وترك اللعبة الديمقراطية تأخذ مداها، بالتوافق على أنه آن الأوان لحكومة أغلبية لا يمكن السير بها في ظل قوانين الانتخاب الطائفية، لينتظم الواقع السياسي بين موالاة تحكم ومعارضة برلمانية قوية تستعدّ للحكم.

في شأن القمة ودعوة سورية، أمام هيئة الحوار الوطني نصوص اتفاق الطائف والدعوة لعلاقات لبنانية سورية مميّزة، وأمامنا ارتباط الدعوات للقمة بالجامعة العربية، وخيارات تتراوح بين الفوز بدعوة سورية عبر الجامعة العربية وكيفية التعامل الواجب على لبنان، من موقع المصلحة العليا والنصوص الدستورية، أو تأجيل القمة الذي يبقى أمثل من عقدها بدون سورية، أو انعقادها بغياب سورية، وعلى أنصار الرأي الثالث أن يظهروا المصلحة اللبنانية بذلك، بينما التأجيل لا يحرم لبنان من القمة، لكنه يضمن عائدات أفضل من انعقادها، إذا عقدت بعد إنجاز عودة سورية إلى الجامعة.

– السؤال هو إذا لم تكن حالتنا اليوم تستحق دعوة هيئة الحوار الوطني للانعقاد، فما الذي يستحق، إلا إذا كان للانعقاد وظيفة واحدة هي مناقشة مصير سلاح المقاومة بطلب خارجي كما حدّد مؤتمر سيدر، وكما يتحفنا الأمين العام للأمم المتحدة بتكرار الطلبات الأميركية، ببياناته مع كل تجديد لليونيفيل، تحت عنوان مموّه اسمه الاستراتيجية الدفاعية، ليصير حينها البحث بمبرر بقاء الهيئة نفسها مشروعاً؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى