كشف واشنطن لخطة استعادة الموصل د.منذر سليمان
مزيج من التهور والارتباك الداخلي وتحذير الخصم
قلة من المراقبين لاحظت تجليات الارتبك والتباين بين الاجنحة المختلفة داخل الادارة الاميركية تبرز الى العلن، بشهادتين شبه متناقضتين لوزير الخارجية، جون كيري، ومدير الاجهزة القومية للاستخبارات، جيمس كلابر، امام لجان الكونغرس الساعية للتحقق من صدقية موقف الادارة “لخطورة تنظيم الدولة الاسلامية،” الذي اعتبرته اغلبية ساحقة من الشعب الاميركي، 84% في احدث استطلاع للرأي، بانه يشكل الخطر الاساس على الأمن القومي الاميركي.
كيري اكد لنظرائه تراجع خطر داعش وتهديده اليومي “ضد الاميركيين والشعوب العالمية قاطبة،” وفي الخلفية آخر تحذير اصدرته سفارة بلاده لرعاياها في الاردن بتوخي الحيطة والحذر “وعدم ارتياد اماكن التسوق العامة.” بينما اوضح المسؤول الاول للاستخبارات ان “عام 2014 كان الاشد دموية وفتكا للارهاب العالمي منذ 45 عاما عند بدء جهود تدوين” العمليات الارهابية. واضاف كلابر انه تم رصد نحو 180 مواطن اميركي لضلوعهم بالتحضير للسفر والانضمام لداعش. مسؤول اجهزة الاستخبارات السابق، مايكل فلين، اصطف جانب خليفته كلابر، متهما كيري “بانفصاله عن الواقع، وعدم اصغائه (لتقارير) الاجهزة الاستخبارية بكاملها.”
الناطق باسم البيت الابيض سارع لتفسير “التباين” بالقول ان وزير الخارجية “كان يقصد مدى نجاح (استراتيجية) تشديد الضغط على قادة داعش .. بيد ان ذلك لا ينبغي ان يعني انه تم القضاء على التهديد؛” مؤكدا عزم الادارة استمرار حملتها بالاغارة الجوية على مواقع داعش. الرئيس اوباما وخلال جولته الاخيرة على عدد من الولايات الاميركية اتهم “وسائل الاعلام” وآخرين بتضخيم خطر داعش.
تجدر الاشارة الى ان الرئيس اوباما حمل الاجهزة الاستخبارية المختلفة مسؤولية صعود داعش، عقب احتلاله للفلوجة والرمادي في شهر شباط 2014، وجزه عنق مواطنيْن اميركيين؛ ووصف داعش بازدراء بانه “ثمة لاعب مبتديء” في المنطقة. آنذاك تعرض اوباما لحملات انتقادات قاسية من عدة جهات وتيارات سياسية، اتهمته بعدم استيعاب التحديات الماثلة.
استاذ مادة القانون الدستوري في جامعة بروكلين، نيويورك، آندرو نابوليتانو، اوضح حينئذ قائلا “هل يظن (الرئيس اوباما) ان شلة مكونة من 25 ألف عنصر متشدد وسيء التسليح يبعد عنا نحو عشرة آلاف ميل، ليس لديها سلاح بحر او جو يذكر، باستطاعتها تهديد وتشكيل خطر على الولايات المتحدة؟” واضاف انه كان ينبغي على الرئيس اوباما اعفاء كلابر من منصبه بعد نكثه اليمين والادلاء بشهادة كاذبة امام لجنة للكونغرس، وليس مكافأته وابقائه في منصبه.
كلابر في ظهوره وشهادته الاخيرة ادان تركيا متهما حكومتها بتقديم التسهيلات اللوجستية “لعبور نحو 60% من المقاتلين الاجانب لسورية،” مؤكدا لاعضاء السلطة التشريعية تباين الرؤية التركية مع الاميركية بالنسبة لداعش، والتي لا ترى فيها الاولى خطرا داهما. كلابر وزملاءه في معسكر الحرب يدركون جيدا ميل اعضاء الكونغرس للتهور والاستعداد للتدخل العسكري، وبرع في استغلال توتر الاجواء الأمنية غداة الكشف عن القاء القبض على ثلاثة افراد في مدينة نيويورك بتهمة السفر للانضمام للقتال مع داعش “الذي يشكل خطراً داهماً للولايات المتحدة” في ذهن معظم اعضاء الكونغرس.
بلورة استراتيجية محددة المعالم للتصدي لداعش يبقى العنوان الابرز لمخططات الولايات المتحدة في الزمن الراهن، مما استدعى تكثيف الحركة السياسية وتهيئة المناخات العامة والجماهيرية في الاقليم لتقبلّ انخراط مباشر للتدخل في سورية والعراق، والتي يرى البعض ان مأساة أسر وحرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة هي احدى تفاصيل المشهد وتوجيه بوصلة الرأي العام المحلي لانخراط عسكري اوسع.
واشنطن اعلنت عن ارسالها نحو ألف جندي اميركي قوامها مستشارين ومدربين عسكريين لانشاء “قوة قتالية لغرض التدخل المباشر في سورية،” اما باقي تعداد القوة فسيأتي من الاردن بمؤازرة من قطر والسعودية ودول اقليمية اخرى، تركيا، وفق التصريحات الاميركية.
وما ان لبث وزير الدفاع الجديد، آشتون كارتر، الفوز بتصويت الكونغرس على تعيينه حتى شد الرحال الى “الكويت .. ولقاء قادته المحليين والقيادات العسكرية الاميركية هناك،” ظاهر الحركة اعلام دول المنطقة بخطة التحرك الاميركية المقبلة “في سورية والعراق؛” الأمر الذي حدى بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الادلاء بتصريح حاد يهدد فيه الولايات المتحدة من نواياها المبيتة للاعتداء على سورية واحتلال جزء من اراضيها.
تركيا والاردن فكي كماشة مجددا
الخطة الاميركية الراهنة تجسد قناعة الشعب الاميركي عامة بخطورة الارهاب وتنظيم داعش كأولوية، بمعدل 84%، بينما لوحظ تراجع “الخطر النووي الايراني” لنسبة 77%؛ وتم تسويقها بانشاء برامج تدريب “عناصر المعارضة السورية،” عززها توصل الجانب الاميركي والتركي الى “اتفاق” مؤخرا تخصص تركيا بموجبه اربعة قواعد لتدريب العناصر السورية على اراضيها مباشرة، التي سيتم استقطابها من “معسكرات اللاجئين السوريين في تركيا والاردن،” بالاضافة للقواعد العسكرية الاخرى في الاردن والسعودية وقطر. وصفت الخطة بأنها تجسيد “لواحد من اكبر التزامات الولايات المتحدة في سورية لتاريخه ..”
بعد اطمئنان تركيا لدعم وغطاء اميركي متجدد بعد توقيع الاتفاق الثنائي، سارعت لانتهاك السيادة السورية ودخول كتيبة مدرعة تعززها قوات خاصة ومن المشاة، وعبرت لمسافة 30 كلم بحجة “حماية ونقل ضريح مؤسس السلطنة العثمانية، سليمان شاه،” واجلاء سرية حراسته من القوات التركية. الاحزاب المعارضة التركية اعتبرت “العملية” استعراضية لحدوثها في منطقة جغرافية لا يتواجد فيها الجيش العربي السوري، وتنتابها الخشية من نوايا اردوغان وتشكيلها “نموذجا لاقامة منطقة عازلة،” التي طالما طالبت بها انقرة.
اوجز مركز “ستراتفور” الاستخباري التطورات الاخيرة بان الولايات المتحدة “خفضت حجم الدعم الذي تقدمه لقوى المعارضة المختلفة .. مقابل قيام تركيا توسيع انخراطها للعب دور متقدم،” سيما في اعقاب انشاء انقرة “تحالف الجبهة الشامية،” نهاية العام الماضي، ورغبتها في “تعزيز موقعها في التفاوض المحتمل مع شركائها حول صياغة مستقبل سورية.”
اما الاردن، وفق توصيفات “ستراتفور،” فدوره يتعاظم كلاعب رئيس في المنطقة “ويترقب دخوله الفعلي لدعم استراتيجية الحلفاء المقبلة في سورية .. لا سيما في توفيره التأييد لمسلحي الجبهة الجنوبية” لسورية. وحذر الولايات المتحدة من “التدخل المباشر في الأزمة السورية عبر القوات الجديدة المشكلة .. اذ من شأن نشوب قتال مع القوات الحكومية ان يهدد المفاوضات النووية الجارية مع طهران وهي في مرحلة متقدمة بالغة الحساسية.”
لقاء الكويت لطمأنة حلفاء واشنطن
من نافل القول ان اي خطة عسكرية ناجعة تستدعي انخراط قوات برية سيتم اسثناء القوات الاميركية منها، وتحميل تبعاتها وخسائرها البشرية للدول الاخرى المنخرطة في “التحالف.” وفي هذا السياق، دأبت الاوساط العسكرية الاميركية على ايلاء الجيش العراقي اهمية ودور مركزي، وكيل المديح للخطوات التي اجتازها. بيد ان هذه الاشادة طابعها سياسي تنطوي على ثغرات عسكرية، سيما وانها تستند الى تجربة المواجهات الجارية في محافظة الانبار مع قوات الدولة الاسلامية، وقيام نحو 800 عنصر من القوات الأمنية العراقية بشن هجوم مضاد ضد داعش لاستعادة بلدة البغدادي على ضفاف نهر الفرات.
القائد الاميركي جيمس تيري “لقوات التحالف الدولي” التي تخوض قتالا مع قوات الدولة الاسلامية اعرب عن تفاؤله لاداء القوات العراقية، وانه “يثق الى حد كبير بتلك القوات الكفؤة وبقدرتها على استعادة البلدة.” واوضح تيري مكامن الضعف التي يعاني منها الدولة الاسلامية، اذ “نلمس تنامي قدرات قوات الأمن العراقية، وفي الوقت نفسه نرى اهمية قصور داعش في عدم شنه هجمات مضادة واسعة.” اذ ان داعش “لا يستخدم التكتيكات والتقنيات والاجراءات التي شهدناها في المواجهات السابقة عند بدء المرحلة الراهنة” في فصل الصيف الماضي.
اعلان الجانب الاميركي عن حشد القوات لشن هجوم بغية استعادة الموصل من براثن الدولة الاسلامية كان بمثابة حملة دعائية انطوت على ارتكاب اخطاء عسكرية كبرى. في هذا السياق تبرع القائد الاميركي تيري بالاشادة بالقوات الكردية لادائها الناجح في صد هجوم لداعش في تقاطع كيسيك، غربي مدينة الموصل، بدعم من القوات الخاصة الاميركية التي اشتركت في تنسيق الغارات الجوية مع القوة المهاجمة، مما كبد داعش مقتل 127 عنصر، على الاقل، كما ورد في الانباء الرسمية.ومضى تيري موضحا أهمية تقاطع كيسيك عسكريا ضمن الاعداد للمعركة المقبلة لاستعادة الموصل، اذ انه يتحكم بطرق الامداد الحيوية التي يعول داعش عليها لتحريك قواته وامدادها طيلة أمد المعركة.
معركة استعادة الموصل
تفاصيل خطط استعادة الموصل عسكريا لم تعد حبيسة الادراج، بل اعلنت الادارة الاميركية عن عزمها القيام بهجمات لاقتلاع داعش من الموصل، رمت من ورائها طمأنة الشعب الاميركي لا سيما خصومها السياسيين والاشادة بتصميم الرئيس اوباما على زيادة حجم التواجد العسكري الاميركي في العراق في المدى القريب.
اعتبر بعض الخصوم ان الاعلان يشكل تهورا سياسيا مجانيا ويرسل رسائل تحذيرية لداعش بالعمل الفوري على تحصين مواقعه قبل بدء الهجوم. اداء وفعالية القوات العراقية ايضا كانا موضع تساؤل البعض دون حصولها على دعم اميركي معتبر. اشار هؤلاء الى تصريحات قائد هيئة الاركان، مارتن ديمبسي، الذي اوضح “امكانية الطلب من المستشارين (الاميركيين) مرافقة القوات المغيرة على الموصل.”
من مصلحة القيادة العسكرية الاميركية ان تتصدر القوات العراقية الهجوم، التي لن تحقق نجاحا دون توجيه من قوات اميركية متقدمة مهمتها التنسيق مع سلاح الجو، فضلا عن رفدها ببضع آلاف من القوات الخاصة الاميركية، او مشاركة قوات اقليمية مجربة مثل ايران وسورية او قوات مشابهة. بالنظر الى معركتي الفلوجة، اللتين فشلتا في ازاحة داعش، فان الامر ينطوي على مغامرة سياسية للرئيس اوباما قد لا يستطيع النجاة من عواقبها في حال فشل الهجوم لاستعادة الموصل.
يشار الى قرار الرئيس السابق جورج بوش الابن، نيسان 2004، ارسال قوات مشاة البحرية – المارينز لاستعادة مدينة الفلوجة بالرغم من معارضة القيادة العسكرية لذلك. بسالة المقاومة وضراوة المعارك دفعتا الرئيس بوش الطلب من قواته الانسحاب وهو في حالة غضب عارمة.
انسحاب المارينز رافقه استعادة قوى المقاومة العراقية السيطرة على البلدة، مما استدعى القوات الاميركية اعادة الكرة مرة اخرى في شهر تشرين الثاني من ذات العام، بلغت حصيلتها تدمير نحو 18،000 بناية سكنية عبر شن 540 غارة جوية على المدينة، برفقة 16،000 قذيفة مدفعية؛ بلغت حصيلتها مقتل 70 من القوات الاميركية وجرح نحو 600 آخرين منهم.
اشار بعض الخبراء العسكريين الاميركيين الى ضراوة ودموية المعركة المقبلة لاستعادة الموصل، نظرا لظروف التشابه مع “عملية حديقة السوق،” في اراضي هولندا قبل نحو 70 عاما، والتي ادت الى شبه تدمير كامل للفرقة الجوية الاولى البريطانية. نظريا، صممت الخطة على شن جناح عسكري هجوم عبر نهر الراين بالالتفاف على خط التعزيز “سيغفريد” الالماني واحتلال عدد من المدن الرئيسة في محيطه والتوجه شمالا في طريق معرض بالكامل للهجمات الالمانية. تقدم الفيلق 30 البريطاني الهجوم وباغتته ضراوة المقاومة الالمانية مما استدعى تدخل فرقتين جويتين اميركيتين لتوفير الحماية للفيلق المكشوف وصد الهجمات الالمانية المضادة.في هذه الخلفية تبدو الخطة الاميركية لاستعادة الموصل تكرارا لعملية حديقة السوق.
البعد العسكري
تبعد الموصل نحو 420 كلم عن بغداد، تتوسط خمس مدن الطريق بينهما مما يقتضي سيطرة القوات العراقية عليها قبل مواصلة العملية، الأمر الذي يستدعي تبديل القوات وتوفير الامدادات المطلوبة تحضيرا لسلوكها طريق سريع وحيد مكشوف وعرضة للعبوات المتفجرة المزروعة على جانبية، وكذلك للهجمات الانتحارية. يقدر الخبراء ان ما يحتاجه الجيش من مؤن وذخيرة ووقود ومعدات تقدر بنحو 30,000 – 50,000 طن يوميا والتي ينبغي توفيرها للخطوط الامامية دون انقطاع، الأمر الذي يستدعي توفير قوات كبيرة اخرى لمهام حماية الطريق.
المعركة المقبلة لن تكون اقل دموية من سابقتها في هولندا التي شهدت ابادة نحو 75% من فيلق نخبة القوات الجوية البريطانية، بل ربما اشد منها نظرا لحالة الاحتقان العالية بين السكان في تلك المنطقة وعزوفها عن توفير الدعم للقوات الحكومية، وغلبة عنصر القتال على التسليم لجيش يتهم باعتماده على العنصر الطائفي من لون واحد. علاوة على ان تنظيم داعش سيستخدم عشرات الآلاف من المدنيين كدروع حماية بشرية، وفرار مئات الآلاف من ساحة القتال الممتدة، وما ينتج عنها من حالات ارتباك وفوضى. يرجح الخبراء ايضا قيام عدد من عناصر الدولة الاسلامية الاختباء في نحو 150،000 بناية سكنية وشن هجمات مضادة وقنص من هناك.
اللوحة الراهنة لا تبشر باستعادة سريعة وغير مكلفة بشريا للموصل، سيما وانها تمثل درة تاج الدولة الاسلامية التي ستنهار سمعتها في حال سقوط المدينة من قبضتها. في حال قررت الدولة الاسلامية التراجع والانتشار في محافظة الانبار، لادامة امد المعركة وتوسيع رقعتها الجغرافية، فاننا قد نكون امام مشهد شبيه بما جرى نهاية عام 2006 بتوفير السكان معلومات ميدانية عن اماكن تواجد عناصر داعش ومخابئه المتعددة؛ لا سيما على ضفاف نهر الفرات من المدينة التي يقطنها اغلبية كردية وسيطرة نزعة الثأر ضد كل ما يعتقد ان له صلة بداعش.
جهوزية القوات العراقية لخوض معارك داخل احياء المدينة لا تبشر بالخير، مما يستدعي زيادة اعتمادها على دعم جوي اميركي مكثف من شأنة تسوية احياء بكاملها بالارض – على الرغم من خطل سياسة الغارات الجوية والارض المحروقة كما شهدت عليها تجربة الحرب العالمية الثانية وملحمة ستالينغراد، والحروب العدوانية الاميركية الاخرى، بما فيها خلال احتلالها المباشر للعراق.
القوات العراقية “المستحدثة” لا يربطها التزام عقائدي صارم وخبرة عسكرية بعكس خصمها في الدولة الاسلامية سيما وان اي خيار بتراجع قوات داعش سيضعها مكشوفة امام حركة الطيران الاميركي للقضاء عليها وعلى معداتها وآلياتها، علاوة على ان حظوظ نجاة القوات المنسحبة سليمة تبدو ضئيلة في احسن الحالات.
وفق ما تقدم من سيناريو مكثف لسير العمليات، فان معركة استرداد الموصل ستكون مكلفة ومرهقة بشريا للقوات العراقية، حتى وان تكللت بالنجاح فهو انتصار باهظ الثمن. اما العكس فسيشكل كارثة عسكرية لكل من العراق والولايات المتحدة على السواء. الفرضية الاخرى ان معركة استرداد الموصل ستدمي وتستنزف الجيش العراقي حديث النشأة مما يعرض تماسكه وترابطه للخطر، وقد يؤدي الى انهياره بشكل كامل لن يكون بوسع الولايات المتحدة وضع حد له. وربما هذا ما يدور بخلد الاستراتيجيين الاميركيين للعودة مجددا للعراق ووضعه تحت الاشراف الاميركي التام، وشن مواجهات بما تبقى من القوات البشرية العراقية دون منازع.
العنصر الاساس في كافة قرارات الحرب هو الموازنة بين الكلفة والانجازات العسكرية والسياسية المرجوة، والتي شهدت معركة عين العرب – كوباني احدث تجسيد له، اذ اثبت داعش صلابة قتالية في حرب المدن. ويجري التداول راهنا بشأن فعالية التجهيزات البشرية والمعدات القتالية الضرورية لاستعادة الموصل مقابل الكلفة الهائلة المرئية.
العبقرية العسكرية تستنبط خيارات بديلة لكل خطة تعدها، كما شهدت معارك الحرب الكونية الثانية ضد الجبهة اليابانية التي قررت القيادة الاميركية آنذاك الالتفاف عليها خارج نطاق قواعدها العسكرية ومحاصرتها بعيدا عن مراكزها وتركها تندب مصيرها والمجاعة التي تهددها.
في الحالة العراقية، يشير بعض الخبراء الى ضرورة استهداف مواقع محددة لداعش، خاصة المكشوفة منها لغارات الطيران – عنصر القوة الرئيس في الجانب المناهض للدولة الاسلامية، يرافقه تكثيف الضغط لاحداث شرخ بينه وبين السكان المحليين يؤدي لتآكل البيئة الحاضنة والمؤيدة لداعش.