احتمالات تسوية بين أنقرة وواشنطن حول شرق الفرات حميدي العبدالله

 

تبذل واشنطن وحتى حكومات أوروبية جهوداً خاصة للحؤول دون قيام تركيا بتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات. وتنصب الجهود على البحث عما يرضي الرئيس التركي كي يتراجع عن تنفيذ العملية من دون أن تصل العروض الأميركية والغربية إلى مستوى قبول تركيا طرفاً ندياً في الإدارة والإشراف على المناطق الواقعة تحت السيطرة الأميركية، سواء كانت هذه المناطق مناطق شرق الفرات حيث النفط والغاز, أو المناطق الواقعة غرب النهر مثل منطقة منبج.

حتى هذه اللحظة من العروض التي قدّمت لتركيا, عرض بنشر قوات من البشمرجة المرتبطة بمسعود البرزاني، وببعض عناصرها منشقون من الجيش السوري فروا إلى شمال العراق حيث السيطرة الكردية، والحديث عن احتمال تسليم الداعية المعارض لأردوغان فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة. ولكن حتى هذه اللحظة لا يبدو أن هذه العروض كافية لنزع فتيل التأزم في العلاقات الأميركية – التركية. إذ أن وحدات الحماية الكردية تعارض نشر قوات البشمرجة لأن وجود هذه القوات على الحدود التركية داخل الأراضي السورية قد يريح أنقرة، لكنه يشكل رأس جسر للأكراد المنافسين لوحدات الحماية الكردية، الذين تحرص هذه الوحدات على منعهم من العمل في مناطق سيطرتها. كما أنه ليس بمقدور الرئيس الأميركي دونالد ترامب تمرير عملية تسليم فتح الله غولين إلى تركيا لاحتواء مواقف أردوغان، سيما وأن النخب الحاكمة الأميركية لم تعتد على قبول الضغوط التي يمارسها حلفاؤها عليها، وهي لا تقبل أقل من تسليمهم المطلق بزعامتها.

في ضوء ما تقدم فإن احتمال التوصل إلى تسوية تنزع فتيل التوتر وتحول دون قيام تركيا بعملية عسكرية في الشريط الحدودي في منطقة شرق الفرات، هو احتمال ضعيف.

لكن هل هذا يشجع الرئيس التركي على وضع تهديداته موضع التنفيذ؟

لا يبدو أن ذلك بالأمر السهل، لأن هناك تحذيرات أميركية وأوروبية لتركيا من القيام بعملية عسكرية, والأرجح أن الرئيس التركي إذا لم يحصل على موافقة، ضمنية على الأقل، من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لن يقوم بعملٍ عسكري كبير.

قد تقتصر العملية العسكرية ضد منطقة شرق الفرات على عمليات القصف وتوظيف أعمال القصف للحصول على ترتيبات شبيهة بما تم التوصل إليه في منبج، أي تسيير دوريات عسكرية مشتركة أميركية – تركية على امتداد الحدود السورية – التركية في المنطقة الواقعة شرق الفرات، حيث يعتبر أردوغان وحكومته أن هذا إنجازاً، وحيث لا تعتبر وحدات الحماية الكردية أنها قد خسرت أي شيء جراء ذلك.

إذا كان من تسوية فالأرجح أن هذا هو مضمونها، إلا إذا كانت للولايات المتحدة حساباتٌ أخرى لم تتضح بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى