شؤون لبنانية

تظاهرة ضد الفساد في ساحة رياض الصلح وكلمات لسعد وغريب دعت الى وقف الهدر

نظم الاتحاد الوطني لنقابة العمال والمستخدمين والحزب الشيوعي اللبناني تظاهرة انطلقت من امام مصرف لبنان ووصلت الى ساحة رياض الصلح، حيث رفع المتظاهرون الاعلام اللبنانية ولافتات تطالب بمحاكمة السلطة السياسية الفاسدة، وشعارات: “الاحزاب والسياسيون وجهان لعملة واحدة”، “لا للدولة الفاشلة”، “كفى خطابات مذهبية”، و”لاعادة النظر بحكم الدولة المنهوبة والفاسدة “.

شارك في التظاهرة حشد من المواطنين، ممثلو النقابات والاتحادات، ممثلو القوى الحزبية، وذلك على وقع أغان واناشيد وطنية وثورية، وسط حضور كثيف للقوى الأمنية ومكافحة الشغب. واختتمت بكلمتين للامين العام للحزب الشيوعي حنا غريب والنائب أسامة سعد أكدتا على أهمية محاربة الفساد والتغيير السياسي والخروج من متاريس الطائفية والمذهبية وعلى أهمية تشكيل الحكومة.

غريب

وألقى غريب كلمة قال فيها: “في الشارع نحن اليوم للانقاذ في مواجهة سياسة الانهيار، لإنقاذ الوطن واللبنانيين عموما من سلطة سياسية فاسدة وعاجزة عن تشكيل حكومة جراء تفاقم أزمة نظامها السياسي الطائفي، كل الصيغ والاتفاقات لم تعد تنفع لأنقاذه، ومع ذلك يحاولون ويحاولون احياء هذا النظام على خطابهم المذهبي وعلى الفتن والدماء، ويمارسون سياسة قهر اللبنانيين والمس بكراماتهم وافقارهم وتهجيرهم وتهديدهم بلقمة عيشهم للسيطرة على ارادتهم، فشعب لبنان الذي قاوم وانتصر على العدو الصهيوني، هو شعب حر وحر وحر، ولن يتمكن هذا التحالف السلطوي – المالي من الوقوف بوجهه بعد ان فشل وأوصل البلد الى حافة الانهيار ويريد تحميل نتائج سياساته للبنانيين ليتهرب من تحمل المسؤولية“.

أضاف: “اقتصاد البلد لم يعد بعيدا عن انهيار وشيك، والدولة في وضع غير قادرة فيه على تمويل إنفاقها على ابسط خدماتها للمواطنين، ولا على تسديد خدمة ديونها. وهذه نتيجة سياساتها القائمة على المحاصصة والهدر والفساد الذي بلغ 30% من الناتج المحلي وذهب فسادا الى جيوب هذا التحالف ورموزه، فبدل تغيير هذه السياسات تحاول السلطة احياء نموذجها الاقتصادي الذي اعلن الجميع وفاته. هذه السلطة ليست قادرة على اعطاء اي شيء من الحقوق، لا على صعيد العمل والوظائف ولا على صعيد الأجر والصحة والسكن والكهرباء والمياه النظيفة والبيئة، ليس لديها اي جواب على اي شيء، وتهدد اللبنانيين في كل شيء، هي لا تقيم وزنا لأحد، يطالبها العمال والموظفون والمعلمون والاجراء والمزارعون والمتعاقدون والمتقاعدون بمطالبهم فلا تستجيب يطالبونها بوقف مزاريب الهدر والفساد في المرافىء والجمارك والمطار والمنطقة الحرة (في المطار) وكهرباء لبنان ووزارتي الأشغال والاتصالات والأملاك البحرية والنهرية والمشاعات والكازينو وغيرها، وبإقفال الصناديق العامة مجلس الجنوب وصندوق المهجرين ومجلس الانماء والاعمار فلا تستجيب، يطالبونها بإغلاق دكاكين التعليم الخاصة المجانية التي يجري تمويلها من المال العام، ووقف التحويلات المالية الى جمعيات وهمية خاصة بحاشية المسؤولين وبتخفيض معاشات النواب والوزراء الحاليين والسابقين، وكذلك في التقديمات والمنافع الاجتماعية والتقاعدية الممنوحة اليهم، والى بعض كبار موظفي الدولة، فلا تستجيب يطالبونها بإخضاع الأوقاف العائدة للمؤسسات الدينية للضريبة، ووقف قنوات التهرب الضريبي عبر الشركات القابضة ومراقبة عقود العمل والاتفاقيات وتنفيعاتها فلا تستجيب. يطالبونها بوقف الضرائب غير المباشرة على أصحاب الدخل المحدود فلا تستجيب“.

وأردف: “سنوات وسنوات وهم يطالبون ولا من يسمع ولا من يستجيب، كنا وما زلنا نحذر هذا التحالف السلطوي – المالي: ان لا أفق لنمط اقتصادكم الريعي، وهم يتجاهلون ويكابرون، وها هو اليوم يتجه نحو السقوط الكبير، واذا كان من انهيار وشيك فليسقط على رؤوس التحالف السلطوي – المالي ليرتاح منهم اللبنانيون ومن سياساتهم.

ورغم كل هذا الفشل لا يعترفون بفشلهم بل يستمرون في النهج عينه من خلال تنفيذ مقررات مؤتمر باريس 4 (سيدر): بفرض ضرائب غير مباشرة عبر رفع الدعم عن الكهرباء وخفض التقديمات للصناديق ومعاشات التقاعد ونظام التقاعد على موظفي الدولة وتحجيم القطاع العام وصرف متعاقدين وزيادة خمسة آلاف ليرة على صفيحة البنزين وزيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 15%، وفرض الخصخصة لمرافق الدولة وبأبخس الأسعار وهم مستمرون في استجلاب الدائم للقروض من الخارج للحؤول دون الاصلاحات، وعبر الاكتتاب بسندات الخزينة وبفوائد مرتفعة وكل ذلك لزيادة أرباح المصارف وإغتناء الطغمة الحاكمة من مراكمة الريوع والعمولات والنهب المتمادي للمال العام، مع التهديد الدائم بانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مع بدء النموذج الاقتصادي الريعي يواجه مشكلة تمويله“.

وتابع: “ومؤشرات ذلك واضحة في نهب القروض السكنية والتهديدات بزيادة خمسة آلاف ليرة على صفيحة البنزين وزيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 15%، وتخفيض التقاعد وحقوق المتقاعدين ومحاولة تجميد سلسلة الرتب والرواتب، وصولا الى تأكيد وزير المال النضوب الكامل في إحتياط الخزينة، واعلان جمعية المصارف ومصرف لبنان عن عدم استعدادهما (وقدرتهما) لتمويل أي زيادة في اصدارات سندات الخزينة، واستخدام وزارة المال لإحتياط فرع تعويضات نهاية الخدمة (الضمان الاجتماعي) بغية استكمال ما تبقى من رصيد اكتتابات في الاصدار الأخير لسندات الخزينة، وهو ما دفع بوزير المال لزيادة الفائدة على سندات الخزينة من 7.5% الى 10.5% وهي أرباح متزايدة لها على حسابنا نحن أصحاب الدخل المحدود وسيستمرون هكذا في سياساتهم اذا ما بقينا صامتين.

فتعالوا للأنقاذ في مواجهة سياسة الانهيار، فانقاذ لبنان يكون بوقوع الانهيار على رؤوس هذا التحالف السلطوي – المالي. فاخرجوا أيها اللبنانيون من متاريس الطوائف الى رحاب الوطن وأسقطوا مقررات باريس 4 (سيدر) في شوارع بيروت كما سقطت في شوارع باريس، فالتحالف الحاكم وتعليمات صندوق النقد الدولي وراء الانهيار الوشيك لاقتصاد البلد تعالوا لمحاكمة السلطة السياسية الفاسدة واسترجاع المال العام المنهوب لاعادة النظر في قانون السرية المصرفية الذي يشكل احد أبواب التهرب الضريبي، ونتحدى جميع المسؤولين الذين تعاقبوا على السلطة وما زالوا ان يعلنوا طوعا للبنانيين عن رفع السرية المصرفية عن حساباتهم المالية في المصارف، فهل يجرؤون؟“.

وقال: “تعالوا لألغاء الدين العام لحيتان المال، لفرض ضريبة تصاعدية على الريوع العقارية والمصرفية الى 30% لحماية تعويضات نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي من خلال فرض “عملية تسنيد” لقيمة هذه التعويضات بما يوازيها بالدولار الأميركي على أساس سعر الصرف الراهن البالغ 1500 ل.ل. للدولار الواحد، بحيث لا تتأثر قيمة هذه التعويضات بتبعات أي انهيار محتمل

لإلغاء التعاقد الوظيفي وحماية رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين لرفع الحد الأدنى للأجور وتعديلها كلما بلغ التضخم 5%، لبناء مصانع الكهرباء في مهلة لا تتجاوز 18 شهرا ووقف الخصخصة للتغطية الصحية الشاملة وكسر احتكار الدواء لدعم الجامعة اللبنانية وتعزيز نوعية التعليم الرسمي والحق بالسكن وحماية حقوق المستأجرين الفقراء وصغار المالكين، وهي حقوق مهدورة لا تتحقق الا بالخروج من متاريس الطائفية والمذهبية الى رحاب الوطن، الا ببناء دولة وطنية علمانية ومدنية وديمقراطية، وهذا ما نعنيه في ابعاد شعارنا للتظاهرة: الى الشارع، للأنقاذ في مواجهة سياسة الانهيار“.

ولفت الى “ان الحلول لمشاكلنا الاقتصادية الاجتماعية هي حلول سياسية تكمن في تغيير هذه السياسات، أي تغيير هذه الدولة الفاشلة وسلطتها الفاسدة وإقامة دولة وطنية ديموقراطية قادرة على تأمين كل هذه الحقوق.

هذه تظاهرة ندق فيها ناقوس الخطر داعين كل المتضررين لكي تمسك قضيتها بيدها.

فهذه التظاهرة هي خطوة أولى يليها خطوات في خطة تحرك متصاعدة على مستوى المناطق وعلى المستوى المركزي وحول القضايا الرئيسية المطروحة وفي طليعتها الغاء الدين العام، فخلق كتلة شعبية ديمقراطية منظمة وذات قيادة وبرنامج لتغيير موازين القوى هدف رئيسي لا بد من تضافر كل الجهود والطاقات من اجل تحقيق هذا الهدف. ويبقى الشارع هو المحك في التجميع والفرز والضم.

فالى تنظيم اللقاءات في المناطق والمحافظات ابتداء من يوم غد باتجاه تصعيد التحرك فيها، ارتباطا بتفاقم خطر الانهيار واستباقا له: لقاءات مع القوى السياسية والنقابية والمدنية على المستوى المحلي، تنظيم ندوات ومحاضرات، والقيام باعتصامات حول بعض المؤسسات العامة والخاصة المعنية بمزاريب الهدر في الانفاق العام، وامتدادا ضد مجرمي التلوث البيئي وفي مقدمها نهر الليطاني والبردوني وبحيرة القرعون وسائر مصادر التلوث للغذاء والهواء والتربة“.

ودعا الى “التنسيق مع القوى السياسية والنقابية والمدنية المعنية، الى تنظيم اعتصامات امام: منازل الرؤساء الثلاثة ومسؤولين رسميين أساسيين، وامام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (تحت شعار حماية احتياط نهاية الخدمة)، ونقابة مستوردي الأدوية (تحت شعار كسر احتكار الأدوية)، ووزارة العمل (تحت شعار فرض تصحيح الأجور في القطاع الخاص والالتزام بتطبيق السلم المتحرك)، وغيرها من مؤسسات عامة، القيام بسلسلة اتصالات واجتماعات مع أوسع القوى السياسية والنقابية والمدنية من أجل الاتفاق المشترك على تنظيم يوم وطني من أجل الكهرباء، العمل الجاد على إنشاء “محكمة شعبية” – بالتعاون مع حركات شعبية في العالم سبق لها أن اختبرت تجارب مماثلة في هذا المجال – من أجل إجراء تحقيق شفاف في عمليات النهب المنظم التي رافقت تسوية أوضاع عدد من المصارف المتعثرة أو التي إستفادت من دعم مالي سخي ومجاني تم اقتطاعه من المال العام، أي من جيوب الناس، لا سيما تلك المصارف المرتبطة بعلاقات زبائنية مع أطراف فاعلة داخل السلطة. ويكون من ضمن أهداف هذه المحكمة إلزام المصارف بإعادة هذه الأموال المنهوبة أو بتحويلها الى أسهم تعود ملكيتها الى الدولة اللبنانية ودعوة الأحزاب والحركات العقائدية غير الطائفية – في موازاة ما سبق عرضه أعلاه – الى حوار مفتوح ومتواصل حول سبل بناء التعاون أو التحالف حول ما يجمعها من مواقف مشتركة من قضية بناء الدولة المدنية الديمقراطية في لبنان، وبخاصة قضية التوظيف السياسي للطائفية، على أن يجري التوافق على وضع المسائل الخلافية الأخرى جانبا، على الأقل في المدى المنظور. ومن شأن مثل هذا التوجه تعزيز فرص تشكيل كتلة شعبية جماهيرية وازنة يكون صوتها مسموعا في مناقشة ومحاولة استباق سيناريو الانهيار وكذلك في التعامل مع نتائجه في حال حصوله، حتى لا تبقى إدارة الأزمة محصورة في تحالف القوى المتنفذة داخل السلطة وكبار الرأسماليين فيدفع شعبنا الثمن“.

وختم: “فليتداعى المشاركون في التظاهرة الى لقاء موسع يوم الجمعة المقبل لتصعيد التحرك وصولا الى العصيان المدني، فاما ان يلغى الدين العام او الرحيل“.

سعد

ثم كانت كلمة لسعد فقال: “ألف تحية لكم يا من نزلتم الى شوارع بيروت لانقاذ الوطن من الانهيار، جئتم لا لنصرة طائفة او استجابة لنداء زعيم بل تلبية لاستغاثة المواطنين ورفضا للطائفية والفساد والتبعية والاستغلال. فالمواطنون من كل المناطق والانتماءات الدينية والمذهبية يعانون من النتائج الكارثية لسياسات الحكومات المتعاقبة منذ الطائف حتى اليوم ومن نظام الزبائنية والمحاصصة الطائفية والعجز والفشل في ايجاد الحلول لمشاكل البلد ومن نظام الريوع والاحتكار والمضاربات.

وشهداء المقاومة من كل الاطياف لم يستشهدوا إلا من اجل تحرير الوطن وكرامته، وكان لهم ما أرادوا، استشهدوا من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية، ولكن ما هو واقعنا الان؟ سلطة المحاصصة الطائفية والمذهبية، امامنا قهر اجتماعي يعاني منه كل لبنان، عجز وفشل في ادارة ملفات الدولة بعد كل هذه التضحيات التي قدمها شعبنا، سلطة طائفية ومذهبية افقدت البلد حصانته الوطنية ووحدته الوطنية واضعفت قدرة لبنان على مواجهة التحديات والمخاطر“.

أضاف: “الأزمة السياسية التي يتحدثون عنها هي أزمة النظام اللبناني، وليست أزمة تشكيل حكومة، الوضع السياسي والنظام السياسي وصلا الى التعفن والاهتراء.

نشهد أزمات متتالية: فراغ في موقع رئاسة الجمهورية، وفي الحكومات، فراغ في مجلس النواب عبر التمديد المتكرر، نظام محاصصة تحول الى نوع من الكونفدرالية الطائفية داخل السلطة باتت تهدد وحدة الدولة وتدمر مؤسساتها التي باتت مرتعا للفساد.

حقوق اللبنانيين في قبضة الفساد والقوى الطائفية، اين قوى التغيير؟ اين القوى الوطنية التقدمية الديموقراطية التغييرية المقاومة؟ اين الشباب ودوره في مواجهة الواقع المزري؟ تظاهرة اليوم هي الجواب، هي تعبير عن نقمة شعبية عامرة، وعن تمرد شعبي ضد واقع لم يعد بالامكان احتماله، وهي خطوة متجددة من أجل ان تستعيد الحركة الشعبية والشبابية دورها.

أما المعاناة الاقتصادية فالناس تعيش هذا الواقع، الأنين الاجتماعي بلغ مداه.

الطبقة السياسية ما زالت مستمرة بالسياسات نفسها التي تخضع لتوجيهات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤتمرات باريس واحد واثنان وثلاثة واربعة على حساب الشعب اللبناني“.

وأردف: “نحن في الشارع اليوم وفي كل الاوقات من اجل حقوق الشعب، ومن أجل حقه بالعدالة الاجتماعية والضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة وحقه في بيئة سليمة وفي ادارة شفافة غير فاسدة وغيرها الكثير من الحقوق.

استمرار الفراغ لا ينتج الا مضاعفة المخاطر على كل الاصعدة، نطالب بتشكيل الحكومة “مش لانو متأملين فيها شي ولكن هي مؤسسة من مؤسسات الدولة” كما نطالب كل الاطراف السياسية والمرجعيات والمؤسسات الدستورية بتحمل مسؤولياتها في هذا المجال.

بالرغم من عدم مراهنتنا على الحكومة التي يجري تشكيلها وعلى الرغم من انني شخصيا لم أسم الرئيس المكلف ولن امنح الثقة للحكومة القادمة نظرا لاعتراضنا على التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في اوساط الحكم وهي التوجهات التي سيبنى عليها برنامج هذه الحكومة“.

وختم سعد متوجها الى “كل المتضررين من السياسات الحكومية، وندعوهم للتحرك بمختلف الاشكال والاساليب الديمقراطية، وخوض معركة التغيير من اجل الاصلاح السياسي والغاء الطائفية، ومن اجل الاصلاح الاقتصادي والمالي وبناء الاقتصاد المنتج وتوفير فرص العمل والضمانات الاجتماعية، وكلنا ثقة ان الشعب اللبناني قادرعلى انقاذ الوطن وتحقيق الانتصار على زبائنية سياسة الانهيار“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى