بقلم ناصر قنديل

نتنياهو بين النفق والغاز البحري: ناصر قنديل

لعله من المستغرب أن تقرّر حكومة كيان الاحتلال ورئيسها المأزومان من تطورات المواجهة في غير صالحهما على جبهتي سورية وغزة الاستدارة نحو لبنان، حيث الجبهة التي يجمع قادة الاحتلال ومن بينهم بنيامين نتنياهو على اعتبارها الأخطر، فالتفكير بالحرب مع غزة كان هو الأولوية التي تراجعت بعد اختبارات الشهر الماضي وظهور الكورنيت والصواريخ الثقيلة والدقيقة بحوزة المقاومة هناك، والتصعيد المتقطع عبر الغارات الجوية كان الخيار الأمثل على الجبهة السورية قبل توضيع شبكة صواريخ الـ»أس 300» التي تجعل احتمال الانزلاق نحو مواجهات تخرج عن السيطرة مع خطر سقوط طائرات إسرائيلية، ومع ظهور الدمج التقني الذي حققه الجيش السوري بين مكوّنات دفاعه الجوي بما يحقق قدرة الدرع من دون كشف أسرار الـ»أس 300» ومواقعه، فهل باتت جبهة لبنان أسهل للمناوشة والتصعيد؟

يجمع المحللون في كيان الاحتلال وهم يواكبون حملة نتنياهو نحو أنفاق الشمال على أربعة أشياء، الأولى أن نتنياهو في النفق السياسي والقضائي والحملة متنفس له لشغل الرأي العام والإعلام بما هو خطر أمني، والثانية أن «إسرائيل» كلها في نفق العجز عن حرب مع جبهة لبنان، وتسعى لتفادي أي مواجهة وإلا لكانت ومن دون إعلام وإعلان وضعت أيديها على الأنفاق وتوغّلت عبرها إلى ما وراء حدود لبنان ونفّذت عبرها أعمالاً أمنية ضد حزب الله، أو قامت بنسفها داخل الجغرافيتين اللبنانية والفلسطينية، والثالثة أن حملة الأنفاق تكتيكية لإعادة تحريك التفاوض الذي يملك مع لبنان قناتين عمليتين هما اليونيفيل والسفارة الأميركية، والذي تتولّاه لبنانية جهات لا تتطابق مع المقاومة في نظرتها وبعضها يشارك في العداء لحزب الله ما يجعله يتلقف التهديد الإسرائيلي لتوظيفه في ضغوط لو لم تكن متصلة مباشرة بما يزعج «إسرائيل»، لكنه سيستعمله فيما يسهم بإرباك حزب الله وتحميله مسؤولية المخاطر على لبنان. وهذا كاف بذاته. أما الرابعة وهي الأهم، فتستند إلى يقين قادة الكيان بأن التفاوض الذي يبدأ حول الأمن عبر الحدود سينفتح على قضايا ترسيم الحدود البرية والبحرية، وبقدر ما يمكن للاحتلال أن يقدّم بعض التنازلات الشكلية التي تطال الجدار في الحدود البرية، فهو سيجهد لحسم الحدود البحرية لاتصالها بملف الغاز الذي تضع قيادة الكيان ثقلها للسير بخطط الاستثمار والتطوير في مجالاته ومفرداته كافة.

لا يمكن تجاهل المدى الذي قطعه الإسرائيليون في استثمار الغاز، ونجاح مساعي التعطيل الداخلي اللبناني بإيجاد فارق زمني بين لبنان و»إسرائيل» يمتدّ لسنتين، وهو مرشح للزيادة في ضوء مساعي تعطيل الحكومة، كما لا يمكن تجاهل الحاجة الإسرائيلية للاستقرار في ملف الغاز، خصوصاً أن الإسراع في الاستقرار القانوني صار شرطاً للمراحل الراهنة من الاستثمار بالنسبة للشركات العالمية التي تتولى التنقيب والاستخراج والضخ، وكذلك بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين الذين تسعى «إسرائيل» لاجتذاب مشاركتهم في مشروع أنبوب استراتيجي يضخ الغاز الإسرائيلي إلى قبرص فاليونان وصولاً إلى إيطاليا كمرحلة أولى.

– اللافت أن التحرش الإسرائيلي المرشح لتغير عناوينه تحت سقف تفادي التصعيد، يتم ضمن سياق منسق خليجياً عبر عنه التمويل الإماراتي للدراسة الخاصة بأنبوب الغاز إلى أوروبا، وقد بلغت قيمة التمويل المعلنة مئة مليون دولار، ولبنان الداخل ليس بعيداً عن الأيدي والعيون الخليجية، مباشرة أو عبر امتدادات لبنانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى