بقلم غالب قنديل

المقاومة تردع الحماقة الإلغائية

غالب قنديل

ما جرى في الجاهلية كان استعمالا سافرا للسلطة ولأدواتها في تصفية حساب سياسي غايتها شطب وإخضاع الوزير السابق وئام وهاب الذي يتزعم قوة شعبية واضحة في الجبل وحصد رصيدا انتخابيا كبيرا رغم كل ما احاط بالانتخابات وتحالفاتها في الشوف وعالية من تشتت وتفكك على صعيد قوى الثامن من آذار بصورة ضيعت فرصة خوض معركة متكافئة في وجه الحلف المناهض للمقاومة الذي قاده ثنائي جنبلاط الحريري وشريكهما حزب القوات وهذا الحلف استفاد من خلط الأوراق ومن انحلال حلف الثامن من آذار وانقساماته وخاض مناورة سياسية اتاحت له منع انتصار ساحق لمعارضيه لو جرت عملية تشكيل اللوائح على نسق مختلف.

الذريعة الحريرية المتصلة بكلام منسوب لوهاب سبق له واعتذر عنه لا تبرر سياسيا او قانونيا حملة عسكرية ضخمة زجت بها شعبه المعلومات في قوى الأمن الداخلي على نحو ما شهدناه تحت عنوان إجرائي هو تبليغ موعد للتحقيق في شكوى قدح وذم ومضمونها الكلام الذي اعتذر عنه وهاب أكثر من مرة وكل ذلك لايفسر ترويع بلدة ومنطقة برمتها ووضع البلد على شفير هزة امنية أسفرت عن سقوط شهيد حجبت دماؤه دماءا كثيرة بفضل تحركات واتصالات قادها حزب الله لرد المتلاعبين إلى فهم الحقائق التي تجاهلوها يوم افترضوا انهم يمتلكون الذرائع الكافية لاستباحة الشوف وتنفيذ مجزرة واجتياح بلدة الجاهلية لاقتلاع الوزير وهاب وشطبه سياسيا وربما اغتياله كما أشار متناسين امثولة حزب الله المتجددة بالوفاء لحلفائه والذي وقفوا ويقفون مع المقاومة ويدفعون كلفة خيارهم بطيبة خاطر منذ سنوات والوزير السابق وهاب هو من أبرز هؤلاء الحلفاء.

مرة اخرى كانت رسالة حزب الله الرادعة بمنع اختلاس أي فجوة لتصفية الحساب السياسي والانتقام من أي جهة تنتمي إلى الحلف الوطني المقاوم تحت أي غطاء كان وهذه مسألة جوهرية خارج جميع التفاصيل والذرائع التي يتغطى بها الجامحون والحاقدون الذي يتجاهلون ميزان القوى الفعلي في البلاد ويريدون اقتناص السوانح لتحقيق رغباتهم مستغلين عقلانية المقاومة وحكمتها وحرصها الشديد وبأي حال كبحت المقاومة نزواتهم المرضية مجددا بتلك الحكمة وبذلك الحرص عندما أفهمتهم عواقب السير في مغامرة دموية خطيرة اوشكت ان تحرق الشوف والجبل وربما امتدت إلى اكثر من منطقة اخرى في لبنان.

يتوهم الحلف المناهض للمقاومة أنه قادر على التلاعب بالتوازنات السياسية الداخلية مرة بالتحايل والمناورة ومرة عبر الاستقواء بالضغوط والعقوبات الأميركية ومرات باستثمار الفرص التي يتوهم انها تتيح له كسر التوازنات وتصفية الحساب مع هذا المنافس او ذاك من جبهة حلف المقاومة والغاية التي لايمكن إخفاؤها بأي ذريعة هي ان المقاومة تبقى هي المستهدف الحقيقي عبر تعريتها من حلفائها المخلصين سواء بمحاولات تفكيك جبهتهم بالاغراءات والمغانم والعروض أوبتسعير التناقضات في ما بينهم ام من خلال تسقط الفرص لضربهم والتخلص منهم.

مجددا تؤكد التجربة ان على قوى الثامن من آذار استعادة حضورها ووحدتها بدلا من حالة الرخاوة والميوعة والانحلال التي استغرقت فيها خلال العامين الماضيين وما وقع في الشوف هو بروفة لعملية لو نجحت كان سيتم تكرارها في مناطق اخرى وضد حلفاء آخرين لأن القوى المقابلة لجبهة المقاومة وحلفها الوطني هي قوى استئثار وتسلط لا تستسيغ التصرف بمنطق الشراكة الوطنية الذي تغلبه المقاومة في جميع مواقفها وخياراتها كما تبين التجارب.

وكما هي الحال دائما في الأنظمة الريعية تزداد نزعة الاستئثار والتحكم شدة وقوة وعنفا عند الفئات النافذة والمتحكمة كلما تقلص الريع المتاح للنهب فالجهات نفسها يتسع بهوها للشركاء في زمن الوفرة بينما تحكم قبضة التسلط العنفي لتحتكر كل شيء في زمن الشح والقلة.

المقاومة تحمي السلم الأهلي المهدد بمغامرات بعض أهل السلطة والمقاومة تردع الاستئثار والاحتكار السياسي والطائفي المقيت الذي درج عليه الحاكمون وتوارثوه كما شرع بعضهم في توريثه ومن هنا أهمية الإحياء العاجل لحلف الثامن من آذار حول المقاومة وبمشروع شامل لتصحيح الحياة الوطنية بما يدعم إرادة الاستقلال والتحرر من الهيمنة ويحفز العمل المنهجي لإسقاط الوصاية الأميركية السعودية الواقفة خلف تنمر المتسلطين وخططهم الحمقاء المكشوفة فتلك الأصابع الخفية موجودة في جميع التفاصيل ولها في كل قضية دور وتأثير ومن يتمعن يرى.

فليفهم الحمقى والمتذاكون ان محور المقاومة الذي يغير البيئة الإقليمية بالتراكم المتدرج وهو يردع إسرائيل لن يسمح لأحد باستهدافه لفرض تغييرات في التوازن السياسي داخل لبنان وقواعد المساكنة بين المحورين هي دائما مفتوحة على المراجعة والتعديل حين تقرر قيادة المقاومة ذلك وإذا استنفذت مهل الصبر والاحتواء الإيجابي فلكل حادث حديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى