من الصحف البريطانية
اشارت الصحف البريطانية الصادرة اليوم الى أن ولي العهد السعودي لا بد أنه شعر براحة مؤقتة بعد إصدار إعلانين عن مقتل جمال خاشقجي في نفس اليوم، تجنبا ذكر اسمه وبالتالي أعفياه من أي مسؤولية عن القتل بالقنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي .
وأشارت إلى أن طلب المدعي العام السعودي إيقاع الإعدام لخمسة من أعضاء فريق القتل الذي أرسل لاغتيال خاشقجي، وإعلان وزارة الخزانة الأميركية عن عقوبات ضد شخصيات رئيسية في القضية، يوفران إستراتيجية خروج لولي العهد المحاصر الذي أصبح اسمه مرتبطا بالقتل.
لكنها أردفت بأن هذا الخروج قد لا يكون سهلا كما كان يتصور، وانتقدت بيان المدعي العام السعودي بأنه بدا كأنه فيلم رعب سار بشكل سيئ بممثلين عنيفين ومخرج مجهول.
نشرت صحيفة الفايننشال تايمز تقريراً لسايمون كير وأندرو إنغلند بعنوان “تحقيقات خاشقجي تركز على (أمير الظلام) السعودي“.
وقال التقرير إن “المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني متهم بالتخطيط لقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”، مضيفاً أنه عندما فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على 17 سعودياً لتورطهم بقتل خاشقجي، فإن واشنطن كانت واضحة منذ البدء وقالت إنها تعتقد أن سعود القحطاني هو الشخص الذي لعب دوراً محورياً في العملية“.
وأردف التقرير أن “القحطاني يلقب في الداوئر الدبلوماسية باسم (أمير الظلام) وقد تصدر اسمه قائمة وزارة الخزانة الأمريكية التي اعتبرته جزءاً من تخطيط وتنفيذ العملية“.
وتابع التقرير بالقول إن “القحطاني (40 عاماً)، الذي أعُفي من منصبه كمستشار في الديوان الملكي الشهر الماضي، كان أهم مسؤول إعلامي في الديوان وأرفع شخصية مقربة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان – الحاكم الفعلي في السعودية – تُفرض عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة“.
ونقل التقرير عن أحد المحللين السعوديين قوله إن “اسم القحطاني سيء السمعة، لذا فإنه من غير الوارد أن يعود ليشغل منصباً رسمياً، إلا أنه قد يكون له دور في توجيه الرأي العام“.
وأضاف “تربطه علاقة صداقة شخصية مع الأمير محمد بن سلمان”، موضحاً أنه “لا يوجد هناك نظام قضائي شفاف في السعودية، لذا فإن مفهوم المساءلة، عندما يتعلق الأمر بالأصدقاء، غير موجود“.
وأوضح التقرير أنه حسب تقارير نشرتها وسائل إعلام أمريكية فإن وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي أيه” خلصت إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي، الذي مات في قنصلية بلاده في إسطنبول.
وتابع بالقول إنه لا يوجد لدى الوكالة “دليل صارخ” على ضلوع ولي العهد السعودي في عملية القتل، ولكنهم يعتقدون أن مثل هذه العملية لابد أنها تمت بموافقته.
وأشار التقرير إلى أن المدعي العام السعودي طالب بتنفيذ عقوبة الإعدام في خمسة من أصل 11 متهماً بقتل خاشقجي، مشيراً إلى أن “المستشار السابق” – المعروف بأنه القحطاني لأنه المستشار الوحيد الذي ارتبط اسمه بالقضية – التقى قائد فرقة الاغتيال قبل سفرهم لتركيا.
ونقل التقرير عن سعوديين ناشطين في مجال حقوق الإنسان قولهم إن القحطاني استخدم مهارته في مجال وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، حيث لديه 1.35 مليون متابع بموقع تويتر، وهم في ازدياد.
وأضافوا أن القحطاني هدد العديد من المدونين السعوديين والناشطين في مجال حقوق الإنسان والصحفيين خلال العامين الماضيين كما أنه أنشأ جيشا إلكترونيا على تويتر لشن هجمات على منتقدي الحكومة السعودية.
وختم بالقول إنه لم يتم اعتقال القحطاني. ولدى السؤال عن وضعه فإن المدعي العام يؤكد أنه ممنوع من السفر للخارج وأنه قيد التحقيق.
نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مسؤول مخابرات أوروبي قوله إن الاستنتاج الذي خلصت إليه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) من أن محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي، يمثل “أكبر ضربة موجعة” حتى الآن لولي العهد السعودي.
وذكرت الصحيفة أن هذا الاستنتاج وضع محمد بن سلمان في صلب فضيحة لا تزال تداعياتها تهز المنطقة.
وأشارت إلى أن ما توصلت إليه “سي آي أي” من استنتاج يُعد أول تقييم حكومي أميركي يربط ولي العهد بحادثة اغتيال المنشق السعودي في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول بتركيا.
كما يأتي في غمرة محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون حماية بن سلمان من أي تحقيقات جنائية، كتلك التي أدانت 21 من عملاء الاستخبارات السعودية بجريمة القتل البشعة.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول استخبارات أوروبي -لم تكشف عن هويته- القول إن ما توصلت إليه المخابرات الأميركية “يلحق ضررا بليغا براوية المملكة الرسمية” عن حادثة الاغتيال.
وتطرقت الصحيفة إلى تصريحات ترامب وبعض مسؤولي إدارته التي حاولوا خلالها النأي بحليفهم بن سلمان عن الجريمة، فقد ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت أن “التقارير الأخيرة التي تشير إلى أن الحكومة الأميركية توصلت إلى نتيجة نهائية (في الموضوع) غير صحيحة“.
غير أن ترامب -الذي تصفه الغارديان بأنه كان من أشد مؤيدي بن سلمان- بدا محبطا إزاء قضية خاشقجي، ومن تورط مسؤولين كبار ممن وجدوا طريقا إلى البلاط الملكي السعودي.
واستطردت الصحفية قائلة إن أعضاء في مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حثوا ترامب على التشدد مع ولي العهد السعودي.
وقال مسؤول المخابرات الأوروبي إنه ليس من دأب أي جهاز استخبارات إصدار حكم قاطع في قضية حساسة بهذا الشكل.