توماس فريدمان: أميركا حائرة في محمد بن سلمان
تجد أميركا نفسها حائرة بين صورتين متناقضتين: فبينما يقدم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نفسه كإصلاحي، يُقتل بالتوازي مع ذلك صحفي سعودي جمال خاشقجي في ركن مظلم من قنصلية بلاده بإسطنبول على يد فريق أمني سعودي، وفق مصادر الشرطة التركية .
ورفض الكاتب الأميركي توماس فريدمان في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز السيناريو الذي حمّل مسؤولية مقتل الصحفي إلى عناصر خارجة عن السلطة السعودية، وقال “لا أؤمن للحظة واحدة بأن العملية نفذتها عناصر مارقة، وأن ولي العهد السعودي لم تكن له معرفة مسبقة بالموضوع“.
وانتقد فريدمان موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القضية ودفاعه عن السلطة السعودية، وقال “كصحفي أميركي -وقبل ذلك كمواطن- أجد نفسي محرجا لرؤية رئيسي دونالد ترامب ووزير خارجيته يتشاركان مع المسؤولين السعوديين في تأليف قصة لاحتواء الموضوع، ولا أعتقد أنهم سينجحون في ذلك“.
وأمام تفاعلات القضية وتفاصليها المختلفة، تساءل كاتب المقال: “كيف يتعين على الولايات المتحدة الموازنة بين القيم التي تؤمن بها ومصالحها؟”، قبل أن يضيف أن “الجواب في رأيي هو العودة إلى الأسس“.
وقال “أعلم أن أجندة ولي العهد محمد بن سلمان للإصلاح تحتاج وقتا للنجاح، لكن لا أهتم شخصيا إن كان ولي العهد (أم بي أس) بشكل شخصي هو من يحكم السعودية أو أي أحد آخر (كي أف سي، أس أو أس…)”، مشيرا إلى أن مقتل الصحفي السعودي جعل ولي العهد شخصا فاقدا للمصداقية.
وركز المقال على أن الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو أن تقوم المملكة العربية السعودية بالإصلاح الذي يشمل الجانبين الديني والمجتمعي، موضحا أن تطبيق ذلك النموذج سيؤثر على بقية بلدان العالم الإسلامي.
وعن الأسباب التي أدت إلى تلك الهجمات التي شكلت محطة مفصلية في التاريخ الحديث، قال الكاتب “أؤمن بأن جذور هجمات 11 سبتمبر/أيلول تعود في الأساس لصفقتين رهيبتن: الأولى بين آل سعود والمؤسسة الدينية. والثانية بين السعودية وأميركا.
ويمكن اختصارها بالقول “واصلوا إنتاج النفط، احتفظوا بأسعار المحروقات منخفضة، ولا تزعجوا إسرائيل كثيرا، وبإمكانكم أن تفعلوا ما تريدون، انشروا ما تريدون من كراهية في مساجدكم، اطبعوا ما شئتم من نظريات المؤامرات، وعاملوا المرأة بالطريقة التي ترونها“.
وكنتيجة لتلك السياسة التي طبقت في السعودية، وقعت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ومنذ ذلك الحين، بدأ انتقاد قادة المملكة لعدم إصلاح المناهج الدينية، بالإضافة إلى بعض المطالب المتعلقة بالتحديث الاقتصادي والاجتماعي، لكن لم يتم أبدا إقحام قادة السعودية في حرب أفكار بالخصوص، بحسب فريدمان.