شؤون دولية

شابيرو: تورط بن سلمان في مقتل خاشقجي كارثة بالنسبة لإسرائيل

اعتبر سفير الولايات المتحدة في إسرائيل السابق (2011 – 2017)، دان شابيرو أن اغتيال الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي هو “كارثة بالنسبة لإسرائيل” من حيث مدى تورط ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الجريمة، وذلك من باب أن لإسرائيل مصلحة في أن تبقى السعودية حليفة للولايات المتحدة ضد إيران .

واعتبر السفير الأميركي السابق أن ولي العهد السعودي ارتكب جريمة فظيعة لها أبعاد فادحة، من جهة أنها وضعت السعودية في موضع عدم الثقة تحت سلطته، كما قوض أي إجماع دولي محتمل للضغط على إيران، وأكدت أن بن سلمان مصاب بالعمى الإستراتيجي، وأنه أثبت مرة أخرى عدم مسؤوليته وتهوره، لافتا إلى أنه، باستثناء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن أحدا من أعضاء الكونغرس أو الزعماء الأوروبيين لن يوافق على الجلوس مع بن سلمان، أو يناقش إيران معه.

كما أكد أنه بالنسبة للولايات المتحدة فإن هذه الجريمة لن تمر بدون ثمن، وأن أضرارها ستظل قائمة طالما ظل بن سلمان في السلطة.

وكتب في مقال خص به صحيفة “هآرتس”، نشر اليوم، أن لإسرائيل مصلحة في بقاء السعودية حليفة للولايات المتحدة في حربها ضد إيران، وأن الانتقادات في الكونغرس وفي الشارع الأميركي لمقتل خاشقجي تلزم إسرائيل بالتصرف بحذر في القضية.

وكتب أنه لا يمكن التعامل مع عملية خطف الخاشقجي وقتله بيد قوات الأمن السعودية كأمر عادي. ومهما حاولوا، وبشكل غير موثوق تماما، عرض ما حصل على أنه تحقيق قد تشوش أو عمل جهات عملت من تلقاء نفسها. فأبعاد ما حصل أعمق بكثير من التراجيديا الشخصية لعائلة وخطيبة خاشقجي، فهو يضع أمام الولايات المتحدة وإسرائيل أسئلة جوهرية بشأن رؤيتهما الإستراتيجية الشاملة في الشرق الأوسط.

وكتب أن بعضهم سيدعي أن الوقاحة التي تجلت في قتل خاشقجي هي من النوع الذي يميز المستبدين العرب، وبضمنهم حلفاء الولايات المتحدة، ولكن في هذه المرة كانت فظة أكثر.

وتابع أن “أحدا لا يصنع معروفا مع أحد مجانا في الشرق الأوسط، وتحالف الولايات المتحدة مع السعودية صمد مدة عشرات السنوات من قمع السلطات للشعب السعودي. إن جزءا من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بادر إليها ولي العهد، محمد بن سلمان، والدفع بأهداف إستراتيجية مشتركة للجم العدوانية في المنطقة، لا تزال تخدم مصالح الولايات المتحدة. ولكن قتل خاشقجي، وعدا عن كونه تجاوزا للخطوط الحمراء بعدم أخلاقيته، فإنه يشير إلى أنه لا يمكن الوثوق بالسعودية تحت سلطة محمد بن سلمان كشريكة إستراتيجية. وما حصل في القنصلية السعودية في إسطنبول يذكر بكلمات استخدمت في السابق لوصف كيف قتل نابليون أحد خصومه: “هذا أسوأ من جريمة. هذا خطأ”، ويمكن إضافة أنه خطأ إستراتيجي“.

ولفت إلى أن ولي العهد كان قد أظهر عدم مسؤولية وتهوره في تحديد الساسة الخارجية السعودية. والحرب المبررة ضد الحوثيين المدعموين من إيران في اليمن نفذت من خلال التجاهل التام لمعاناة المدنيين، كما تفجرت في وجهه عملية إجبار رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، على الاستقالة.

وكتب أيضا أن “الحصار الذي فرضته السعودية على قطر، منع دول الخليج من التركيز على الهدف المشترك، روسيا وإيران، ولم يحقق أي فائدة. وكذلك قطع العلاقات مع كندا بسبب تغريدة انتقدت اعتقال ناشطي حقوق إنسان. كان رد فعل مبالغ به“.

ويضيف “والآن، وبأمر من ولي العهد، نفذت جريمة قتل مروعة في وضح النهار. وكذب السعوديون على الرئيس ترامب طيلة عدة أيام. ولا يزالون يكذبون. من الممكن أن يكون ترامب غير مكترث، ربما بسبب مستواه الأخلاقي أو ربما بسبب النشر الكبير عن كل صفقة أسلحة سعودية كمصدر لخلق أماكن عمل“.

ولكن محمد بن سلمان لم يأخذ بالحسبان أن أمر اغتيال خاشقجي هو تجاوز لكل الحدود المسموحة والمقبولة على الرأي العام الاميركي وحزبي الكونغرس. ولذلك فإن الانتقادات الصارمة والمطالب بالرد وصلت من جانب السيناتورات الجمهوريين، ليندسي غراهام وماركو روبيو.

وبعد أن أشار إلى أن قمع السلطات في السعودية ليس جديدا، استدرك بالقول إن محمد بن سلمان ارتكب خطأ فادحا عندما لم يدرك أن خطف صحفي يعيش في الولايات المتحدة، وتقطيع أوصاله، وكل جريمته لم تتجاوز التعبير عن الرأي، هو أكثر مما يمكن أن يحتمله الأميركيون.

وتابع أنه ربما لا يكترث ترامب للأمر، مثلما يمكن استنتاج ذلك من الطريق التي يتودد فيها إلى بوتين، الذي قتل صحفيين أيضا، ولكن للشعب الأميركي يوجد حدود، ويتوقع أن تكون الحكومات الصديقة على مستويات عالية، وألا يورط الحلفاء الولايات المتحدة بجرائمهم المقيتة.

كما كتب أن حقيقة أن ولي العهد لم يدرك هذا الواقع، أو لم يكن قادرا على تقديره، وحقيقة أنه اعتقد أنه يمكن أن يفعل ذلك بدون تحمل النتائج، ولم يكن هناك أي مستشار راغب أو قادر على لجم غرائزه، تطرح تساؤلات مهمة بشأن اتزانه ومصداقيته، وتقدم أجوبة قاطعة بشأن أخلاقيته.

وبالنسبة لإسرائيل، بحسب شابيرو، فإن هذه القضية القذرة تدلل على انه لا يمكن الاعتماد على مرساة الواقع الشرق أوسطي الذي تسعى إليه، تحالف إسرائيلي – سني، تحت المظلة الأميركية في مواجهة إيران.

وتابع أن الولايات المتحدة سترد، بدون شك، على مقتل خاشقجي، حتى لو عارض ترامب ذلك، ولن يؤدي هذا الرد إلى تفكك التحالف الأميركي السعودي، ولكن الاشمئزاز الذي يشعر به الجمهور والكونغرس سيكون له ثمن.

وأضاف أن إسرائيل يجب أن تكون حذرة في التخطيط، ولها مصلحة في بقاء السعودية حليفة للولايات المتحدة. وعليها أيضا أن تتجنب التحول إلى مجموعة ضغط لصالح محمد بن سلمان في واشنطن. كما كتب أن “تنسيق إسرائيل مع شركائها في المنطقة لا يزال ضروريا ومطلوبا. ولكن يوجد هناك خطر جديد يطال صورتها بسبب العلاقة القريبة من السعودية”، بحسبه.

وكتب أنه “لن يكون من السهل على إسرائيل تحديد وجهتها في هذه الأيام، حيث انقسم واضعو السياسة الخارجية الأميركية بين معسكر معاد لإيران، وآخر معاد للسعودية. ولكن الولايات المتحدة لن تسمح لجرائم بن سلمان أن تؤدي إلى تخفيف الضغوط التي تمارسها على إيران. وبالنسبة للإسرائيليين، فإن ذلك سيكون أخطر أبعاد قتل خاشقجي، حيث أن ولي العهد، المهووس بإسكات خصومه، قوض محاولة تشكيل إجماع دولي للضغط على إيران.

وبالنتيجة، يضيف شابيرو، “إن الضرر واسع، وربما يكون ترامب استثنائيا. ولكن أي عضو كونغرس وأي زعيم أوروبي سيوافق على الجلوس مع محمد بن سلمان لمناقشة موضوع إيران؟“.

وينهي بالقول إن جريمة قتل خاشقجي كانت الدليل القاطع على العمى الإستراتيجي لمحمد بن سلمان. وسيظل الضرر قائما طالما ظل يسيطر على المملكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى