هل تعتدي «إسرائيل» على لبنان؟: حميدي العبدالله

بعد الصور التي حملها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو معه إلى الأمم المتحدة، حول ما أسماه مستودعات صواريخ لحزب الله في محيط مطار بيروت الدولي، حذّر كثيرون من احتمال أن يكون ما جاء على لسان رئيس وزراء العدو والناطقين باسم جيشه تحضيراً لشنّ «إسرائيل» عدواناً على لبنان على شكل اعتداء يستهدف مواقع تزعم تل أبيب أنها مخازن أسلحة صاروخية متطوّرة يمتلكها حزب الله وتحدث عنها الأمين العام لحزب الله في خطابه الأخير، بل إنّ البعض ذهب أبعد من ذلك وقال إنّ تسلّم سورية لوسائل دفاع جوي متطوّرة منها منظومة «أس 300» التي جعلت أيّ اعتداء لجيش الاحتلال في سورية أمراً صعباً، هي التي دفعت قادة العدو لإصدار الأوامر لجيشهم لضرب مواقع في لبنان، طالما أنّ العمل العسكري في سورية بات محفوفاً بالمخاطر .

لا يبدو على الإطلاق أنّ هذه التوقعات والتحذيرات تستند إلى أساس يجعل احتمال شنّ الكيان الصهيوني لعدوان على لبنان احتمالاً واقعياً.

الاستراتيجية «الاسرائيلية» المعلنة اليوم هي «خوض معركة بين حربين»، ولكن هذه المعركة التي تمثلت بالاعتداءات «الإسرائيلية» في سورية كانت ممكنة لسببين أساسيين: السبب الأول، أنّ الجيش السوري وحلفاءه كانوا يعطون الأولوية لدحر الإرهاب، وكانت حساباتهم قائمة على أساس أنّ العدو يريد من خلال اعتداءاته المتكرّرة التأثير على هذه الأولويات لتقديم الدعم لهؤلاء الإرهابيين الذين يقاتلهم الجيش السوري وحلفاؤه، وليس من الحكمة الانجرار إلى المخطط «الإسرائيلي»، وبالتالي من الأفضل أن تستمرّ المعركة ضدّ الإرهاب لتأمين الجبهة الخلفية للتفرّغ لمواجهة العدو الصهيوني لاحقاً، ولذلك كان هناك اكتفاء بالدفاع السلبيّ في مواجهة الاعتداءات «الإسرائيلية». السبب الثاني، أنّ سورية لم يكن لديها وسائل دفاع جوي قادرة على ردع الاعتداءات «الإسرائيلية» بسبب ما تعرّضت له سورية في حرب السنوات الثماني، حيث ركزت الجماعات الإرهابية أعمالها على تدمير ما بحوزة الجيش السوري من وسائل دفاع جوي تغطي كلّ الجغرافية السورية.

لا شك أنّ ما يغري الكيان الصهيوني بشنّ اعتداءات على سورية في الفترة السابقة كان واقعاً موضوعياً فعلياً لا يمكن تجاهله، وإذا كان هذا الواقع قد تغيّر الآن بعد استعادة سورية جزءاً من قدراتها الدفاعية، وبعد تسلّمها منظومة «أس 300»، فإنّ لبنان يملك قوةً رادعةً وهي التي جعلت تل أبيب تستهدف سورية بدلاً من لبنان، وتتمثل القوة الرادعة بأنّ استراتيجية «معركة بين حربين» غير ممكنة في لبنان، وأيّ عدوان مثل الاعتداءات على سورية ستواجه بقصف مواقع بعمق الكيان الصهيوني، وبالتالي تتدحرج المعركة إلى حرب وهو ما لم تستعدّ له «إسرائيل» ولا قدرة لها على تحمّله، ولذلك ليس هناك بالأفق عدوانٌ صهيوني على لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى