هل أخّر الجيش السوري عملية إدلب؟: حميدي العبدالله
تتناقل بعض وسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل إعلام هي جزء من إعلام منظومة المقاومة والممانعة معلومات مفادها أنّ الجيش السوري أخّر البدء بالعملية العسكرية لتحرير إدلب، نزولاً عند طلبات من بعض حلفائه، ولا سيما روسيا، لإعطائهم مزيداً من الوقت لإقناع تركيا بالعملية العسكرية، ولإتاحة الفرصة أمام أنقرة لإقناع الفصائل المسلحة بالحلّ السياسي واعتماد خيار المصالحة .
وعلى الرغم من أنّ سلوك روسيا السياسي والعسكري كان واضحاً، وأكد بما لا يقبل أيّ مجال للشك أنّ العملية العسكرية في إدلب غير خاضعة للمساومة، وهو ما شدّد عليه وزير خارجية روسيا في مؤتمره الصحافي مع وزير خارجية تركيا في أنقرة، وما أكدته مشاركة وفد أمني وعسكري ضمّ مدير المخابرات التركي ورئيس الأركان التركي في موسكو، إلا أنّ هناك من أصرّ على الادّعاء بأن الجيش السوري أخّر تنفيذ عملية إدلب لأسباب سياسية. لكن الحقيقة غير ذلك. إذ من المعروف أنّ الجيش العربي السوري قد انتهى للتوّ، أيّ أقلّ من شهر من تحرير المنطقة الجنوبية، وحتى قبل استكمال عملية التحرير قام داعش بتسهيل من الأميركيين بشنّ هجوم في محافظة السويداء يهدف إلى تغيير أولويات الجيش السوري لتشتيت قواه ومنعه من التوجه إلى إدلب. وبديهي أنه بسبب مثل هذه التطورات، فإنّ نقل القوات والأعتدة الحربية، والاستعداد لمعركة بحجم معركة إدلب تتطلب وقتاً أطول من الوقت الفاصل بين انتهاء معركة الجنوب، وبين البدء بمعركة تحرير إدلب.
معروف أنّ التقارير غير الرسمية التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، تشير يومياً وحتى لحظة إعداد هذا المقال إلى تدفق أرتال القوات والأعتدة إلى المناطق المحيطة بمحافظة إدلب، وهذا يعني أنّ الاستعداد إن لجهة حشد القوات، أو لجهة توفير الأعتدة المطلوبة، أو لجهة تحديث بنك الأهداف لم تستكمل، وبالتالي من البديهي أن لا تبدأ العملية قبل استكمال هذه الاستعدادات.
ما تقدّم يؤكد أنه ليس هناك أيّ تأخير في بدء معركة تحرير إدلب، ومبدأ المعركة محسوم لدى سورية ولدى حلفائها، وربما لدى تركيا لأنّ أقصى ما تطالب به أنقرة أن لا تكون عملية شاملة وأن لا تتسبّب بنزوح كثيف باتجاه تركيا. لكن التأخير في بدء المعركة لأسباب لوجستية مرتبطة باستكمال نقل القوات التي كان قد تمّ حشدها في الجبهة الجنوبية تحسّباً لاحتمال عدوان «إسرائيلي» واسع، قد تشارك فيه الولايات المتحدة والأردن للحؤول دون استعادة المنطقة الجنوبية إلى كنف الدولة السورية.