كولمبيا اعترفت بالدولة الفلسطينية: يوسي بيلين
اعتراف كولمبيا بالدولة الفلسطينية هو مثال واضح على حرب لا داع لها تخوضها حكومة إسرائيل منذ اعترف بفلسطين في الجمعية العمومية للامم المتحدة في 2012 كدولة مراقب، ليست عضوا في المنظمة .
فمن جهة تدعي حكومة نتنياهو بأن كل الموضوع الإسرائيلي ـ الفلسطيني شطب عن جدول الأعمال العالمي، على خلفية الصراع ضد داعش، الوضع في سوريا، الصراع السني ضد إيران والحرب في اليمن. ومن جهة أخرى، فإنها تنقض، بجهد دون كيشوتي، على كل دولة تنضم إلى اعتراف بالدولة الفلسطينية الافتراضية (الوهمية).
برأيي، كان يمكن لإسرائيل أن تكون الأولى في العالم التي تعترف بالدول الفلسطينية، مضيفة أننا ليس لنا مشكلة مع تعريفكم كدولة؛ ما يهمنا هو ان نجري معكم مفاوضات على المواضيع الجوهرية. انتم تعرفون انه لا توجد حتى الان دولة فلسطينية وكذا العالم ايضا ـ ولكن إذا كنتم تصرون على ذلك، فلا اعتراض عندنا لمنحكم الاعتراف.
على حد نهج حكومة نتنياهو، ليس هناك شيء أسهل على العالم المتهكم، الذي يسعى إلى اثبات تضامنه مع الفلسطينيين من الاعتراف بدولة ليست موجودة. هناك من يفعل هذا انطلاقا من عطف حقيقي؛ ولكن معظمهم يفعلون هذا كي يصالحوا أصواتا في داخل بلدانهم، تدعو إلى العمل من أجل الفلسطينيين، أو من أجل السير على الخط مع سياسة بلدان مجاورة. في جنوب أمريكا مثلا، اعترفت كل الدول (باستثناء المكسيك وبنما) بالدولة الفلسطينية، وهي لا تفعل هذا انطلاقا من كراهية نكراء لإسرائيل.
من المهم لكولمبيا أن تسير على الخط مع دول أخرى في القارة، وهذا أحد المواضيع التي يسهل عليها عمل ذلك من خلاله. فلندعها وشأنها.
يحتمل أنه في بداية الطريق، كانوا في ديوان رئيس الوزراء وفي وزارة الخارجية يعتقدون بأن خطوة دبلوماسية عنيفة يمكنها أن تمنع اعتراف العديد من الدول. بعد ست سنوات، حان الوقت للاعتراف بأمرين: الاول ـ الاعتراف لم يغير شيئا، لا من ناحية الفلسطينيين ولا من ناحية إسرائيل. والثاني ـ حتى الدول القريبة من إسرائيل قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولم تقتنع بالامتناع عن ذلك. وبدلا من جعل كل اعتراف كهذا إهانة كبرى، يمكن الاكتفاء في أن تسجل إسرائيل امامها القرار وتشرح بأن دولة فلسطينية حقيقية لن تقوم الا كنتيجة لاتفاق بين إسرائيل و«م.ت.ف».
القصة الدراماتيكية التي تقول إن نتنياهو أوشك على السفر إلى احتفال اليمين القانونية للرئيس الكولمبي الجديد ايفان دوكا، ولكنه ألغى مشاركته في اللحظة الأخيرة ـ أغلب الظن لان الحاصل على جائزة نوبل للسلام، صديقنا، الرئيس المنصرف كلدرون أعلن عن قرار الاعتراف في 3 آب/أغسطس، ونسق ذلك مع الرئيس الجديد، ومع وزير الخارجية كارلوس هولمس ـ لا تغير جوهريا في الأمر من شيء.
لا يوجد أي سبب يدعونا إلى تخريب العلاقات مع كولمبيا ومع معظم دول العالم، فقط لأَنها اعترفت بالدولة الفلسطينية. وبدلا من تبذير زائد للطاقة، يجدر بنا أن نوجهها نحو محاولة جدية لايجاد حل حقيقي.
إسرائيل اليوم