الاحتكاكات على الجدار مستمرة: عاموس هرئيل
حادثة إطلاق النار، أمس، على حدود قطاع غزة هي دليل على سوء تفاهم محلي يمكنه أن يتطور إلى حادثة تلقي بظلها على جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار. إطلاق رجال حماس للنار قرب الجدار أدى إلى رد فوري لإسرائيل وإلى قتل نشيطين من الذراع العسكري لحماس .
حسب رواية حماس التي نشرت بعد الظهر، فإن الأمر يتعلق بسوء تفاهم. في موقع لقوات الكوماندو البحري لحماس في شمال القطاع، جرى استعراض أمام شخصيات كبيرة في المنظمة؛ جنود الجيش الإسرائيلي اعتقدوا بالخطأ أن إطلاق النار موجه ضدهم وردوا بنار المدفعية. في الجيش الإسرائيلي قالوا في البداية إن الرد على إطلاق النار كان مطلوبًا في مثل هذه الظروف.
ولكن في هذه الليلة، وبعد تحقيق أولي، عدل الجيش لوائحه. فقد تبين من التحقيق أن إطلاق النار شُخص على بعد حوالي 2 كم من الحدود. بعد ذلك اعترف الجيش أن تشخيصًا إشكاليًا كان هناك، وفسر ذلك بالمستوى العالي للتوتر في هذه الأسابيع على طول الحدود، وبأحداث سابقة من إطلاق نار القناصة. أثناء إطلاق النار كانت قوة هندسية للجيش الإسرائيلي تعمل على طول الجدار، والقادة الميدانيين خافوا من أن يتعرضوا للخطر.
يقف الكوماندو البحري لحماس في الأشهر الأخيرة في جبهة الاحتكاك مع إسرائيل. حماس بمساعدة إيران استثمرت جهودًا كبيرة في تحسين القدرات العملياتية لهذه الوحدة. سلاح الجو يكثر من مهاجمة قاعدتها بهدف المس بهذه القدرات.
في هذا الأسبوع أعلنت وزارة الدفاع إقامة عائق بحري بطول 200 متر تم بناؤه بشكل عمودي مع الشاطئ بهدف تصعيب دخول الغواصين.
حادثة إطلاق النار، أمس، هي الثالثة من نوعها خلال أسبوعين ونصف. في الحادثتين السابقتين قتل جندي من جفعاتي، الرقيب أول افيف ليفي، وأصيب بإصابة متوسطة ضابط من اللواء. الحادثتان السابقتان حدثتا على بعد حوالي 400 متر إحداهما عن الأخرى، وبفارق زمني أقل من أسبوع. في الحالتين كان ذلك إطلاق لنار القناصة أصابت القوات الموجودة على طول الجدار جنوب قطاع غزة.
قتْل نشيطين من الذراع العسكري أدى ـ كما هو متوقع ـ إلى تهديدات بالانتقام من قبل حماس والجهاد الإسلامي. أعاد الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة نشر بطاريات القبة الحديدية في مناطق عدة في النقب، وهذا يدل على أنه مستعد للتصعيد. مع ذلك، فإن المنظمات الفلسطينية ردت بصورة مختلفة على قتل أعضائهم في السابق. بشكل عام أطلقت الصواريخ ردًا على موت نشطاء في الذراع العسكري، في حين أنه لم يكن رد كهذا على قتل متظاهرين في التظاهرات الأسبوعية على طول الجدار.
تسوية صغيرة
تتحدث التقارير الفلسطينية، الأسبوع الماضي، عن احتمالات أن تتم بلورة صفقة قريبة مع إسرائيل استبدل بها الآن نغمات متشائمة وحذرة أكثر. هذا يتوافق مع الرياح التي هبت من نقاش الكابنت أمس الأول. سمع الوزراء أن عقبات كثيرة في الطريق إلى تسوية شاملة في القطاع ما زال تراوح مكانها هناك، أهمها رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التوقيع على اتفاق مصالحة مع حماس، وأن يتجند لعملية إعادة إعمار القطاع. إضافة إلى ذلك، مشكلة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين. ويبدو أن إسرائيل مستعدة لتعويق التقدم بدرجة ما في إعادة جثث الجنود والمدنيين الإسرائيليين، ولكنها تحتاج إلى بادرة حسن نية من حماس، مثل تقرير كامل عن وضع الأربعة، قبل المصادقة على الصفقة.
أعلنت حماس أن قيادة المنظمة اتخذت في جلستها في غزة عدة قرارات، وأن وفدًا من قبلها سيسافر إلى القاهرة لمواصلة النقاش مع المصريين حول المصالحة، لكسر الحصار والتوصل إلى تهدئة مع إسرائيل. في هذه الأثناء يبدو أن الاقتراح الموجود على جدول الأعمال في المرحلة الأولى هو «تسوية صغيرة»: وقف إطلاق النار الذي تطلب إسرائيل أن يشمل أيضًا وقف إطلاق الطائرات الورقية الحارقة والبالونات، ووقف الاحتكاك العنيف على الجدار. في المقابل إعادة الحركة الكاملة للبضائع في معبر كرم أبو سالم ورفع جزء من القيود على الصيد أمام شواطئ غزة.
هذا حل أسهل على التحقق الذي يخدم مصلحة كل الأطراف في التهدئة ومنع حدوث حرب. المشكلة هي أنه لا يقترب حتى إلى حل المشكلات الأساسية في القطاع، لذلك فإن قيادة الجيش الإسرائيلي تؤيد اتخاذ خطوات أوسع: إعطاء موافقة إسرائيلية على تقديم المساعدة الفورية في المجالات الأكثر اشتعالا: المياه والغذاء والكهرباء والوقود والمعدات الطبية وإعادة تأهيل البنى التحتية للمجاري في القطاع، ولكن ثمة فجوات أمام المستوى السياسي الذي يخشى التقدم بدون أن يكون بيديه على الأقل وعد مقنع للوصول إلى إنجازات ما في مسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، وبالطبع يخشى من أن يتم اعتباره ضعيفًا أمام حماس.
ستتضح الأمور ربما بعد جولة أخرى من المحادثات بين حماس والسلطة برعاية مصرية في القاهرة. في هذه الأثناء يتوقع استمرار الوضع الراهن: بالونات حارقة، اشتعالات محددة على طول الجدار، والكثير من التهديدات في الوقت الذي تتواصل فيه المحادثات.
هآرتس