لبيد سيكون وزيرا ممتازا:جدعون ليفي
يتنبأ المحللون بان يئير لبيد سيكون مفاجأة هذه الانتخابات، الحصان الاسود. هنا يوجد له مكان في الحكومة القادمة: وزير الاعلام. إسرائيل بحاجة إلى وزير إعلام وليس هناك من هو جدير بهذه الوزارة مثل لبيد. صحيح أن وزارة الاعلام تجارة عفنة وسخيفة، ولا يوجد لها مشترون، ولكن هذا ما يميز الاعلام.
يوم الخميس الماضي حاول لبيد بيع دعاية إسرائيلية رخيصة لقراء ال «غارديان». وقد كانت هذه أهانة لعقولهم. وعلى النقيض من قراء، وبالتأكيد من قارئات عموده الثابت في «يديعوت احرونوت» في البلاد، فإنه من المشكوك فيه أن يقوم القراء الإنجليز بتعليق ورقة على باب الثلاجات في بيوتهم كتب عليها «لماذا من الملح جداً الدفاع عن الشعب اليهودي». ولكن لبيد مثل لبيد: يجيد اكتشاف نقطة الوسط الإسرائيلية، نفسية الاغلبية مغسولة الدماغ، من يطلق النار ويبكي على الضحية، من يحب نفسه إلى درجة الامتصاص ويتعاطف مع ذاته إلى درجة القرف، الضحية والجلاد، الخالي من اية مشاعر ندم ومقتنع بعدالته المطلقة.
من لا يدرك بأن للبيد ناخبين أيضا في غيرهم، من لا يدرك لماذا لا يوجد امل في تغيير حقيقي داخل المجتمع الإسرائيلي – عليه ان يقرأ مقال لبيد. فهو النسخة المعدلة من وثيقة الاستقلال الإسرائيلية. الوقائع كما تحب احزاب «المركز – يسار» ان تصفها لذاتها – كاذبة، منفصلة، رافضة ونابذة، هذا هو مرشد لبيد للإجماع الوطني، الدافئ اللاصق. قلة هم الإسرائيلييون الذين سيعترضون على المقال، وقلة هم من في العالم سيأخذونه على محمل الجد.
إسرائيل لبيد هي إسرائيل بلعوني، إسرائيل شربوني وأطلقوا النار عليّْ، الحماقة الإسرائيلية في ذروتها: المحتل الذي لا يكتفي بعرض نفسه كضحية، ولكن باعتباره الضحية الوحيدة ولا احد غيره. يصعب التصديق – ولكن هذا ما هو موجود. لبيد نشر مقاله كرد على عريضة ال 700 فنان بريطاني، والذين دعوا إلى مقاطعة إسرائيل. لبيد يسخر منهم ومن سذاجتهم، ما الذي يعلمونه وما الذي يفهمونه، ويعظهم بالاخلاق.
روجر ووترس ليس اكثر من «مغفل للاستخدام»، مثله كذلك لوتش وريتشارد اشكروفت، الانتهازي لبيد يعظ ووترز بالاخلاق، رجل الاخلاق والضمير – هل ادركتم ذلك؟ لبيد معتاد على الفنانين الإسرائيليين من الجنكي ومن قيساريا، من الانستغرام والنمائم، ذوو القرون بكاملهم.
لبيد مع دولة فلسطينية، بالتأكيد مع، ولكن الفلسطينيون لا يريدون، حماس تشنق المثليين، في إسرائيل عُينت امرأة رئيسة للمحكمة العليا، في الكنيست والجيش يوجد مسلمون ومسيحيون – يا لها من بلاد رائعة. عندما كان وزيرا للمالية سابقا قدم النصائح لغزة، كيف انهم لا يبنون هناك مدارس ومستشفيات وفقط يتسلحون. في إسرائيل كما هو معروف، معظم الموازنة تذهب إلى الصحة والتعليم، وفقط بواقي الموازنة تذهب إلى الامن.
ولكن، قمة المقال تكمن في مشاعر الضحية: ما الذي يريده لبيد وسائر الإسرائيليين؟ ما الذي يريدونه، دعاة السلام ممن ليس لهم مثيل؟ القليل من الهدوء، القليل من الامن. ولكن العرب السيؤون لا يريدون. «فقط ما أريده هو ان لا يقتلوني لأني يهودي، وأن اليهود في اوروبا يستطيعون المكوث بأمان خارج الكنس، أن يتسوقوا من البقالات الحلال وأن يشعر اليهود في إسرائيل بأمان من الصواريخ وقذائف المدفعية». وتنحدر الدمعات واحدة تلو الأخرى: اليهود. وماذا مع القليل من الهدوء للفلسطينيين؟ وماذا مع القليل من الأمن لسكان غزة؟ ممن يُقتلون بالآلاف؟ ماذا مع الاحترام؟ ماذا مع الحرية؟
ألم يكتف من الفن الهابط، والكذب والموت؟ ها هنا المزيد: دانيال ترجرمان ابن الرابعة الذي قتل من قذيفة اطلقت من غزة – «هذا الطفل الصغير كي يكون محتلا كولونياليا»، كما كتب لبيد بتمسكن مميز لشخصيته. ومئات الاطفال الذين قتلهم الجيش، هل هم كبار كفاية كي يكونوا «مخربين» و «ارهابيين؟»
لم يسمع لبيد عن الحصار، لم يسمع عن اليأس، وعن جرائم الحرب وعن الاحتلال. فما الذي يعرفه عن الحياة في الضفة وعن الموت في غزة؟ يكفيه ان الفلسطينيين ولدوا كي يموتوا. مثله يعتقد معظم الإسرائيليين. ومثله يعتقد كامل معسكر «اليسار – المركز». فهم على شاكلة حزبه، يش عتيد.
هآرتس