رويترز: السعودية تسحب ملف “صفقة القرن” من بن سلمان
قال دبلوماسي عربي بارز في الرياض لوكالة “رويترز” للأنباء، “إنّ الملك السعودي هو من يتخذ القرارات بشأن “صفقة القرن” الآن، وليس ولي العهد “.
جاء ذلك، وفق “رويترز”، وسط سعي السعودية إلى تهدئة المخاوف من احتمال أن تؤيّد اتفاقا أميركيًا ينحاز للإسرائيليين في قضيتي القدس واللاجئين، بعدما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركيّة، في الثاني من كانون الأول/ديسمبر الماضي، أنّ ولي العهد السّعوي، محمّد بن سلمان، اقترح على الإدارة الأميركيّة أن تكون أبو ديس عاصمةً لفلسطين، ضمن صفقة القرن.
وقال دبلوماسيون ومحللون لـ”رويترز” إن الضمانات الخاصة التي قدمها الملك سلمان للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ودفاعه العلني عن المواقف العربية الثابتة في الأشهر الأخيرة، ساعد في تغيير تصورات بأن السعودية غيرت موقفها تحت قيادة بن سلمان.
وأضاف المسؤول العربي البارز أنّ “خطأ الولايات المتحدة أنها اعتقدت أن بإمكان دولة واحدة الضغط على بقية الدول للتسليم، لكن الأمر لا يتعلق بالضغط. لا يملك زعيم عربي التخلي عن القدس أو الفلسطينيين“.
وقال مسؤولون فلسطينيون لـ”رويترز”، في كانون الأول الماضي إن بن سلمان ضغط على عباس لتأييد الخطة الأميركيّة، رغم مخاوف من أنها لا تعطي الفلسطينيين سوى حكم ذاتي محدود داخل مناطق غير مترابطة من الضفة الغربية المحتلة، دون الحق في العودة للاجئين الذين نزحوا من ديارهم في حربي 1948 و1967.
وتشكّل صفقة القرن تراجعًا حتّى عن مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في عام 2002، والتي عرضت خلالها الدول العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل كامل، مقابل الاتفاق على إقامة دولة للفلسطينيين وانسحاب إسرائيل بالكامل من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967.
ونفى مسؤولون سعوديون وجود أي خلاف بين الملك سلمان، الذي أعلن تأييده للمبادرة، وولي عهده الذي غيّر سياسات راسخة بشأن قضايا كثيرة في السعودية، وقال لمجلة أميركيّة في نيسان/أبريل الماضي، إن من حق الإسرائيليين العيش في سلام على أراضيهم – وهو تصريح نادر من زعيم عربي.
ويقول دبلوماسيون بالمنطقة لـ”رويترز” إن الموقف الحالي لواشنطن، الذي نقله مسؤولون كبار بالبيت الأبيض خلال جولة الشهر الماضي، لا يتضمن اعتبار القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، أو حق العودة للفلسطينيين، أو تجميد الاستيطان الإسرائيلي.
ولم يقدم مستشار وصهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، تفاصيل ملموسة عن الإستراتيجية الأميركيّة بعد مرور أكثر من 18 شهرًا على تكليفه بالتوصل إلى سلام.
وقال دبلوماسي في الرياض، اطّلع على تفاصيل أحدث زيارة لكوشنر للسعوديّة، إن الملك سلمان وولي العهد التقيا به معًا، وأضاف: الأمير محمد بن سلمان كان هو من يدير الحديث والملك في الخلفية.
وقال المحلل السّياسي المستقل، نيل باتريك، إنه يبدو أن الملك سلمان قد قام بتحجيم “الأسلوب المتهور سياسيا” لولي العهد، بسبب أهمية القدس للمسلمين.
وأضاف باتريك، المساهم الرئيسي ومعد كتاب “السياسة الخارجية السعودية: الصراع والتعاون”: لذلك فإن الأمير محمد بن سلمان لن يعارض “اتفاق” كوشنر، ولكنه لن يبذل، أيضًا، جهدا بعد الآن لتشجيع تفاصيلها السياسية أحادية الجانب.
ولم يعرض كوشنر وزميله المفاوض جيسون غرينبلات مقترحا شاملا، بل مجرد عناصر مفككة قال أحد الدبلوماسيين إنها “تجاوزت خطوطا حمراء كثيرة جدا“.
لكنهما ركّزا، بدلا من ذلك، على فكرة إقامة منطقة اقتصادية في شبه جزيرة سيناء المصرية، مع احتمال خضوع قطاع غزة لسيطرة القاهرة، وهو ما وصفه دبلوماسيون عرب بأنه “غير مقبول“.
وفي قطر، قال دبلوماسيون إن كوشنر طلب من الأمير، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الضغط على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من أجل التخلي عن سيطرتها على غزة في مقابل مساعدات تنمية.
وقال دبلوماسي اطّلع على تفاصيل الاجتماع، إن الشيخ تميم أومأ برأسه في صمت، ولم يتضح ما إذا كان ذلك يشير إلى القبول أو ما إذا كانت قطر تلقت عرضًا ما مقابل ذلك.
وقال الدبلوماسي العربي البارز في الرياض إنّ “المشكلة هي عدم وجود خطة متماسكة مقدمة لجميع الدول… لا أحد يعرف ما يجري عرضه على الآخرين“.