8 آذار تدفع ثمن التسوية الحكومية؟
ناصر قنديل
– تقول المعلومات إنه تمّ حتى الآن تذليل بعض العقبات أمام تشكيل الحكومة اللبنانية، وبقي بعضها، لكن الحاجة للتدقيق في مضمون صيغ التسوية التي حسمت ضرورية بالمعنى السياسي. فالقانون الانتخابي القائم على النسبية جاء بنتائج وتوازنات، والدستور يعتبر الحكومة مستقيلة بعد الانتخابات حكماً، لأنّ الشعب قال كلمته وعلى المعنيين أخذها بالاعتبار في الحكومة الجديدة. والتدقيق في التغيير الجوهري الذي جاءت به الانتخابات يثبت صواب ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل الانتخابات، عن كون أحد أهمّ نتائج اعتماد النسبية أنها تنصف حلفاء المقاومة الذين ظلمهم القانون الأكثري، لكن المعطيات المتوافرة تقول إنّ التسوية الحكومية ستذهب بما جاءت به الانتخابات.
– دافع رئيس الحكومة باستماتة عن حصته وحصص حلفائه بصورة معاكسة لنتائج الانتخابات، ودافع رئيس الجمهورية عن حصته وحصة التيار الوطني الحر، وترتضي قيادة الثامن من آذار تفاوضاً على تشكيل الحكومة تدفع فيه من حصتها، ثمن تضخيم أحجام الآخرين. والآخرون هم الخصوم وليسوا الحلفاء، لأنّ حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر هي مطابقة لحقوق التمثيل التي جاءت بها الانتخابات، والتي تحفظ مكانة العهد. فببساطة نحن أمام معادلة منصفة بحصة للرئيس والتيار تعادل عشرة وزراء، وأمام خلل فاضح في ما تبقى من الحكومة، حيث تتمثل قوى الرابع عشر من آذار بـ 13 وزيراً رغم تمثيلها النيابي بـ 44 نائباً، بينما تتمثل قوى الثامن من آذار من دون التيار الوطني الحر بالتأكيد، بـ 45 نائبا ويقتصر حضورها الحكومي المقترح على 7 وزراء، ولا يخرج مَن يتساءل عن هذا الخلل الفاضح ولا عن قيمة الحديث عن النسبية، والتزام التشكيل الحكومي بالمعايير التي أنتجتها الانتخابات على أساس القانون النسبي.
– في حالة تيار المستقبل ينال 6 وزراء مقابل 20 نائباً أيّ مقابل كلّ 3 نواب تقريباً وزير. وفي حالة القوات اللبنانية بعد التخفيض إلى 4 وزراء يكون مقابل كلّ 4 نواب تقريباً وزير مع حصة نيابية من 15 نائب، وفي حالة الحزب التقدمي الاشتراكي 3 وزراء مقابل 9 نواب، يعني وزير لكلّ 3 نواب، أما في حالة التيار الوطني الحر 6 وزراء مقابل 29 نائباً ما يعني وزير لكلّ 5 نواب، وهو وحده المعيار المطابق لحصيلة الانتخابات، بينما تنال كلّ قوى الثامن من آذار 7 وزراء مقابل تمثيل نيابي بـ 45 نائباً أيّ تقريباً وزير لكلّ 7 نواب.
– المشكلة السياسية أنه عندما تجري مناقشة تمثيل الثامن من آذار يتمّ ذلك بصفته أقرب للمسايرة والمجاراة والتعويض وفي أحيان للتسوّل، وكأنه ليس حقاً، طالما أنّ مجموع حصة الثامن من آذار ليس مطروحاً كحصة لفريق موحّد يقوم بتوزيعها بين أطرافه وفقاً للمصلحة والأوزان. فتطرح الحصص مرة من ضمن حصة رئيس الجمهورية تفادياً للإحراج، ومرة يجري تصويرها كعقدة مفتعلة كما هو حال التمثيل الدرزي، ولا يخرج من يتساءل أليست تناقضات قوى الثامن من آذار في الانتخابات هي ما يجعل التفاوض على تشكيل الحكومة يتمّ بهذه الطريقة؟ فالنواب السنة والتمثيل الذي زاد من حصة المردة وزاد من حصة القوميين، ليس مطلوباً أن يحضر في كتل منفردة بل في اجتماع موسّع للثامن من آذار يقول هذا ما نريده، بدلاً من قبول قواعد اللعبة التي وضعها فريق الرابع عشر من آذار، وهي التحدث عن الكتل التفصيلية لأنها تناسبة فيختبئ حزب القوات لتكبير حصته بتفاهم معراب، ويحتمي الحزب التقدمي الاشتراكي وراء حصر التمثيل الدرزي الذي يعادل 3 وزراء ليطلبها كاملة له، ويحتمي رئيس الحكومة وراء صفته كرئيس حكومة ليطلب حصة طائفته كاملة، ويصير قبوله بوزير من طائفته من غير تياره محصوراً بتبادل مع حصة رئيس الجمهورية بوزير من طائفة أخرى، وليس حقاً تمثيلياً للذين جاؤوا بأصوات الناس نواباً من خارج عباءة تيار المستقبل. ليس من مصلحة الرابع عشر من آذار الظهور ككتلة إلا بعد اكتمال تشكيل الحكومة، بينما العكس هو حال الثامن من آذار. فلماذا تنجح الرابع عشر من آذار بفضّ قواعد اللعبة وترتضيها قوى الثامن من آذار فتخسر وتقبل تمثيلاً بنصف وزن الرابع عشر من آذار مقابل تمثيل نيابي متساوٍ؟
– المعلوم أنّ الرابع عشر من آذار قائمة على الأقلّ في الموقف من العلاقة مع سورية وجامعها هو العداء، ورفض التطبيع للعلاقة الحكومية. وهذه قضية من العيار الثقيل في جدول أعمال الحكومة الجديدة. فلماذا تُمنح قوى الرابع عشر من آذار الثلث المعطل، الذي قد لا يتفق أصحابه في شأن آخر على استعماله، لكنهم في الشأن السوري متفقون؟ وفي المقابل معلوم أنّ الثامن من آذار قائمة في قضيتي سلاح المقاومة والعلاقة مع سورية، وهما تختصران كقضيتين استراتيجيتين البعد السياسي للعمل الحكومي، فلماذا الحديث الدائم عن نهاية تكتلي الرابع عشر والثامن من آذار، وارتضاء الضعف، فيعود التوازن الحكومي بين الفريقين لما كان عليه في الحكومة السابقة، يوم كان التمثيل النيابي للثامن من آذار مقابل الرابع عشر من آذار يعادل أقلّ من النصف، حيث كانت في المجلس السابق بـ 31 نائباً دون التيار الوطني الحر مقابل 71 نائباً للرابع عشر من آذار، كما لو انّ الحكومة الجديدة تتمّ في مجلس نيابي ممدّد له وليس في مجلس نيابي جديد تغيّرت توازناته؟
– الصيغة المطابقة لنتائج الانتخابات بلا ترضيات لمشاريع الابتزاز التي يطرحها أطراف الرابع عشر من آذار، هي عشرة وزراء للتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية 6 +4 ، وعشرة وزراء للرابع عشر من آذار 4 مستقبل و3 قوات و2 اشتراكي و1 لرئيس الحكومة ، وعشرة وزراء لقوى الثامن من آذار 6 ثنائي حركة أمل وحزب الله + 1 مردة + 1 قومي + 1 للنواب السنة + 1 للتمثيل الدرزي أو غير الدرزي يقرّره رئيس مجلس النواب كرئيس لقوى الثامن من آذار . وهذه صيغة لا وجود لثلث معطل فيها لا في قضية العلاقة بسورية ولا في سواها وتعكس حصيلة الانتخابات النيابية بأمانة، حيث مجموع 74 نائباً للثامن من آذار والتيار الوطني الحر يتمثل بـ 16 وزيراً وحاصل 44 نائباً لقوى الرابع عشر من آذار يتمثل بـ 10 وزراء.
– هل لا زال بالإمكان استدراك الأمر؟