بقلم ناصر قنديل

ماذا حمل لافروف وغراسيموف لنتنياهو؟: ناصر قنديل

بدلاً من أن يذهب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو ويلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قرّر بوتين إيفاد وزير خارجيته سيرغي لافروف ورئيس أركانه فاليري غراسيموف للقاء نتنياهو. واللقاء هو التواصل الروسي الإسرائيلي الأول بعد قمة هلسنكي التي جمعت الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وتناولت بالتفاصيل الوضع في سورية، وقدّم في ختامها بوتين مفهوماً للتوافق الروسي الأميركي بعناوين، العودة لفك الاشتباك الموقع عام 1974 بين سورية و»إسرائيل» عام 1974، ولكن بصفته جزءاً من تطبيق القرار 338 والقرار 242 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي، كما ورد في اتفاق فك الاشتباك حرفياً، ومضمون القرارين الانسحاب الإسرائيلي من الجولان المحتل. وبالتوازي ربط مستقبل الوجود الإيراني ووجود حزب الله في سورية بالقرار السيادي للدولة السورية، وتعميم نموذج الجنوب السوري على الشمال لجهة تسهيل انتشار الجيش السوري حتى الحدود، وانسحاب الجيوش الأجنبية، والمعني هنا الأميركي والتركي، بحلّ سياسي يضم الأكراد ويلبي بعض مطالبهم الرئيسية وينهي مشروع الانفصال، فتسقط أسباب بقاء الأميركيين والأتراك معاً في شمال سورية .

تبلغت «إسرائيل» من الأميركيين نتائج قمة هلسنكي فأرادت عبر الغارة قرب مصياف في ريف حماة. وهي منطقة بعيدة كلياً عن المساحات التي يتضمنها فك الاشتباك لتحديد وجود عسكري مخفض ومراقب، أن تقول إنها لا ترتضي هذه النتائج. وإنها تريد فك الاشتباك وفقاً لفهمها من جهة لفصله عن مصير الجولان، ومن جهة مقابلة لربطه بالخروج الإيراني، وإلا فهي ستحتفظ بالمعادلات التي اعتمدتها عبر الغارات على ما تعتبره أهدافاً عسكرية لإيران وحزب الله داخل سورية. والرسالة موجّهة لروسيا قبل المكالمة الهاتفية التي أجراها نتنياهو مع بوتين طالباً اللقاء قريباً، فكان الجواب بإيفاد لافروف وغراسيموف لحمل رسالة بوتين والتفاوض حول خيارات «إسرائيل» في ضوئها.

تعتبر روسيا أن اتفاق فك الاشتباك هو وليد سياق سياسي عسكري، ترافق مع ضمانات أميركية روسية، وضعت الانسحاب من الجولان الذي كانت تشترطه سورية لقبول وقف النار، في إطار تتمة لفك الاشتباك ووقف النار. والضمانات تطال أن تتوقف كل الأعمال الحربية المتبادلة بما فيها تحليق الطائرات، وبالضرورة وقف الغارات، وما تريده روسيا أن تكون على اضطلاع بجواب رسمي للحكومة الإسرائيلية حول مدى فهمها لاتفاق فك الاشتباك بصورة متطابقة مع الفهم الروسي الذي تمّت مناقشته مع الجانب الأميركي، والذي لا لبس فيه وفقاً للنصوص الواضحة، وهل «إسرائيل» جاهزة بوضوح للعمل بهذا الاتفاق بهذا المضمون، كخطوة على طريق الانسحاب من الجولان، وتثبيت الالتزام بوقف أي عمل عسكري، أو تحليق للطائرات، وحكماً الامتناع عن شنّ أي غارات على الأراضي السورية؟

في حال الإيجاب، فإن روسيا مستعدّة لمفاتحة الدولة السورية بمضمون قناعتها بفك الاشتباك وتقديم النصائح لقبول العودة للاتفاق. والدولة السورية لم تقل كلمتها بعد بهذا الخصوص. وقد يكون في هذه الحالة ممكناً وضع جدولة زمنية تطابق مواعيد الانسحاب الإسرائيلي من الجولان مع الانسحاب الأميركي والتركي من سورية خلال عام. وعندها تعتقد موسكو أن الدولة السورية كطرف وحيد معني بقرار بقاء أو انسحاب إيران وحزب الله ستكون قادرة على تقدير أن الحاجة تنتفي لبقاء الحلفاء الذين جاؤوا لمساعدة الدولة السورية على استعادة سيادتها، وليس لمقاسمتها هذه السيادة. وهو ما أكده كبار المسؤولين في إيران وحزب الله.

في حال كان الجواب الإسرائيلي سلبياً، أي الاكتفاء من اتفاق فك الاشتباك بنشر المراقبين الأمميين على حدود الجولان، والمضي بإجراءات ضم الجولان، بدلاً من الانسحاب منه، ومواصلة الغارات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، فإن روسيا لن تكون معنية بفك الاشتباك ولا بالبحث مع الحكومة السورية بالموضوع. وسيكون على «إسرائيل» أن تتحمّل تبعات أخذ الوضع على الحدود وربما في العمق نحو جولات من التصعيد والتوتر من دون استراتيجية للخروج.

– ربما تحتاج «إسرائيل» مزيداً من الوقت لبلورة أجوبتها النهائية التي سيحملها نتنياهو في زيارة غير بعيدة إلى موسكو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى