بقلم ناصر قنديل

لم ولن تُكسَر معادلات 12 تموز 2006: ناصر قنديل

لا حاجة للقول إنّ معادلات حرب تموز 2006 أبعد من لبنان وقد تموضع على ضفتيها حلفان هما ذاتهما لبنانياً وعربياً يتقابلان اليوم في سورية. كما لا حاجة للقول إنّ الحرب على سورية كانت أبرز محاولة لكسر معادلات حرب تموز بكسر ظهر القلعة التي استند إليها حلف النصر في تموز. ولا حاجة للقول أيضاً إنّ أوّل القلق من نتائج معادلات تموز كان «إسرائيلياً» على ما سيحدثه النصر في فلسطين، تأسيساً على ما فعله نصر العام 2000 في الداخل الفلسطيني، فكانت الانتفاضة وتلاها الانسحاب «الإسرائيلي» من غزة، ولا مجال لقطع الطريق على المزيد إلا بكسر معادلات نصر تموز .

حشد الفريقان للحرب التي تلت تموز، وأشعلها الذين خسروا الحرب، بعدما رصدوا خمس سنوات للتجهيز والتحضير والاستعداد والحشد. فكانت حرب سورية، وكان أوّل الجديد فيها أن أشهَر المال الخليجي تموضعه من مجرد العمل في الكواليس لتشجيع «الإسرائيليين» على سحق المقاومة في 2006 إلى تمويل الحرب على سورية وحشد التكفيريين من كلّ أصقاع الأرض لخوضها. وكان ثاني الجديد تموضعاً تركياً قطرياً في ضفة الحرب بإغراء مشروع تسلّم الأخوان المسلمين للحكم في تونس وليبيا ومصر واليمن وصولاً إلى سورية. وكان ثالث الجديد تجنيد الإعلام والفتاوى لتحويل الحرب فتنة مذهبية تنهش المنطقة ولحم شعوبها لمئة عام.

نجح حلف المنتصرين في تموز 2006 بإدراك نوع وحجم الحرب خلال عامها الأوّل الذي كان الصمود فيه على عاتق القلعة السورية، خصوصاً شجاعة الرئيس السوري. وخلال العام الثاني بدأ حلف حرب تموز يتصرّف كحلف في حال حرب، لم تلبث المستجدات أن زوّدته بمصادر القوة التي لم تكن في حسابات قوى الحرب الآتية من حلف المهزومين في تموز، وكان التموضع الروسي السياسي والدبلوماسي، فالعسكري أبرز هذه المستجدّات، وكان الفشل في تفتيت وحدة السوريين على أساس خطوط الفتنة المذهبية رغم سخاء المال وسواد الفتاوى. وكان تماسك الجيش السوري الأسطوري وبطولات المقاومين معه مصدراً لتغيير في وجهة الحرب، باتت ثماره الأخيرة شبيهة بالأيام الأخيرة لحرب تموز 2006 بشارة نصر أكيد.

كما في حرب تموز، في الحرب التي أردات محو آثارها وفشلت. زادت المقاومة قوة وزادت تحالفات سورية تأثيراً في المعادلات الدولية، فروسيا اليوم غير روسيا قبل الحرب على سورية. وفي المقابل أصاب أعداء المقاومة وسورية ضعف ووهن غيّرا صورة المشهد الإقليمي. فالسعودية الغارقة في حرب اليمن و«إسرائيل» المرتبكة أمام الانتصارات السورية هما غير السعودية و«إسرائيل» قبل حرب سورية وقبل حرب تموز، وما ينجزانه في مجال التطبيع والتحالف أعجز من أن يغيّر المعادلات الجديدة. ففلسطين تستعدّ لتلقي عائدات النصر الجديد بمثل ما تلقت عائدات الانتصارات التي سبقت، وتستعدّ المنطقة ويترقب العالم المواجهة الجديدة، التي يريدونها تحت عنوان «العدو هو إيران» وستفاجئهم فلسطين بفرض روزنامة حربها وشعارها «العدو هو إسرائيل».

– حقائق حرب تموز كمعادلاتها تترسّخ ولا تنكسر. وأولى هذه الحقائق أنّ الصراع في المنطقة سيبقى عنوانه تحرير فلسطين، وأنّ كلّ محاولة لتجاهل هذه الحقيقة تنتهي بتهميش صاحبها من صناعة المعادلات بدلاً من تهميش القضية الفلسطينية، وها هو حلف المقاومة بلسان السيد حسن نصرالله يبشّر بمئات آلاف المقاتلين في الحرب المقبلة، من لبنان وسورية والعراق واليمن وممّا بعد ما بعد العراق واليمن إلى إيران وممّا بعد ما بعد إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى