لا سلاح نوعياً للجيش.. و«نقطة أميركية» على السطر! نبيل هيثم
حينما اتهم السيد حسن نصرالله مؤخراً اميركا بأنها صانعة «داعش» وكل التيارات التكفيرية، كانت شخصيات لبنانية قد عادت للتو من واشنطن، بعد لقاء على «فطور» مع الرئيس الاميركي باراك اوباما الى جانب شخصيات سياسية ودينية متعددة الجنسيات وغلب عليها اللون المسيحي.
تقول إحدى تلك الشخصيات إن «السيد نصرالله أصاب عين الحقيقة، خاصة عندما يقول إن اميركا ليست مؤهلة أخلاقياً لقيادة تحالف دولي للحرب على الارهاب. فقد سافرنا الى واشنطن لعلنا نقف عن قرب على التوجه الاميركي والمدى الذي ستبلغه في محاربة الارهاب التكفيري الذي يضرب المنطقة والعالم، ولبنان ضمناً، لكننا عدنا أكثر قلقاً مما كنا عليه قبل السفر».
انتظر من سمع خطبة أوباما أن يقول ما يطمئن القلقين، لكن هؤلاء سمعوا «ما زاد قلقنا وخوفنا من الآتي من الايام، وأعطانا دلائل اضافية على ان ما يقوله الاميركيون في العلن من تهويل وتهديد للتيارات التكفيرية، يمارسون نقيضه بالفعل». أما خلاصات ما سُمع من أوباما وجعل البعض يتساءل إذا كانت الولايات المتحدة تقود فعلا حربا على «داعش» والارهاب، فهي:
– برغم الكلام الكبير والنبرة العالية ضد «داعش» وأخواتها، لا تملك ادارة اوباما قرارا جديا لمحاربة الارهاب.
– لم يقدم أوباما إجابة دقيقة على السؤال التالي: ماذا حققت الحرب الدولية الجوية على «داعش» منذ بدئها في ايلول الماضي؟
– لم يقدم توضيحا للدور الذي تقوم به دول التحالف، وما اذا كان هناك تحالف دولي حقيقي وخطة عمل فعلية للقضاء على الارهاب؟
– اضفى مزيدا من الالتباس على موقف الادارة الاميركية، وقدم ما يشبه التبرير لمذابح تنظيم «داعش»، إذ إن أوباما لم يرَ ما يفاجئ في مجازر «داعش، بل عاد الى التاريخ ليقول «دائماً ما كان الدين يستخدم في الحروب، ولا تنسوا أن المسيحيين سبق لهم أن قاموا مثلاً بالحروب الصليبية وقاموا بالقتل أيضاً، كما سبق لهم أن أنشأوا محاكم التفتيش في القرنين الخامس عشر والسادس عشر» (لمعاقبة مخالفي الكنيسة وراح ضحيتها آلاف البشر، وهناك من يقول الملايين).
– لم يقدم اية فكرة او رؤية لكيفية التصدي الفعلي للارهاب التكفيري أو القضاء عليه او التقليل من خطره او تجفيف مصادر تمويله وتسليحه، بل على العكس من ذلك، أكد عدم وجود خطة في هذا الاتجاه، خاصة عندما قال إن «الحرب على الارهاب تتطلب ثلاث سنوات بالحد الأدنى».
– لم يعكس أوباما حرص الولايات المتحدة الاميركية على أن يكون هناك حضور أو وجود مسيحي في الشرق، أو على وجود تنوع في المنطقة وحماية هذا التنوع بمسلميه ومسيحييه وكل مكوناته مما يتعرض له من إبادات واقتلاع من الجذور وسبي للنساء على ايدي الارهاب الداعشي.
– بدا ان اوباما يريد الوصول الى اتفاق مع الايرانيين حول الملف النووي، وهو وإن كان يعلن، ولو لفظياً، أن أميركا قائدة الحرب على الارهاب، فهو من جهة أخرى يخشى ان يقول إن إيران هي شريكة أو حليفة في هذه الحرب. وفي المقابل يخشى ان يقول ان الدول الحليفة لواشنطن، وتحديدا السعودية وقطر وتركيا، هي التي ترعى وتغطي وتمول هذا الارهاب.. والشواهد على ذلك في السلاح الذي يُرمى «بالغلط» لـ «داعش». والنفط الداعشي الذي يُشترى «بالغلط».. والجيش العراقي الذي يفرط «بالغلط».. وهذه الدول التي يجري تفتيتها «بالغلط» لمصلحة داعش وكل اخواتها التكفيرية.
تسنى للشخصيات اللبنانية اللقاء مع أعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ، ولمست ان هناك حربا حقيقية تخاض بين اوباما وخصومه، والسنتان المتبقيتان من ولايتة ستكونان بمثابة أرض معركة يستخدم فيها كل طرف اسلحته، والملف النووي الايراني هو الاكثر عرضة للاستهداف، والاختبار الاصعب حوله في آذار. وبالتوازي تخاض حرب كسر عظم بين اوباما ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، الذي دُعي للكلام امام الكونغرس، وأما الجديد فيها فإن ثمة في إدارة أوباما من بدأ يرجح أن تلغى الزيارة.
اما لبنان، والكلام للشخصية المذكورة، «فبلا مبالغة، لا يوجد شيء اسمه لبنان في اجندة الاهتمامات والاولويات الاميركية. لبنان معلق حتى إشعار آخر، لا يسمح له بالحياة الطبيعية، كما أنه ممنوع عليه ان يموت». قيل للاميركيين إن «لبنان يعيش التحديات، ساعِدوه على مواجهتها، وعلى بقائه دولة فيها شيء من الديموقراطية وارض تنوّع ومساحة لقاء مشترك بين المسيحيين والمسلمين»، فيأتي الجواب: «لبنان تحت العين الاميركية». ولكن عندما يقال لهم ساعدوا لبنان على ضرب الارهاب الذي يتهدده، فإن ما يقولونه يكفي للاقتناع بأنهم لن يعطوا لبنان سلاحا نوعيا لأنهم لا يريدونه ان يحارب الارهاب.. ونقطة على السطر!
(السفير)