هل أخطأ سليماني؟: حميدي العبدالله
أثارت التصريحات التي أدلى بها قائد فيلق القدس قاسم سليماني والتي قال فيها إنّ حزب الله قد فاز بـ 74 مقعداً في البرلمان اللبناني الحالي دهشة أطراف عديدة، وقد أثار هذا التصريح بعض ردود الفعل ولا سيما من قبل رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الذي قال إنّ هذه التصريحات تمثل رداً على هزيمة سليماني في العراق، حتى وإنْ لم يقل ذلك بعبارة صريحة .
أولاً، لم يُهزم سليماني في العراق، والتحالف الذي دعمه ويدعمه سليماني في العراق فاز بغالبية مقاعد البرلمان. تكتل الفتح الذي يضمّ القوى التي شكّلت الحشد الشعبي نالت الترتيب الثاني بعد سائرون وهو التحالف الذي تزعمه التيار الصدري، ولكن من المعروف أنّ تكتل النصر الذي يقوده رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي مدعوم من سليماني وقد حلّ في المرتبة الثالثة، ومعروف أنّ قاسم سليماني هو الذي أقنع نوري المالكي بالتنازل عن منصب رئيس الحكومة العراقية لصالح حيدر العبادي. كما أنه من المعروف أنّ التكتل الذي يتزعّمه نوري المالكي المدعوم أيضاً من سليماني حصل على 26 مقعداً في البرلمان، وبالتالي فإنّ الكتل المدعومة من قاسم سليماني تمثل غالبية أعضاء البرلمان، فمن أين أتى الرئيس الحريري باستنتاجه أنّ سليماني الذي هُزم في العراق جاء باحثاً عن انتصارات وهمية في لبنان؟
تساءل الرئيس الحريري أين هم نوّاب حزب الله الـ 74، وهو يعمل علم اليقين أنّ سليماني لم يكن يقصد أنّ حزب الله كحزب، وهو الذي فاز جميع مرشحيه للانتخابات باستثناء مرشح واحد في دائرة كسروان جبيل، إنما قصد الحزب كنهج سياسي ومقاوم، لذلك تحدّث عن «دولة مقاومة» في لبنان. نعم الـ 74 نائباً هم حلفاء لحزب الله وشركائه في النهج المقاوم، هم نواب 8 آذار، ونوّاب التيار الوطني الحر، وجميع هؤلاء النوّاب يشكّلون الرقم 74 الذي تحدث عنه قاسم سليماني، وعلى حدّ علم جميع اللبنانيين أنّ اتفاق التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر لم يُلغَ، وعلى علم جميع اللبنانيين أنّ مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكذلك مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في المحافل الدولية، ولا سيما في القمم العربية والإسلامية، تتمسك بالموقف المقاوم، وبالتالي فإنّ الكتلة النيابية التي تدعم نهج المقاومة هي 74 نائباً حتى وإنْ كان هناك تباينٌ بين أعضائها حول بعض القضايا الداخلية. قاسم سليماني لم يكن على خطأ، ولكنه وصف الواقع الجديد بشكل صريح وبعيداً عن اللغة الدبلوماسية.
من حق أيّ جهة أو أيّ شخص أن يناقش فيما إذا كانت تصريحات قاسم سليماني اعتمدت اللغة الدبلوماسية أم لا، ولكن ليس من مصلحة أيٍّ كان الزعم بأنّ تصريحات سليماني لم تكن تعبّر عن واقع نتائج الانتخابات النيابية في لبنان، وما ستقود إليه من الزاوية التي تحدث عنها سليماني، أيّ زاوية نهج المقاومة.