ماذا سوف تجدون هنا؟: تسفي بارئيل
المخططات المغطاة بالغبار، المختفية في جوارير وزارة الهجرة والاستيعاب وعلى رفوف الوكالات اليهودية، آن لها الاوان كي ترى النور. جميعهم مستعدون ويستعدون لاستقبال موجة الهجرة الكبرى المتوقع وصولها إلى اسرائيل على إثر الهجومين في فرنسا والدنمارك. فـ «ما من دولة اوروبية عادت آمنة لليهود»، كما صرح رئيس الوزراء، والذي لا يغفل بالطبع عن أن يذكر للاجئين اليهود المستقبليين، بأن هذه هي»ذات الارض الاوروبية».
والموضوع هو، أنه ليس فقط لا يوجد مكان آمن في اوروبا لليهود، بل أن يهود اسرائيل انفسهم لم يعودوا مقتنعين بأن ملجأهم الآمن اسرائيل لم يعد آمنا في مواجة التهديدات التي يحذرهم منها نتنياهو يوميا. وعلى افتراض بأن آلاف اليهود سيقررون هجر مصالحهم، وتعليمهم، وبيوتهم ووظائفهم، وللصعود على الطائرات الميمونة متوجهة بهم نحو مطار تل ابيب. ترى ماذا سيجدون هنا؟
سوف يحظون، على سبيل المثال، بفرصة أن يكونوا مكشوفين لتسجيلات اليمين من اشرطة الفيديو، والتي يظهر بها اليسار الاسرائيلي وهو يتعاون مع النازيين بهدف ابادة دولة اسرائيل. سوف يتعلمون كم هو جيد حظهم، كونهم لم يصلوا البلاد كلاجئين اريتريين، او سودانيين، او حتى كمهاجرين من اثيوبيا. اليهود الذين هربوا من اللاسامية الاوروبية سوف يستبدلونها بعنصرية اسرائيلية. سيكتشفون، بأنهم مواطنون في دولة احتلال، الاحتلال ذاته الذي ساهم في تعزيز اللاسامية، والتي بسببها هم يهيئون الحقائب.
هنا ايضا معطيان إثنان يجب على يهود اوروبا ان يأخذوهما بعين الاهتمام: معدل حالات القتل في اسرائيل يزيد عن 1.8 لكل 100.000، في فرنسا هو 1 لكل 100.000 وفي الدانمرك هو 0.1 لكل 100.000. في 2014 قتل في اسرائيل 27 شخصا في عمليات ارهابية. في فرنسا والدنمارك ـ ولا واحد. هذه بالتأكيد معطيات ديناميكية. وأوروبا معرضة لاحلال تغييرات في هذا الشأن، ولكن في اسرائيل احتمالية التغيير نحو الاسوأ اكبر بكثير.
اذا سارع يهود اوروبا للوصول إلى اسرائيل، سيكون بوسعهم اللحاق بركب المصوتين في الانتخابات والتصويت لمن ضمن لهم ملجأ آمنا وقام بدعوتهم، بل الاكثر صحة، من قام بإصدار الامر لهم للهجرة إلى اسرائيل. بالطبع، خلال وقت قصير سوف يكتشفون أن أمنهم الشخصي لم يعد في مجال يد داعش او القاعدة، وانهم لن يعانوا من ظواهر «اللا سامية القاتلة». ولكن ولكي يكونوا مواطنين اسرائيليين حقيقيين، فعليهم ان يتبنوا نمط الكآبة الاسرائيلية وتلبس مشاعر الخوف الكامنة في اعماقهم من الحرب او الابادة الجماعية او كلاهما سويا.
صحيح، على هذه المواضيع جميعها يستطيع يهود اوروبا الاجابة عبر سؤال: إذا كان سيئا إلى هذا الحد في اسرائيل، لماذا انتم الاسرائيليون باقون؟ والجواب موجود في السؤال: نحن اسرائيليون. هويتنا تحددت لنا. العبرية ليست فقط لغتنا، هي ايضا ثقافتنا. تضامننا قائم مع انفسنا، ولذاكرتنا الجماعية كإسرائيليين ما من شركاء. بل انه يوجد، الفلسطينيون الاسرائيليون، ولكنهم حاليا الاعداء. الغضب الكامن لدى بعضنا ليس موجها ضد الوطن، بل ضد قيادات الدولة، اولئك الذين يلوثون معنى الهوية الوطنية ويغرقونها في احماض دينية ـ عنصرية. نحن صامدون بفضل الآية «تجاوزنا الفرعونية سنجتاز اذا هذه». البقاء وليس جودة الحياة، هذا هو المصطلح المفتاح في شخصيتنا.
اما انتم، يهود اوروبا، فقد علموكم ان تطلبوا جودة الحياة. في اسرائيل ينظرون إلى من يطلبون جودة الحياة كما هي موجودة في برلين وكأنهم خونة. ومن فضلكم لا تخلطوا بين الاسرائيلية واليهودية. الاسرائيليون ليسوا عشاقا للغرباء حتى لو كانوا يهودا، اسألوا الروس. نحو 150 الف من هؤلاء ممن هاجروا إلى اسرائيل من رابطة الدول (الاتحاد السوفييتي سابقا) هاجروا منها منذ بدء الهجرة. اسألوا ايضا الجورجيين، الاثيوبيين، البخاريين والاكراد، والذين ما زالوا بعد عشرات السنوات من الهجرة مشخصين طبقا للبلاد التي جاؤوا منها. لكم الحق بالطبع بالهجرة إلى إسرائيل، وبالتأكيد سوف تحظون باستقبال دافئ في المطار، فقط كي تتذكروا بان اسرائيل تبتلع المهاجرين بتسرع، لكنها لا تنجح في هضمهم.
هآرتس