ماذا حققت مسيرات العودة؟: حميدي العبدالله
يتساءل كثيرون عن الذي حققته مسيرات العودة حيث تكبّد الشباب الفلسطيني خسائر فادحة، عشرات الشهداء ومئات الجرحى؟ كما يتساءلون ما إذا كان هذا هو الأسلوب المجدي في مكافحة قوات الاحتلال المدعومة من غالبية دول العالم ومن غالبية الدول العربية والإسلامية؟
إجابة على السؤال الأول، لا شك أنّ مسيرات العودة حققت عبر دماء الشهداء وعذابات الجرحى أهدافاً عديدة، بعضها له طابع استراتيجي. ومن أهمّ الأهداف التي حققتها مسيرات العودة أنها كسرت الصمت العربي والدولي، وأفشلت السعي لتهميش القضية الفلسطينية، حيث استعادت هذه القضية مكانتها السياسية عربياً ودولياً، في ضوء عقد سلسلة من الاجتماعات العربية والدولية التي كُرّست من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، كذلك قطعت مسيرات العودة الطريق على صفقة العصر، فهي من جهة جعلت من الصعب على أيّ مسؤول فلسطيني قبول هذه الصفقة، وأفقدت أيّ أطراف عربية لأيّ شرعية لها في حال موافقتها على هذه الصفقة، ويمكن الاستنتاج بوضوح أنّ «صفقة العصر» حتى لو أبصرت النور فإنها ستكون عبارة عن مولود ميّت.
لا شك أنه في ظلّ وضع صعب مثل الوضع الذي يحيط بالقضية الفلسطينية، فإنّ معايير نجاح أو فشل أيّ خطوة نضالية لا تُقاس عبر قدرتها على تحرير فلسطين أو أجزاء منها، بل تُقاس عبر قدرتها على إحباط مشاريع سياسية لو أبصرت النور لكان لها تأثيرٌ سلبيّ خطير على مستقبل القضية الفلسطينية. وفي إطار هذه المعايير فإنه يمكن القول إنّ مسيرات العودة حققت الكثير وإنّ تضحيات ودماء الشهداء وعذابات الجرحى لم تذهب هدراً.
أما في ما يتعلق بالتساؤل الثاني، مما لا شك فيه أنّ عدواً استيطانياً مثل العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، ولغة القوّة في فلسطين هي لغة المقاومة، وتحديداً المقاومة المسلّحة، دون أن يعني ذلك إدارة الظهر لأشكال أخرى من المقاومة، ومسيرات العودة شكل من الأشكال الأخرى للمقاومة غير المسلّحة.
لا يجب أن تكون مسيرات العودة بديلاً عن المقاومة المسلّحة، بل يجب أن تكون رافداً لها، ومساعداً على إعادة إطلاقها بقوّة من جديد في إطار استراتيجية عامة تجمع بين كلّ أشكال المقاومة، ولا سيما شكل المقاومة العسكري.