في 7 أيار: ناصر قنديل
– عندما تمّ السير بقانون يعتمد النسبية كانت التوقعات والتقديرات لنتائج القانون الجديد مختلفة كثيراً عما تبدو عليه اتجاهات الانتخابات اليوم، فالانطباع الأول كان قائماً على معادلة أنّ انتخابات 2009 جاءت بنتيجة تقول إنّ الأغلبية الشعبية للمصوّتين في كلّ لبنان تمنح أصواتها لتحالف داعمي المقاومة المكوّن من مرشحي الثامن من آذار والتيار الوطني الحر الذين كانوا يومها حلفاً متماسكاً، بينما جاءت الأغلبية النيابية في مكان آخر، حيث تحالف قوى الرابع عشر من آذار والنائب وليد جنبلاط، وأنّ ما ستفعله النسبية هو إعادة تصحيح مكان الأغلبية النيابية إلى حيث الأغلبية الشعبية
.
– في الحصيلة الإجمالية سيبقى هذا الاستنتاج صحيحاً، لجهة جمع حاصل ما سيحصده تحالف الثامن من آذار مضافاً لما سيناله التيار الوطني الحر، لكن ما فعله قانون النسبية هو أنه أطلق ديناميكية سياسية قبل الانتخابات وفي التحالفات، وتشكيل اللوائح، بمثل ما فعل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. فمن جهة تغيّر المشهد السياسي والانتخابي، ومن جهة تغيّرت النتائج التفصيلية للانتخابات على أساس النسبية عما كانت توحي به في بداية طرح القانون.
– في السياسة من الواضح أنه منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وبالتتابع مع قانون النسبية وما يفرضه من تحالفات، صار في البلد حلفان يقف حزب الله في منتصف الطريق بينهما، ولم تعُد المقاومة وسلاحها على الطاولة خلافاً لما يوحي به خطاب الرئيس سعد الحريري الانتخابي، وخصوصاً بخلاف ما يدّعيه وزير الداخلية نهاد المشنوق. فالحاكم لوضعية تيار المستقبل صار قبل الخيار السياسي هو عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة، والباب وحيد: وهو التحالف مع التيار الوطني الحر، وهو تحالف صار فوق الخيارات السياسية التي ستتطيّف وفقاً لمقتضياته، وليس كما يحدث عادة أن تنضبط التحالفات بمقتضيات الخط السياسي وما ينتجه من مشتركات، وكتلة المستقبل والتيار الوطني الحر ستبقى أقلية غير كافية لتسمية رئيس حكومة، ولن تكون القوات اللبنانية ولا كتلة النائب وليد جنبلاط في هذا الحلف، بل ربما النائب طلال أرسلان، وليس ممكناً في السياسة قيام التيار الوطني الحر بمبادرة تسمية الحريري من دون تنسيق مع حزب الله، ولا من دون حسم وضع قضية سلاح المقاومة خارج البحث.
– على ضفة مقابلة نشأ عن انتخاب العماد عون رئيساً وبالتتابع مع قانون النسبية فراق بين تيار المستقبل، المتسارع الخطى نحو التيار الوطني الحر، وكلّ من النائب سليمان فرنجية والنائب وليد جنبلاط، وصارت نواة حلف جديد يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري الحليف الاستراتيجي لحزب الله، يضمّ جنبلاط وفرنجية وكتلتيهما والقوميين والرئيس نجيب ميقاتي ومَن معه والوزير السابق فيصل كرامي والوزير السابق عبد الرحيم مراد وسائر مَن يفوز من مناخ الثامن من آذار والمستقلين مثل نائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر، ولهذا الحلف مرشح رئاسي هو النائب سليمان فرنجية ومرشح لرئاسة الحكومة هو نجيب ميقاتي، مثلما في الحلف المقابل مرشح رئاسي هو الوزير جبران باسيل ومرشح لرئاسة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري.
– حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري ستكون مرجّحة، ولكن بشروط مختلفة أبرزها الابتعاد عن خطاب الوزير المشنوق تجاه المقاومة، وقد ألزم نفسه بالابتعاد عن كلّ تسوية. والمفهوم هنا هو كلّ حكومة، لا يكون فيها سلاح المقاومة تحت قيادة الجيش وعساه لا ينسى وعسى الآخرون يتذكّرون ويذكرون، ومن الشروط أيضاً أن تضمّ الحكومة تمثيلاً لكلّ الكتل النيابية بأحجام ما نالت من نواب ونسبياً بين الطوائف، وستكون عندها حكومة الاستقرار الذي يُكثر الرئيس الحريري الحديث عنه، وتكون أولوياتها أولويات اللبنانيين لا المطالبات الغربية والعربية المتربّصة بلبنان، وهي أولويات تنصبّ على شؤون يتقدّمها ملف النازحين، والكهرباء، والنفايات، ومكافحة الفساد، لا سلاح المقاومة بالتأكيد.