إسرائيل أيضا كذبت: جدعون ليفي
يمكننا أن نضع جانبا عدم الرضى من رؤية عرض الاثاث المكتبي لرئيس الحكومة. فهو أمر يتعلق بالاسلوب والذوق. ولكن لا يمكن تجاهل الارقام القياسية الجديدة التي تسجلها إسرائيل باستمرار بشأن نقص الوعي الذاتي أو ما يسمّى بالاخلاق المزدوجة والنفاق .
الإسرائيليون يعتقدون حقا أنه من الصادم مناقشة كيف أن إيران كذبت على العالم من دون أن يرف لها جفن بالضبط مثلما يؤمنون حقا بأنه من الفظيع أنه في الدول الاستبدادية يطلقون النار الحية على المتظاهرين، وأن انظمة استبدادية تقوم بسجن معارضيها السياسيين من دون محاكمة، وأنه في دول الابرتهايد يوجد نظامان للعقاب، وأن مواطني الديكتاتوريات مسجونون في بلادهم وكأنهم في قفص، وأن الناس يضطهدون بسبب الدين أو القومية، وأن مجتمعات اغلقت ابوابها امام اللاجئين، وأن دولاً تستخف بالقانون الدولي. إن شعب الاخلاق لا يمكنه أن يبقى لامبالياً ازاء ظواهر صادمة كهذه، وفي الحقيقة هو يصدم أحياناً وحتى أنه يقيم الدنيا ولا يقعدها إلى أن يصل الامر له.
عندما يثبت بنيامين نتنياهو بالوثائق أن إيران كذبت بخصوص برنامجها النووي، لم يخطر ببال أحد فكرة أن إسرائيل يجب أن تكون الدولة الاخيرة في العالم التي تتجرأ على الاحتجاج على ذلك، وأنه كيف تتعامل إسرائيل مع نفس هذا الموضوع منذ عشرات السنين؟ الارشيف النووي الإيراني يبدو بالتأكيد مثل مكتبة إعارة في حي امام الارشيف النووي الإسرائيلي. ولكن إسرائيل لم توقع على مواثيق، ولا تسمح بالرقابة وهي تكذب وتخدع على مدى ستين سنة من الكذب النووي المتواصل. عمليا، لم تقل في أي يوم كلمة صادقة حول النووي الخاص بها. جميع برنامجها لاغراض سلمية، بالضبط مثلما تدعي إيران بشأن برنامجها النووي. ديمونة انشئت من أجل فحص صور طبقية تنقذ الحياة في قسم الطب النووي في مستشفى ايخيلوف.
إسرائيل مسموح لها الكذب، إسرائيل هي حالة خاصة. «إسرائيل لن تكون الدولة الاولى التي تدخل السلاح النووي إلى الشرق الاوسط»، هكذا تفاخر شمعون بيريز بالجملة التي اخترعها وكانت خدعة القرن. وما هي سياسة الغموض النووي، إذا لم تكن سلسلة من عدم قول الحقيقة؟ إذا حاول أحد ما أن يكشف اكاذيب النووي الإسرائيلي، في البلاد وفي الخارج، تتم ادانته على الفور على اعتبار أنه عدو وخائن، فقط اكاذيب إيران يجب كشفها. علماء الذرة الإسرائيليون هم الحاصلون على جائزة أمن إسرائيل. د. محسن فخريزاده هو في «يديعوت احرونوت»، «العقل الخطير». د. ستراينجلاب «محاضر مطلوب في النهار وعميل سري في الليل»، «الذي يترأس كلية الموت». وماذا كان نظراؤه الإسرائيليون؟ يانوش كورتساكيم؟ هل كان الأم تريزا؟ البروفيسور آرنست دافيد بيرغمان المشهور ألم يحاضر في النهار، وكان عميلاً سرياً في الليل؟ ويوفال نئمان ألم يكن هو الدكتور ستراينجلاب؟ والبروفيسور إسرائيل دوستروفسكي ألم يعمل في «كلية الموت»؟ جميعهم عملوا على الحفاظ على صنف نادر لازهار برية محمية.
ما الفارق بينهم وبين د. فخريزاده الفظيع، الذي بالتأكيد ستقوم إسرائيل بتصفيته ذات يوم؟ الفارق هائل، لنا مسموح. نحن حالة خاصة. نحن فقط ندافع. نحن في خطر إبادة. نحن دائما في خطر إبادة، مقابل طهران بالطبع، ولكن ايضا مقابل طائرة ورقية من قطاع غزة (لذلك، مسموح لنا اعدام من قام بتطييرها). هل ربما أيضاً في طهران يشعر النظام بأنه في خطر إبادة؟ هل ربما أيضاً هناك يعرفون أن أنظمة لديها نووي هي أنظمة لديها بوليصة لضمان البقاء؟ هل إسرائيل، الدولة العدوانية والعنيفة جدا، ومن الدول العدوانية والعنيفة اليوم في العالم، يمكنها حقا الاقناع بأن سلاح نووي في أيديها هو آمن؟ في أيدي بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان في يوم ضائقة؟ وفي أيدي ورثتهم؟.
يجب النضال ضد النووي الإيراني بقدر الامكان. إن خطره أقل كما يبدو مما هو معروض هنا بطريقة هستيرية. ولكن يجدر في كل مرة النظر إلى الحدبة التي توجد على ظهرنا. نتنياهو حاول أن يصدم العالم بالاثبات أن إيران كذبت. اذا كان العالم مصدوماً من أكاذيب طهران، كان يجب أن يصدم أيضاً من أكاذيب القدس. بالنسبة للاكاذيب النووية لا يوجد أي فارق بينهما. عمليا، كذب إسرائيل هو أكبر.
هآرتس