ما بعد فشل العدوان الثلاثي: ما هي السياسة الأميركية الجديدة؟: حميدي العبدالله
أدركت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أن خياراتهم في سورية محدودة. فأي عدوان يسعى إلى تغيير قواعد الصراع السائدة الآن، سيقود إلى حرب مفتوحة ليس مع الجيش السوري وحده، بل مع حلفائه أيضاً بما في ذلك روسيا، التي أعلن وزير خارجيتها أن موسكو أبلغت واشنطن ولندن وباريس خطوطها الحمر في سورية، أي أن عدواناً يسعى إلى تغيير قواعد المواجهة الحالية للحفاظ على سيطرة الإرهابيين سيقود إلى مواجهة مباشرة مع روسيا .
وباتت الولايات المتحدة وحلفاؤها في العدوان الثلاثي على قناعة أن هذا العدوان فشل في توفير الحماية للجماعات الإرهابية المسلحة والحسم مستمر في مواجهة هؤلاء الإرهابيين، ومثلما أن الاعتداء على الشعيرات فشل في وقف تحرير محافظة دير الزور والبادية السورية والريف الشرقي لمحافظة إدلب، فإن العدوان الثلاثي لم يُوقف تحرير مناطق جديدة غير الغوطة، مثل القلمون الشرقي، الذي كان ركيزة مثله مثل وجود الإرهابيين في الغوطة، لمخططات الولايات المتحدة الطموحة بالوصول إلى أسوار العاصمة دمشق والضغط عليها.
اليوم بعد فشل العدوان الثلاثي وتراجع فرص تكراره انطلاقاً من ادعاءات مماثلة، والمخاطر المترتبة على تكراره، استناداً إلى الحجج ذاتها التي باتت حججاً مفضوحة وغير مقبولة، تتجه الولايات المتحدة وحلفاؤها للعمل على تحقيق هدفين أساسيين:
الهدف الأول، السعي لتعطيل، أو تأجيل على الأقل، الحسم في المنطقة الجنوبية، نزولاً عند رغبة الكيان الصهيوني، الذي يخشى أن تقود عملية الحسم إلى انتشار قوات حليفة للجيش السوري في محور مكافحة الإرهاب قرب خط وقف إطلاق النار في الجولان. والمقصود هنا قوات من حزب الله والحرس الثوري الإيراني. وقد أشارت إلى هذا الهدف بصراحة وسائل الإعلام الإسرائيلية.
الهدف الثاني، السعي لإطلاق مسار جنيف من جديد لتأخير لحظة وقوع مواجهة مع سورية وحلفائها على خلفية الطلب من القوات الأميركية والقوات الأخرى التي دخلت إلى الأراضي السورية من دون موافقة الدولة السورية ومن دون قرار في مجلس الأمن، الخروج من سورية حفاظاً على سيادة هذا البلد ووحدة أراضيه. وهو ما نصّت عليه جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسورية. تريد الولايات المتحدة العودة إلى جنيف لرهن سحب قواتها من سورية بنجاح هذا المؤتمر والتوصّل إلى تسويات عبره، أي استخدام وجود القوات الأميركية ورقة للضغط على الدولة السورية وحلفائها لفرض الإملاءات التي كانت وراء إشعال فتيل الحرب الإرهابية ضد سورية.