حول تقسيم سورية: حميدي العبدالله
عندما يعلن وزير الدفاع الروسي أنه تم خلق الظروف التي تساعد على حماية وحدة سورية واستعادة وحدة الدولة السورية، فإنّه يقصد بذلك أنه تمت استعادة المناطق التي كانت تهدّد بتقسيم سورية، وهي حلب ودير الزور والوصول إلى الحدود العراقية والأردنية، فإنه بذلك نشأ واقع عصي على تقسيم سورية .
كي نتعرّف على استحالة تقسيم سورية رغم الأحاديث المتصاعدة والتصريحات التي تحذّر من تقسيم سورية لا بدّ من التوقف عند الوقائع الآتية:
أولاً، الانتشار العسكري الأجنبي الذي يسعى إلى تقسيم سورية هو انتشار في أطراف سورية وليس في قلبها، ولذلك لا يمكن من خلال ذلك فرض تقسيم سورية، فلا الباب ولا عفرين، ولا الرقة يمكنها أن تقود إلى تقسيم سورية. ربما الوضع يشبه الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وبدلاً من الاحتلال الإسرائيلي للجولان هناك احتلال تركي في عفرين وفي جرابلس – الباب، وهناك احتلال أميركي لبعض أجزاء محافظة الرقة وليس كل الرقة.
وعاجلاً أم آجلاً ستبدأ عمليات المقاومة من أجل تحرير هذه المناطق المتطرفة التي تقع قرب الحدود مع تركيا، وسيكون من الصعب على أي جهة، بما فيها الولايات المتحدة تشريع وجودها على حساب شرعية الدولة السورية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
ومهما طال وجود القوات الأجنبية الغازية على الأرض السورية، فإن هذا الوجود يشكل احتلالاً لأجزاء من الأرض السورية، وليس تقسيماً لسورية، لأنه يتعذر قيام كيان منفصل في مناطق سيطرة الجيوش الأجنبية يمتلك مقومات البقاء والاستمرار اقتصادياً وخدمياً وهوية مميزة ومنفصلة، وحتى القوات الغازية المحتلة لا تجرؤ على القول إنها تريد إقامة كيان منفصل عن الدولة السورية.
جنوب لبنان ظلّ تحت سيطرة «إسرائيل» وعملائها مدة تزيد على 25 عاماً، ومع ذلك لم يؤد ذلك إلى تقسيم لبنان، في حين كان خطر التقسيم ماثلاً عندما كانت بيروت منقسمة إلى شطرين.
ثانياً، حتى في محافظة الحسكة حيث ثقل الاحتلال الأميركي، فإن عاصمة المحافظة وهي مدينة الحسكة، وكبرى مدن المحافظة مدينة القامشلي هي تحت سيطرة الدولة، وتعاملات المواطنين كافة من الخدمات إلى النشاط الاقتصادي مرتبطة بالدولة المركزية في مدينة دمشق، وبالتالي فإن الواقع القائم في هذه المحافظة لا يدعم التطلعات باتجاه التقسيم أو اقتطاع جزء من الأراضي السورية وإقامة كيان منفصل فيها.
ثالثاً، في درعا حيث لا تزال هناك بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة، ولكن هذه المناطق قد تمّ تقطيع أوصالها من قبل الجيش السوري تمهيداً لطرد المسلحين منها، وحتى قبل إنجاز استعادة السيطرة عليها، فإن الواقع القائم الآن فيها لا يدعم مخططات تقسيم سورية.