بقلم غالب قنديل

الصماد شهيد ملحمة اليمن

غالب قنديل

يستمر تغول العدوان الأميركي السعودي على اليمن وتتزايد أرقام الشهداء والضحايا نتيجة مجازر متعمدة ينفذها الطيران الحربي السعودي الذي يدعم قدراته حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة التي تدير شبكة واسعة ومتشعبة من خدمات تعيين الأهداف بواسطة الأقمار الصناعية إلى العمل المستمر لتأمين كميات ضخمة من الذخائر الأميركية البريطانية التي تحقق إبادة جماعية مضمونة في الأهداف المقصوفة.

يواصل الشعب اليمني صموده البطولي رغم الحصار الشامل والخانق ويستعين اليمنيون على الصعوبات بتراث عريق من الاكتفاء بما ينتجونه من تربتهم وما يصطادونه في بحرهم ويشكون نقصا خطيرا في أدوية التصدي لانتشار الأوبئة القاتلة ويستعينون بكل ما لديهم من خبرات قديمة في اختراق الحصار الاستعماري ليثبتوا في جبالهم وقلاعهم بل هم ينتقلون إلى المبادرة الهجومية الرادعة ويبتكرون ويطورون مخزونهم الصاروخي المتقادم ببراعة وينتجون طائرات مسيرة قادرة على شن غارات على مواقع العدوان وكل تلك المظاهر تدل على جيل من الشباب المتعلم والمتنور القادر على تطويع التكنولوجيا وتوطينها واستعمالها بصورة خلاقة في الدفاع عن الوطن.

التمسك بخيار المقاومة والصمود راسخ وثابت لم تزعزعه جميع المؤامرات والدسائس والمحاولات التي لم توفر وسيلة وفق ما تبينه الأحداث منذ انطلاق العدوان ولكن تقف مجموعة من القدة والكوادر خلف هذه المنظومة الصلبة التي ترفد الجبهات بالمقاتلين الأشداء وتحرك الشارع اليمني بمسيرات شعبية هادرة لم تنقطع وهي ترفع رايات المقاومة والتصميم على انتصار اليمن وقيامته حرا مستقلا عربيا ملتزما بالصراع ضد الكيان الصهيوني وبدعم حركات المقاومة بل ومستعدا من الآن لتلبية النفير إلى أي مواجهة محتملة يخوضها الأشقاء المقاومون ضد الكيان الصهيوني.

اليمن الصامد والمقاوم الذي ينتقل إلى الردع الدفاعي بوسائل هجومية جديدة هو نسيج تقف خلفه عقول وجهود لجيل من القادة الشباب غرفوا من الوعي والخبرة ما مكنهم من إطلاق روح التحرر في شعبهم الذي أنشأوا معه جسورا من الثقة والإيمان بالنصر والعزم على التضحية بالغالي والنفيس في سبيل اليمن.

الرئيس الشهيد صالح الصماد تقدم ذلك الجيل من القادة المحاربين وقد كان يتجول على الجبهات والمحاور القتالية بسلاحه بين جنود الجيش ومقاتلي اللجان الشعبية يحثهم على الصمود والتحمل والإقدام وهو اظهر براعة هائلة كرئيس للمجلس السياسي من خلال ترميم هياكل الدولة والحفاظ على فكرة الوحدة الوطنية في وجه تحريك الفتن والعصبيات الطائفية والحزبية ويعود لجهوده فضل كبير في تمتين صلابة الدولة وتماسك إداراتها وفي تفعيل دورها بتوفير مستلزمات الصمود الشعبي وأبدع الصماد في سعيه لتذليل العقبات وتفكيكها بصورة خلاقة. كان الرئيس الصماد يعمل بصمت وبجدارة كقائد للجبهة الداخلية وكمسؤول عن إدارة المعركة السياسية في حرب دفاعية صعبة ومعقدة.

استشهد القائد الصماد كما تمنى ويستمر صمود رفاقه وكفاحهم من اجل انتصار وطنهم على العدوان الاستعماري وادواته العميلة وشعب اليمن ينهض لمزيد من المقاومة والكفاح والصبر والتضحية على أبواب تحولات قادمة بعد ما سطره اليمنيون الشجعان من فصول استنزاف الحلف الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة والمملكة السعودية أعتى الأنظمة الرجعية العربية التي شكلت على الدوام حصنا رئيسيا لدعم كل نزعة معادية للتحرر في الوطن العربي وهي القوة الرئيسية في منظومة الهيمنة بقيادة التحالف الاستعماري الصهيوني.

الوعي القومي اليمني والالتزام بفلسطين وبالعروبة وبفكرة التحرر من السيطرة الاستعمارية حملها الرئيس الصماد في قلبه وعقله وكان قائدا غير عادي تواجد في الميدان وفي الساحات ولم يهب المخاطر في سبيل الوطن والشعب حتى اللحظة الأخيرة التي وقع فيها وصيته بدمائه.

الشهيد الصماد نموذج لطراز من القادة الأنقياء المنذورين للتضحية الذين يرفضون الامتيازات ويشبهون أهلهم بكل بساطة وما عرفناه عن سيرته الشخصية النضالية قليل جدا لكنه يكفي للتعرف إلى ملامح الزهد والتواضع وما لمسناه في خطبه وفي دوره على رأس المجلس السياسي يشير إلى ما اكتنزه هذا القائد الثوري من وعي وشجاعة وحكمة ولابد ان بين رفاقه العديد من القادة الجديرين بمواصلة المسيرة وما يمكننا الحديث عه بكل ثقة ان ملحمة الصمود اليمني ونماذج القيادة النضالية الثورية تؤكد لنا الثقة بانتصاراليمن مهما طال الزمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى