مقالات مختارة

كيف ترسم القوى خطابها الانتخابي في المعركة: محمد بلوط

 

كيف تذهب القوى السياسية الى الانتخابات قبل ثلاثة اسابيع من موعد الاستحقاق الانتخابي؟ وما هي «عدّة» المعركة التي يعتمد عليها كل طرف لتحسين وضعه الانتخابي؟

مع اقتراب 6 ايار تشتد حماوة الاجواء نظراً للتنافس الشديد بين اللوائح الاساسية في معظم الدوائر الانتخابية، ما عدا الجنوب الذي يتميّز عن غيره بشكل واضح بسبب قوة الثنائي الشيعي في الدائرتين الثانية والثالثة وقدرته على منع اللوائح المنافسة من الحصول الحاصل الانتخابي التي يمكنها من احراز الخرق للفوز بمقعد واحد.

وتسجل الهيئة الوطنية لمراقبة الانتخابات، وفقاً للتقارير التي تجمعها او تردها من المرشحين، الخروقات التي اخذت تزداد تدريجياً اكان على مستوى استخدام المال الانتخابي، او افتعال الحوادث للضغط من طرف على طرف آخر، او لجهة تجاوز الخطاب الانتخابي اطاره السياسي والشعبوي المعادي الى التحريض الطائفي والفئوي بطريقة خطيرة تؤثر على المناخ الانتخابي بشكل عام.

ووفقاً لقراءة الخطاب الانتخابي لدى الاطراف المتنافسة تسجل مصادر سياسية مطلعة ما يلي:

1- يعتمد الثنائي الشيعي في معركته التي يخوضها في العديد من الدوائر على خطابه السياسي التقليدي، مشدداً بالدرجة الاولى على نقطة اساسية وهي حضّ الناخبين على الاقبال على صناديق الاقتراع بكثافة لرفع نسبة التصويت، وبالتالي رفع سقف الحاصل الانتخابي كسلاح اساسي في وجه خصومه لا سيما انه يعتمد على هذا السلاح بالدرجة الاولى في الجنوب والبقاع وفي الدوائر الاخرى خصوصا ان رفع نسبة التصويت الشيعي يعني زيادة نسبة الحاصل الانتخابي للوائحه.

ورغم تعرّض الثنائي المذكور لا سيما حزب الله لحملة عنيفة من قبل خصومه لا سيما تيار المستقبل، فانه لم يبادر مرة واحدة للرد على هذه الحملات بحملات مماثلة، لا بل فضّل تجاهل الخطابات التي وصلت الى حدود الشتائم لقطع الطريق وافشال خطة التحريض المذهبي والفئوي التي تستهدفه.

2- يسعى تيار المستقبل الى اعتماد خطة ضد منافسيه لا تقتصر على الخطاب الانتخابي فحسب، بل بين عناصر عديدة يرى انها تضمن له تحسين موقعه والفوز باكبر قدر ممكن من المقاعد الانتخابية.

ويركز في خطابه على التخويف من حزب الله وما يسميه محاولة الهيمنة الايرانية واختراق المناطق السنية، قاصدا بذلك تحشيد الاصوات السنية لصالحه دون خصومه من القوى والمرشحين السنة من جهة وتقديم الفاتورة المطلوبة للراعي السعودي الذي يبدو أنه حسم قراره بدعمه دون الآخرين.

والى جانب هذا التسخين في الخطاب الانتخابي بطريقة مفتعلة وممجوجة احيانا، فقد اخذ المستقبل في الآونة الأخيرة يمارس دوراً تخويفياً ضد اللوائح التي تنافسه او تخوض غمار الانتخابات لا سيما في العاصمة (9 لوائح معظمها ممن كانوا محسوبين عليه). ويسعى في ذلك الى مصادرة الناخبين المفترضين لصالح هذه اللوائح وجذبها بالقوة ولصالح لائحته.

اما في طرابلس فقد زاد من لهجته التي تصل الى حدود التهويل والتهديد ضد منافسيه لا سيما الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعتبر الاقوى في عاصمة الشمال، ووصل الى حدّ الاستعانة بالنائب محمد الصفدي الذي فاجأ الكثيرين بكلام غير مسبوق بحق حليفه السابق.

3- اما بالنسبة للتيار الوطني الحر فقد برز مؤخراً ما صدر عن الوزير جبران باسيل من خطاب طائفي في زيارته للجنوب، الأمر الذي يعطي انطباعا واضحا على مدى ذهابه في هذا المسار التحريضي الذي لم يشهده الجنوب في كل الاوقات والمراحل.

ويتمايز الخطاب بين لائحة التيار في كسروان – جبيل بقيادة العميد شامل روكز والخطاب للوائح التيار في معظم الدوائر (ما عدا بعبدا المتحالف فيها مع الثنائي الشيعي). ويقود باسيل موجة من التصعيد والتشدد تتجاوز خصمه حركة «أمل» لتطاول حزب الله ليس في الجنوب فحسب بل ايضا في بعلبك – الهرمل وزحلة وغيرها.

ويعود باسيل الى التركيز على ما يسميه استعادة حقوق المسيحيين، مع العلم ان هذا الخطاب تجاوز سقف خطاب «القوات اللبنانية» طائفياً ويكاد يأخذ من رصيد العهد والرئيس ميشال عون الذي يترفع عن هذا الاسلوب ويعمل وفق الخطاب والنهج الوطنيين بصورة عامة.

4- وتسعى «القوات اللبنانية» في معركتها الانتخابية الى رفع شعارات متعددة مركزة على نزع الثوب «الميلشياوي» عنها بالاكثار من مصطلحات دعم بناء الدولة ومؤسساتها. ولم تتخل عن نهجها الاساسي في الاستمرار «بالخطاب المسيحي» كفريق اساسي في حماية حقوق المسيحيين.

وتحاول «القوات» في خطابها الانتخابي «عدم شراء عداوة» معظم الاطراف باستثناء «حزب الله» الذي تعتبر انه مادة تحريضية مناسبة في اوساط جمهورها لشد عصب هذا الجمهور، والذي يشكل ايضاً مادة لتعزيز موقعها لدى السعودية.

5- ويعتمد الحزب التقدمي الاشتراكي في خطابه الانتخابي على ادبياته السياسية، مركزاً ايضاً بشكل لافت على انه مستهدف في الدوائر المحسوبة في دائرة نفوذه بقصد اضعافه قدر المستطاع وانقاص كتلته النيابية في المجلس المقبل.

وبطبيعة الحال لا يهمل الحزب لمعظم الافرقاء الدفاع عن حقوق الطائفة الدرزية كممثل وحيد لها في الدولة ومؤسساتها. مستنداً بذلك الى الاغلبية الدرزية التي تؤيده في الجبل وباقي المناطق.

6- يحاول حزب الكتائب خوض المعركة تحت عنوان انه القوة المعارضة الاساسية، مع العلم ان تحالفه مع «القوات اللبنانية» في بعض الدوائر افقدته جزءاً كبيراً من هذا الغطاء، عدا عن ان لوائح المجتمع المدني ساهمت وتساهم اساسا في نزع صفة المعارضة الحقيقية عنه.

7- واللافت ايضاً ان تيار المردة استطاع من خلال التركيز على استهدافه من قبل العهد او الخصوم التقليديين الاخرين ان يعزز تحشيد قوته ليس في زغرتا واهدن فحسب، بل ايضاً في الكورة والبترون حيث تمكن من اعادة استنهاض جمهوره وتأكيد حجم قوته الانتخابية الاساسية في هذه الدائرة.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى