مقالات مختارة

تعطيل اتفاقية التعاون مع روسيا: هل من ذريعة جديدة؟: فراس الشوفي

 

انتفت ذرائع الحكومة اللبنانية لتعطيل اتفاق التعاون العسكري بين لبنان وروسيا الاتحادية. على مدى أشهر، نجح مشروع الاتفاقية في العبور من اللجان العسكرية الروسية ــ اللبنانية المشتركة والخبراء، وبقي الرئيس سعد الحريري وخضوعه للضغوط الغربية حاجزاً أمام وصولها إلى جدول أعمال الحكومة، وبالتالي حرمان وزير الدفاع يعقوب الصّراف من تفويض مجلس الوزراء التوقيع عليها .

قبل نحو أسبوعين، فوّت لبنان موعداً مهمّاً لتوقيع الاتفاقية خلال مؤتمر الأمن الدولي السابع الذي انعقد في موسكو. أمّا ذريعة التهرّب اللبناني من منح الصّراف التفويض للتوقيع كما كان متّفقاً عليه مع الجانب الروسي، فكان جزءاً من حملة الدعاية الغربية لتشويه الاتفاقية، بالقول إنّها تسمح لموسكو باستباحة الموانئ والمرافئ اللبنانية للأغراض العسكرية، وهو ما عمل بعض مستشاري الحريري على تسويقه وتسريبه إلى وسائل إعلامية.

وتجاوباً مع الحريري، طلب الصّراف في جلسة الحكومة ما قبل الأخيرة، سحب الاتفاقية وإعادتها إلى وزارة الدفاع والجهات العسكرية المختصّة لمراجعتها.

وكما كان متوقّعاً، لم تجد الجهات العسكرية في الاتفاقية ما يستأهل التعديل، وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الاتفاقية أعيدت نهاية الأسبوع الماضي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، من دون أن تطرأ على موادها أي تعديلات تذكر، وهي جاهزة للتوقيع، لمجرّد أن تمنح الحكومة التفويض للصراف للتوقيع عليها مع نظيره الروسي.

   أعيدت الاتفاقية نهاية الأسبوع الماضي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء من دون تعديل

وكان سبق للصراف، حين اعتذر عن عدم حضور مؤتمر الأمن الدولي، أن أبلغ الجانب الروسي نيّته زيارة موسكو في 18 و19 نيسان، أي اليوم وغداً، لأجل توقيع الاتفاقية، على أساس أنه سيحصل على التفويض من الحكومة قبل هذا الموعد. إلّا أن جلسة الحكومة، الأسبوع الماضي، مرّت من غير أن يوضع بند الاتفاقية على جدول الأعمال، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جلسة الحكومة غداً، التي لم تدرج الاتفاقية أيضاً على جدول أعمالها.

في موسكو، بات واضحاً بالنسبة إلى كبار المسؤولين العسكريين والدبلوماسيين، أن الحكومة اللبنانية تتعامل مع موسكو مثل بعض الحكومات الغربية، وليس مثل أشدّ حلفاء أميركا من العرب، وما التهرّب من الاتفاقية إلا تنفيذاً لطلبات سفراء حلف «الناتو» في بيروت، الذين يهوِّلون على الحريري في حال توقيع لبنان اتفاقية التعاون العسكري مع روسيا. كذلك، إن حكومة الحريري لا تقصّر في فرض الحصار على الشركات الروسية عبر المصرف المركزي والمصارف الخاصة، التزاماً بالعقوبات الأميركية، في الوقت الذي لا تزال تتعامل فيه المصارف العربية مع الشركات الروسية بمهنيّة، وتعقد حكوماتها صفقات شراء الأسلحة واتفاقيات التعاون العسكري.

وعلى ما تنقله مصادر روسية في موسكو وبيروت، يساور الروس الشّكوك حيال وجود توجّه رسمي لدى الحريري لتأجيل منح وزير الدفاع حق التوقيع على الاتفاقية إلى ما بعد الانتخابات، تنفيذاً لطلبات السفراء الغربيين المؤثّرين في بيروت. ولا يخفي الروس امتعاضهم من أن «حلفاء موسكو في لبنان، لا يمارسون الضغط الكافي على الحريري لتوقيع الاتفاق، في مقابل عدم عرقلتهم لاتفاقيات التعاون العسكري مع دول غربية تضمر العداء لموسكو وحلفائها».

ويتزامن التهرّب اللبناني هذا الأسبوع من اتفاقية التعاون العسكري، مع اجتماعات اللجنة الاقتصادية العليا الروسية ـ اللبنانية في بيروت، التي بدأت اجتماعاتها أمس بحضور ممثّلين عن وزارات الطاقة والنقل وكبار الشركات الروسية وممثّل شركة «نوفو تيك». وبحسب المعلومات، فإنه جرى أمس الاتفاق على عددٍ من الأمور بينها اتفاقية تخصّ النقل البرّي، فيما أبدى قطاع الطاقة الروسي استعداده لمساعدة لبنان في بناء محطات لإنتاج الطاقة وفقاً للحاجة والشروط اللبنانية.

وفي السياق أيضاً، قام السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين والملحق العسكري في السفارة الروسية في بيروت، بجولة تفقديّة على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلّة، وعقدا اجتماعات مع قيادة قوات الطوارئ الدولية. وقالت مصادر روسيّة لـ«الأخبار» إن «هدف الجولة كان الاطلاع عن كثب على ملف الصراع الحدودي مع إسرائيل»، مؤكّدة «وقوف موسكو إلى جانب لبنان في الدفاع عن حقوقه المشروعة في البر والبحر».

(الاخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى