سورية بعد العدوان الثلاثي
غالب قنديل
من المؤكد ومنذ اللحظة الأولى للعدوان الثلاثي أن حكومتي السعودية وقطر الشريكتان في الحرب على سورية كانتا في خلفية التحريض والتمويل لشراء العدوان الثلاثي بقرار أميركي والأكيد أيضا أن الكيان الصهيوني كان شريكا رئيسيا وهو يسعى للتخصص في استهداف المواقع الإيرانية وربما يصح اعتبار كل ذلك من العناوين الفرعية المتشعبة عن التناقض الرئيسي بين الدولة الوطنية السورية وحلفائها من جهة والمركز الإمبريالي الصهيوني وعملائه من جهة أخرى.
دول الخليج المتورطة تتقدمها قطر والسعودية سبق لها ان حاولت عام 2013 وقبله شراء حرب شاملة لغزو سورية ولتدميرها واحتلالها وصبت جام غضبها على إدارة اوباما التي تراجعت تحت غطاء صفقة الكيماوي وهي تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأميركية بحثا عن فرصة جدية لترجيح كفة إدارة جديدة تقدم على اتخاذ القرار بحرب شاملة محورها احتلال سورية وتدميرها تمهيدا لإبرام اتفاق شامل مع إسرائيل يتضمن الاعتراف والتطبيع والتعاون في تصفية قضية فلسطين وشطب حق العودة نهائيا.
أفشلت سورية العدوان ومنعته من تحقيق أي هدف او مكسب وربحت تأكيد قدرتها الدفاعية وجدارة جيشها وأسلحتها في التصدي وهي جددت تلك الحقيقة في مواجهة العدوان الصهيوني الجديد وأيا كانت السبل التي سوف تختارها روسيا لمعاقبة دول العدوان وفقا لتصريحات السيد لافروف او الردود الإيرانية المرتقبة لمعاقبة إسرائيل على استهداف مواقع الحرس الثوري وفقا لما اعلنه قائد المقاومة السيد حسن نصرالله فإن نتائج مباشرة حققها رد سورية على العدوان الثلاثي وهي شرعت في الظهور والتبلور وستكون في صلب التحولات والتطورات السورية خلال الأسابيع القادمة.
اولا يواصل الجيش العربي السوري عملياته لتطهير ما تبقى من مناطق سورية من فلول الإرهابيين واوكارهم وهذا يشمل جميع الأنحاء السورية الباقية وفقا لترتيب اولويات خطط وبرامج عمليات هيئة الأركان السورية ووفقا لتوجيهات القيادة السياسية وهو ما توضحه التطورات المتلاحقة في محيط دمشق وريف حمص والعمليات المستمرة في محافظة إدلب.
ثانيا أدى التصدي الناجح للعدوان إلى استنهاض شعور وطني سوري بالعزة والكرامة وبثقة أكبر وأشد رسوخا بقدرات الجيش العربي السوري وعبرت عن ذلك المسيرات والتجمعات الشعبية التي طافت الشوارع والساحات في دمشق ومعظم المدن السورية ولذلك فإن ما بعد العدوان حالة وطنية شعبية كانت من أجمل محطاتها تظاهرة الرقة التي هتفت بطرد الاحتلال الأميركي وبدخول الجيش العربي السوري إلى المحافظة.
ثالثا اعتبار الدولة السورية ان العدوان يخرج الدول الثلاث المعتدية من معادلة العملية السياسية كما تشير بعض التصريحات وهو ليس مجرد تهديد بل تعبير عن التوازن الجديد على الأرض بعد تقدم عمليات الحسم وتقدم عمليات تحرير المناطق السورية من عصابات الإرهاب وحيث تتقلص بعد العدوان هوامش الرهان على أي شراكة سياسية متخيلة مع دول الغرب بما في ذلك عملية جنيف شبه الميتة وكلما توسع انتشار الجيش العربي السوري ميدانيا ستختفي وتتضاءل مساحات المنصات الخارجية في العملية السياسية السورية التي تغدو قابلة للتحقق على أرض سورية وفي حضن الدولة الوطنية.
رابعا ستفرض التطورات على روسيا وإيران مراجعة الرهانات الخاطئة على الموقف التركي الذي انكشف عمق ارتهانه لتبعية النظام التركي للهيمنة الأميركية وارتباطه بالحلف الأطلسي وبما يكشف بؤس الأوهام التي روجت في السابق وهو امر سيدعو لمراجعة جادة ودقيقة في المكتسبات التي منحت لتركيا للجم اندفاعتها في حضن المخطط الأميركي الأطلسي بينما كان أردوغان يرقص على الحبلين وآخر رقصاته مساندة العدوان الثلاثي وتقديم التسهيلات له.
خامسا تمثل حالة النهوض الشعبي والوطني في سورية مناخا مواتيا لتوسع انوية المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الأميركي وضد العدو الصهيوني في جبهة الجولان وهذا ما يثير قلق واشنطن وتل أبيب المستنفرة لرصد التفاعلات الجارية خصوصا مع اقتراب معركة تحرير الجنوب السوري التي من المحتمل ان يقودها الجيش العربي السوري بدعم من شريكيه إيران والمقاومة اللبنانية ومع فصائل شعبية سورية مقاومة سبق ان شاركت في تحرير محافظة دير الزور.
سادسا ما بعد العدوان مواجهة متصاعدة بين روسيا والغرب تشمل جميع مستويات الصراع السياسي والدبلوماسي وستكون سورية محورها المركزي وهي تطال سائر الملفات من قضية الكيماوي المفبركة إلى استمرار التدخلات وتقديم الدعم والحماية لفلول داعش والقاعدة التي تتخذ ذريعة لمواصلة التدخل والاحتلال.
سابعا ستحرص الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على الاحتفاظ بالموقف التركي المساند للعدوان الثلاثي وبتأكيد انحياز تركيا التام وتبديد الأوهام والشائعات عن تبديل موقفها من الدولة السورية او انقلابها على الناتو في حين ستجد الوحدات الكردية انها مطالبة اكثر فأكثر بحسم خياراتها وسط كل ذلك.