سورية تفضح انحدار الغرب
غالب قنديل
لم نكن نحتاج إلى إثبات حسي وعياني لدرجة انحدار الغرب الاستعماري وانحطاطه الأخلاقي فقد درجت الدول الاستعمارية المتغطرسة على اختراع الأكاذيب وتلفيق الذرائع في تسويق حروبها وغزواتها ومثلها ربيبها اللصيق الكيان الصهيوني اما الرجعيات العربية فحدث ولا حرج.
شكل العدوان على سورية اختبارا خطيرا لمعادلات القوة بين الشرق والغرب بل إنها مواجهة حضارية وثقافية بين معسكرين دوليين الأول تقوده روسيا من سورية ومعها إيران والصين وحزب الله واولا وأساسا الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة وشعبها وهي تواجه عدوانا استعماريا متواصلا وحربا بالواسطة وتدخلات مباشرة بلغ حجمها انخراط ما يزيد على ثمانين دولة في هذا العدوان المتمادي على سورية وبما فيه من كذب منظم وشائعات لا تنقطع .
الحصيلة العسكرية هي صفر كما قالت الصحف الصهيونية ووفقا لما كرره معلقوها العسكريون وبالأصل لا قيمة تذكر لذلك التباهي بضرب مراكز للأبحاث العلمية جرى وسمها بتهمة تصنيع السلاح الكيماوي بينما هي مكرسة لوظائف اخرى منها اختبارات لصناعة الأدوية الطبية والزراعية في حين يعرف العالم ان الترسانة السورية من السلاح الكيماوي تم إتلافها بعد تفكيكها بإشراف أممي وتشهد المنظمة الدولية لحظر السلاح الكيماوي على ذلك.
الاتهامات الملفقة والمفبركة شكلت مظهر إدمان غربي على الكذب منذ انطلاق الحرب على سورية وقد كشفت تلك الحرب انحطاط الحكومات ومؤسسات الإعلام في دول الغرب الاستعماري وانهيار تقاليد ومبادئ وقيم بشرت بها تلك الدول طيلة عقود وتباهت بها فظهرت في سورية داعمة لقوى التكفير والتوحش والإبادة وشريكة للعدوان الصهيوني وعممت أضاليل واهية عن ثورة ديمقراطية مزعومة كانت غلافا لحرب تشنها احط انواع التشكيلات التكفيرية الإرهابية المتوحشة برعاية المخابرات الغربية المؤتلفة لتدمير دولة عربية حرة.
ثارت عند العديد من مناصري الصمود السوري ضد العدوان أسئلة عديدة عن عدم قيام القوات الروسية او إيران او حزب الله بأي عمل عسكري ردا على العدوان الثلاثي ولكن الحصيلة اظهرت قدرة الجيش العربي السوري على التكفل بالرد على ذلك العدوان الثلاثي دون حاجة لمساعدة الحلفاء والشركاء الذين كانوا جاهزين حال توسع المجابهة التي اختار المعتدون حدودها وحجمها بالنظر إلى موازين القوى واختاروا تحاشي التورط في حرب شاملة ومفتوحة ومكلفة بل خارجة عن السيطرة.
ماذا بينت المواجهة التي شهدناها بين الدولة السورية الجريحة والدول الثلاث الأهم في الحلف الأطلسي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهي الدول الصناعية المتقدمة وتلتصق بها صفة الدول العظمى منذ القرن الماضي ؟
الرد على هذا السؤال قياسا على المغزى العلمي والتقني لما جرى وبعد تأكيد التفوق الأخلاقي لسورية كدولة دافعت عن سيادتها واستقلالها وكرامتها الوطنية في مجابهة عدوان اجنبي استعماري يفترض ان يضع في الاعتبار كون الدفاع عن سورية تم على يد قوات الدفاع الجوي السورية التي أثبتت قدرة تثير الإعجاب والاحترام في ردع المعتدين فقامت باعتراض الصواريخ الأحدث تقنيا في الترسانة الصناعية الغربية وهذه مفارقة تشهد للإنسان السوري بتفوقه العلمي والهندسي والتقني أي الحضاري بالتالي على دول العدوان المتباهية بتفوقها فالمعادلة الفعلية هي ان سورية الجريحة أفشلت عدوانا أميركيا فرنسيا بريطانيا ونقطة على السطر.
أثبت المهندسون والعسكريون السوريون في سلاح الصواريخ هضمهم لتكنولوجيا صناعية حديثة عندما أتموا تحديث المنظومات الدفاعية السورية التي امتلكها جيشهم قبل أكثر من ثلاثين عاما وهي من اجيال الصواريخ القديمة التي صنعها الاتحاد السوفيتي في العقود الأربعة الأخيرة من القرن الماضي وهذه المنظومات التي طالتها منذ بدء الحرب على سورية عمليات تخريب مدبرة على يد قوى الإرهاب كما استهدفتها اعتداءات جوية صهيونية متكررة تناغمت مع عملاء على الأرض من زمر القاعدة وداعش وقد تم ترميمها وتحديثها وجرت إعادة تأهيلها بخبرات سورية وتمت إعادة تنظيمها ونشرها وفقا لخطط دفاعية سورية أثبتت فاعليتها في التصدي للعدوان الاستعماري الثلاثي عبر إسقاط نسبة قياسية من صواريخ العدوان تخطت السبعين بالمئة وظهر إنجاز تكنولوجي مهم هو حرف بعض الصواريخ عن مسارها والنجاح في إسقاط بعضها سليما لدراسته والتوسع في كيفية التصدي لاستعماله تقنيا.
ساعة من تساقط الصواريخ خائبة كانت خلالها سورية في مجابهة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بكل جبروتها العسكري وقدراتها التكنولوجية المتطورة وترسانتها العسكرية الحديثة وحلفاؤها كانوا جاهزين ومستعدين لمجابهة خطر توسع العدوان واستمراره وهذه عبرة عظيمة ومهمة تضع هذه الدولة المقاومة الجريحة في مكانة مرموقة علميا وتقنيا ودفاعيا وفي حساب توازن القوى الجديد إنه مشهد انحدار غربي شامل وانحطاط لا حدود له.