التهديد الإيراني لـ «إسرائيل» والحرب الأميركية؟!: ناصر قنديل
– تجزم مصادر شديدة الاطلاع على ما يجري في كواليس القرارات الكبرى الخاصة بتطورات المنطقة أنّ صلة عضوية تربط الغارة الإسرائيلية على مطار التيفور قرب حمص الذي استهدف مقراً للقيادة الإيرانية في سورية، والتحشيد الأميركي الغربي بلغة الحرب على سورية، وتضع الأمر بين احتمالات، أن يكون التهديد بالحرب والاستعداد لخوض مناورة نارية تحت عنوانها رسم للتغطية على الغارة الإسرائيلية، بحيث يفرض الخطر الأعلى نسيان الخطر الأدنى، أو أن تكون الغارة الطلقة الأولى في الحرب، واستطلاعاً بالنار للدفاعات الجوية لسورية وحلفائها وكيفية تعاملها مع غارات مماثلة، أو أن تكون الغارة هي الحرب المقصودة والباقي حملة إعلامية طويلة لجعل الزمن يطويها ويضعها في الخلف، وتأتي التسويات السياسية تحت عنوان إنهاء التوتر وتعني ضمناً التزاماً من الجميع بالتهدئة، ومن ضمن الالتزامات عدم قيام إيران بالردّ على الغارة الإسرائيلية .
– القيادة الإيرانية لا تضع التحليلات أساساً في رسم المهمات، بقدر ما تنطلق من الوقائع. والوقائع تقول إنّ إيران تعرّضت لاستهداف إسرائيلي مباشر يعادل برأيها إعلان حرب، وأنّ عليها التعامل معه على هذا الأساس، وما يجري على ساحة التهديد الأميركي، سيبقى حدثاً سياسياً وإعلامياً حتى يصير واقعاً عملياً، ولذلك فالأولوية الإيرانية هي الردّ على التحدي الإسرائيلي، ومعيار التحدي لم يدخل الأمين العام لحزب الله على خط وصفه صدفة، بل لتبليغ علني لمضمون الرسالة التي وصلت بقنوات أخرى للأميركيين والإسرائيليين، ومضمونها، أنّ ما فعله الإسرائيليون مفصل تاريخي في أحداث الشرق الأوسط ليس ما بعده كما قبله، فقد تمادى الإسرائيليون واستهدفوا وجوداً لدولة عظمى لا يعرفون كيف تتصرّف بعد مع مثل هذه الحالات وسيرون رداً مزلزلاً، وسيدفع الثمن معهم مَن يحاول نصرتهم والتورّط معهم في المواجهة التي افتتحوا فصلها الأول ولا يستيطعون، كما لا يستطيع سواهم أن يدعوا لإسدال الستار عليها، قبل أن تقول إيران كلمتها، وإيران تأخذ في الاعتبار ما أعلنته واشنطن عن إخطارها بالغارة قبل وقوعها.
– تتناول المصادر الواسعة الاطلاع نفسها المشهد على خلفية الموقف الإيراني، الذي تبلّغته روسيا على مستوى عالٍ، واستدعى التشاور اتصالات متعدّدة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وحسن روحاني، تلتها اتصالات بين بوتين ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، واتصال بين بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يُعلَن عنه، وضعت التهديدات الأميركية لسورية في إطار الفتيل الذي سيُشعل المنطقة، ويمنح الفرصة لتسريع العمل الإيراني ضدّ «إسرائيل»، والذي قد يكون بحجم حرب، وعندما جاء مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الدكتور علي ولايتي إلى دمشق، حمل تصوّرات القيادة الإيرانية للرئيس السوري، وتمّ تنسيق المواقف.
– المنطقة كما تصف المصادر، على صفيح ساخن تشكل التهديدات الأميركية لسورية الواجهة الإعلامية له، بينما مصدر النار التي تتولّى ضخ السخونة فيه فيأتي من أنّ قراراً كبيراً قد اتخذ في طهران، بأنّ «إسرائيل» يجب أن تدفع ثمن فعلتها، وأنّ عليها أن تتألم بحجم ما يستدعيه العبث مع دولة عظمى ترسم وحدها قواعد الاشتباك معها، وبالتالي ففيما يدور الكلام عن حدود الضربة الأميركية لسورية وكيف تضبط تداعياتها، تقول المصادر إنّ البحث الحقيقي يدور حول حجم ونوع وشكل الضربة الإيرانية لـ«إسرائيل» وكيف تضبط تداعياتها، وأنّ طول أمد المشاورات والكلام السايسي وإبقاء التهديد الأميركي على
الطاولة هو لاستئخار عمل إيراني قد يشعل حرباً، تخشاه واشنطن والسعودية بمثل ما تخشاه «إسرائيل»، لأنّ ضربة إيرانية مؤلمة لـ«إسرائيل» قد تُشعل حرباً تريدها إيران لتفرض إيقاعاً جديداً على أحداث المنطقة، ويضع حكوماتها أمام استحقاقات من نوع آخر، كما يضع شعوبها أمام معانٍ جديدة للقضية الفلسطينية، وأيّ حركة عسكرية أميركية ستمنح الفرصة لجعل الضربة الإيرانية لـ«إسرائيل» أقرب للحرب الشاملة، وسيصير أسهل على إيران مواصلة السير بقرار الحرب إذا قرّرت واشنطن إلغاء التفاهم النووي.