«هل سينتهي القرن الأميركي في سورية؟» حميدي العبدالله
تحت هذا العنوان نشرت صحيفة «بلومبيرغ» مقالاً كتبه «هال براندرز». كاتب المقال يكرّس هذه المعالجة لتراجع النظام الأحادي الأميركي، ونقطة انطلاق ذلك هي سورية، على الرغم من أنه يغلف هذا التراجع بالشعارات الطنانة والكاذبة التي رفعتها وترفعها الإدارات الأميركية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والأخلاق، ومن المعروف أنّ النظام الأحادي القطبية الذي ساد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، شهد محاولات لعودة الاستعمار القديم وتجلى ذلك عبر الحرب الأميركية على العراق وأفغانستان التي تسبّبت بكوارث لا تزال مستمرة حتى الآن، ليس على الشعب العراقي والأفغاني، بل حتى على الولايات المتحدة من خلال الكلفة الباهظة التي تكبدتها الولايات المتحدة، وثمة عشرات الكتب التي صدرت في الولايات المتحدة أوضحت الآثار الكارثية التي تسبّبت بها هذه الحروب على الشعب الأميركي والخزينة الأميركية .
يعترف الكاتب أنّ «الأهمّ» في الحرب على سورية «أنّ سورية تعتبر همزة الوصل بين الاتجاهات المسبّبة لزعزعة الاستقرار التي تعصف بالنظام العالمي بأسره نحو الأزمة» وقصد صراحة في مقاله النظام الذي ساد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي الذي «بلغ حدّ الازدهار والطموح الكامل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي» أيّ نظام الهيمنة الأميركية. ويلوم الكاتب إداراتي أوباما وترامب على ما أسماه «تراجعهما الدبلوماسي عن الخوض في خضمّ الصراع»، أيّ يلومهما على عدم تورّطهما بإرسال الجيوش الأميركية البرية بعشرات الألوف على غرار ما حصل في العراق وأفغانستان متناسياً أنّ تلك الحروب، ولا سيما حرب العراق التي بُنيت على ادّعاء كاذب، كبّدت الولايات المتحدة خسائر كارثية، وكانت هي نقطة انطلاق «أزمة النظام العالمي» أحادي القطبية.
ويقرّ الكاتب أخيراً بأنّ الحرب السورية سمحت بعودة «ظهور المنافسات الجيوسياسية المكثفة… وتعتبر سورية هي نقطة الانطلاق الأولى»، ويشير بتحديد أكثر «الأمر اللافت للنظر هو أنّ سورية تحوّلت إلى حلبة لتجديد المنافسات الكبرى بين القوى العظمى في الولايات المتحدة وروسيا».
بعد كلّ هذا هل هناك من يشكك الآن بمقولة إنّ سورية هي قبلة ولادة نظام دولي جديد على أنقاض النظام الدولي الذي رعته الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وأرادت أن يستمرّ طيلة القرن الواحد والعشرين، وأطلقت عليه «القرن الأميركي؟»