سنجار ليست عفرين: حميدي العبدالله
واضح أنه سيكون من الصعب جداً على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يثبت مصداقية ما أعلنه عن قيام الجيش التركي بعملية عسكرية للسيطرة على منطقة سنجار .
أدلى الرئيس التركي بتصريحات أكد فيها بدء هذه العملية في سيناريو يشبه سيناريو عفرين.
أطلق أردوغان تصريحات عن بدء العملية قبل شروع الجيش التركي فعلاً بالقيام بعمليات عسكرية في محاولة منه لجسّ النبض والتعرف إلى ردود فعل الأطراف المعنية. هكذا فعل أردوغان عشية غزو عفرين، وهذا ما فعله الآن في سنجار.
لكن الوضع في سنجار يختلف عن الوضع في عفرين. وهذا الاختلاف يكمن في مجموعة من العوامل أبرزها أنه في عفرين استفاد أردوغان من فشل الوساطة الروسية بين وحدات الحماية الكردية والدولة السورية التي كانت تحث وحدات الحماية على تسليم عفرين للدولة السورية لنزع ذرائع أردوغان لكن الوساطة فشلت بسبب تعنّت وحدات الحماية الكردية، وبالتالي ساعده ذلك على تنفيذ العملية حتى بعد اعتراض الدولة السورية عليها مبدئياً من خلال اعتبارها غزواً واحتلالاً لجزء من الأراضي السورية، وعملياً من خلال إرسال قوات شعبية للقتال إلى جانب وحدات الحماية الكردية دفاعاً عن السيادة السورية، ولكن من المعروف أنّ الدولة السورية لم تضع ضمن أولوياتها التصدّي للغزو التركي في عفرين، لا سيما بعد افتعال مسلحي الغوطة موجة التصعيد ضدّ مدينة دمشق وضواحيها، وربما بتنسيق وتعاون مع الحكومة التركية.
في عفرين تذرّعت الولايات المتحدة بعدم وجود قوات لها في هذه المنطقة وأعطت الضوء الأخضر للجيش التركي لتنفيذ عملية غزو هذه المنطقة. أما في سنجار هناك وجود للقوات الأميركية، ولا تستطيع واشنطن إطلاق مثل هذه الذريعة، ولهذا صدر بيان عن الأمم المتحدة تقول فيه إنها لن تسمح بتغيير الوضع في منطقة سنجار، ومن الصعب على الرئيس التركي تحدي الولايات المتحدة والصدام معها، وأيّ عملية في سنجار إذا لم توافق عليها واشنطن لن تحدث.
كما أنّ الحكومة العراقية تمتلك قوات كافية في منطقة سنجار، سواء من وحدات الجيش العراقي، أو قوات تابعة للحشد الشعبي، قادرة بالتعاون مع مقاتلي سنجار على صدّ تقدّم الجيش التركي.
لا شك أنّ تهديدات الرئيس التركي باحتلال سنجار تشبه تهديداته السابقة بمهاجمة القامشلي وتل أبيض، وإذا لم تسمح واشنطن للجيش التركي بعملية عسكرية في سنجار، فلن تكون هناك عملية على الإطلاق.