جون بولتون وإسرائيل: ناحوم برنياع
جون بولتون، الرجل والشارب، عُيّن في نهاية الأسبوع مستشاراً للرئيس ترامب للأمن القومي. هذه بشرى طيبة لإسرائيل، تقول وزيرة العدل آييلت شكيد، وزملاؤها في الحكومة يتفقون معها: جون بولتون هو صديق كبير لإسرائيل. وعن أصدقاء كهؤلاء قيل، الله يحفظني من أصدقائي، مع أعدائي أتدبر بنفسي .
أمس، في مؤتمر «يديعوت أحرونوت» في القدس، روى رئيس الأركان ووزير الدفاع الأسبق شاؤول موفاز عن حديث أجراه مع المستشار الجديد في الماضي. «لماذا لا تهاجمون إيران؟» سأل بولتون واضطر موفاز للشرح.
في مجموعة صغيرة نسبياً من الأمريكيين ممن يهتمون بالسياسة الخارجية، بولتون هو شاذ مثير للاهتمام. فهو يتماثل مع المحافظين الجدد، عصبة من المفكرين الجمهوريين التي تروّج للتدخل الفاعل لأمريكا في العالم، بما في ذلك الحروب الوقائية والأعمال العسكرية المبادر اليها ضد دول عاقة ومنظمات إرهاب. جيل المؤسسين لها اجتاز الخطوط من اليسار إلى اليمين في أثناء حرب فيتنام. في فترة ولاية الرئيس بوش الابن ونائبه، ديك تشيني، وصلت إلى ذروة تأثيرها. فقد وفرت لبوش المبررات للاجتياح المحمل بالمصيبة للعراق. معظم أعضائها البارزين يهود عاطفون على إسرائيل، بينهم بيل كريستول، جون فودهوتس، روبرت كاغان وإليوت أرامز. وفي أحيان قريبة يشوّش بينهم وبين اللوبي اليهودي. ويتهمون إسرائيل بالتورط الأمريكي في العراق.
بولتون ليس يهودياً. وهو أقل ذكاء من زملائه في معسكر المحافظين الجدد وأكثر فظاظة بكثير. وعندما تولى منصب السفير الأمريكي في الأمم المتحدة، في عهد بوش الابن، قيل عنه أنه الدبلوماسي الأقل دبلوماسية في التاريخ الدبلوماسي الأمريكي. لكل مشكلة برزت كان لها حل واحد: الشروع في عمل عسكري. هكذا في العراق، في كوبا، في كوريا الشمالية، في إيران. هو أحد القلائل في الولايات المتحدة الذين لا يزالون يؤمنون بأن الاجتياح العراقي كان صحيحاً ومبرراً.
في موقفه من الساحة العالمية ينقسم اليمين الأمريكي: حيال المحافظين الجدد يقف الانعزاليون الذين يطالبون بكسر التحالفات والاتفاقات الدولية، الاستخفاف بالقيم الديمقراطية المشتركة، والشروع في حروب تجارية، لاعادة جنود أمريكا إلى الديار، وترافقت هجماتهم على المعسكر الخصم بنبرة لاسامية.
الاخفاقات في أفغانستان وفي العراق عززت قوة الانعزاليين وأبعدت عن الساحة المحافظين الجدد. ستيف بانون، المروّج للانعزالية، وقف في مواجهة بيل كريستول، المروّج للتدخل، وانتصر. بانون حفز ترامب على السباق، أما كريستول فاختار هيلاري كلينتون.
في أثناء حملة الانتخابات كان ترامب المتطرف بين الانعزاليين. فقد احتقر السياسة الخارجية لبوش الجمهوري مثلما احتقر أوباما الديمقراطي. «أمريكا أولاً»، واحد من شعاريه الانتخابيين، استمد من شعار الحركة التي عارضت في الثلاثينيات انضمام أمريكا إلى الحرب ضد المانيا النازية.
مرت سنة ونصف منذ انتصر في الانتخابات. في هذا الزمن استبدل معظم الطاقم الكبير في البيت الابيض مرتين. كل محاولة لشرح التغييرات الشخصية بأسباب أيديولوجية اصطدمت بالتناقض. في النهاية هذا هو ترامب، ترامب وفقط ترامب: أناه، مزاجه، فتيله القصير، الجهل في كل ما يحصل في العالم. التعيينان الأخيران، لمايك بومبيو وزيراً للخارجية وجون بولتون مستشاراً للأمن القومي يشهدان، ظاهراً على تغيير للخط. مسؤولان كبيران براغماتيان نحيا، متطلعان للقتال عينا. لقد عاد المحافظون الجدد للسيطرة على السياسة الخارجية، وبقوة. بومبيو وبولتون سيقودان الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران.
ولكن لما كان الحديث يدور عن ترامب، فلا شيء مؤكد. ربما يعتقد بأن تعيين عدوين لإيران سيفزع آيات الله ويقنعهم بإدخال تحسينات كبيرة على الاتفاق النووي، وربما لا يعتقد. حتى لو انسحب من الاتفاق النووي بعد أقل من شهرين، مثلما أشار عليه نتنياهو، ليس مؤكداً أن شيئاً ما سيتغير في الاتفاق. ترامب سيلقي خطاباً والإيرانيون، بالتشاور مع الأوروبيين، سيجدون طرقاً لمواصلة تطبيق الاتفاق من دون أن يتضرروا.
يصعب عليّ التصديق بأن الأمريكيين الذين يحرضون إسرائيل على فتح الحروب، الأمريكيون مع الأصبع الرشيق على زناد الآخرين يحبوننا حقاً، وحتى لو كانوا كذلك، فإن محبتهم خانقة.
يديعوت