بولتون والمشنوق: الحاجة لحروب كلامية: ناصر قنديل
– كما أثارت إقالة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الأسئلة حول نيات حربية تصعيدية لدى الرئيس دونالد ترامب، خصوصاً مع جلب رئيس المخابرات مايك بومبيو خلفاً له، أثار جلب جون بولتون مستشاراً للأمن القومي بدلاً من هربرت ماكماستر، أسئلة مشابهة. والتفكير المنطقي يبدأ بالسؤال هل كانت هناك خيارات حربية يريدها الرئيس وتعطلت بفيتو مارسه وزير الخارجية تيلرسون، أو تحضيرات لحرب رفض ماكماستر القيام بها، وجاء بومبيو وبولتون لأجلها؟ والجواب المنطقي والطبيعي بالنفي، لأنّ تيلرسون كان تبلغ الغارة على خان شيخون كما تبلّغ قرار إقالته ولا حول له ولا قوة، وماكماستر جنرال حرب، وليس سياسياً كبولتون، ومصادره الفعلية لتقدير الموقف هي المخابرات المركزية، التي كان يشغلها بومبيو الذي تعزّز وصار وزيراً للخارجية. وبعد تعيين نائبة بومبيو والمشرفة الفعلية على تنفيذ أعمال الإغارة والاغتيال والاعتقال والتعذيب في المخابرات جينا هاسبل مكان بومبيو، عاد الرجل لصفته السياسية منذ كان عضواً في لجنة الاستخبارات في الكونغرس وأمام الإدارة ملف إيران النووي وملف كوريا النووي، والتفاوض حولهما يستدعي ممسكاً بالملفين، وليس كبومبيو من يقدر على ذلك مع نظرائه قادة المخابرات في روسيا والصين خصوصاً .
– جينا هاسبل باتت رئيسة المخابرات، يعني استمرار عهد بومبيو، فلا حاجة لتقني آخر في منصب مستشار الأمن القومي، بل الحاجة لمتحدّث، يوحي بلغة الحرب، ويتقن حروب الكلام، ويستطيع استدراج الخصوم لهذا النوع من السجالات، وستكشف الأيام أنّ هذه هي الوظيفة الحقيقية لتعيين بولتون. فالحرب فوق طاقة أميركا أياً كان رئيسها ووزير خارجيتها ومستشار أمنها القومي، والوظيفة النفسية والإعلامية للتعيينات صارت أكبر من الوظيفة الفعلية لمهام المناصب، والعمل سيسير بشكل سلس بين هاسبل وبومبيو في ترشيح القرار لترامب، ونقل اللازم منها لبولتون للحروب الكلامية، لأنّ وزير الخارجية المفاوض يجب ألا يُكثر الكلام، وخصوصاً الذي يقطع طريق التفاوض.
– في لبنان شيء مشابه مع الخطاب الانتخابي لتيار المستقبل، فمن يسمع رئيسه ومرشحيه، خصوصاً خطاب وزير الداخلية نهاد المشنوق يخالنا أمام سابع من أيار معكوس، أمنياً وعسكرياً، بسبب حجم الخشونة والرعونة في الكلام والخروج عن المألوف، ويكفي أن يكون خطاب الحريري والمشنوق لا يعرف إلا الحديث عن حزب الله والتحريض عليه واستفزازه، ومؤخراً التحرش بسورية ورئيسها وكلام أحد مرشحيه عن أنّ تعليمة وصلت من الرئيس السوري لحلفائه لمهاجمة تيار المستقبل، وكلها كما تعبير الأوباش في خطاب المشنوق في وصف اللائحة المنافسة في بيروت، دلائل على مسعى شراء المشكل، فلا طرح إيجابي لدى التيار ولا مال ولا وعود، ما يستدعي التحرّش لافتعال سجالات وتحدّيات ومشاغبات، وكلما تأخر الجواب زاد منسوب التصعيد استدراجاً لفريق المقاومة وحلفائها وجمهورها أملاً بردّ من العيار الشتائمي ذاته، وعساه يشمل الجمهور وليس القيادات فقط، ليمنح المبرّر للمواصلة بالعزف، فطريق الحدّ من الخسائر لكلّ الحلف المتهالك من واشنطن إلى بيروت هو المعارك الكلامية. وكما بولتون في واشنطن استعارة من الرسوم المتحركة، المشنوق في بيروت استعارة على اللحن الموسيقي، حزب الله وحركة أمل، والأحباش وشوية أوباش، دون أن ينتبه أنه عدّد قوى اللائحة المنافسة، واختصر بالأوباش غير الأحباش وغير حزب الله وحركة أمل، أيّ مَن لم يذكرهم، ولم يبقَ في اللائحة إلا التيار الوطني الحر، أم أنّه انتبه وقصد ذلك؟