بقلم ناصر قنديل

بوتين وبينغ ناخبان في ولاية ترامب الثانية: ناصر قنديل

يحمل مشهد الجولة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد على تجمّعات النازحين من الغوطة، وتفقده مواقع الجيش السوري في خطوطها الأمامية، مشهد حلف ينتصر في العالم وليس في سورية فقط، كما قال الرئيس الأسد خلال هذه الجولة، حيث كان العالم على موعد في يومين متتاليين على موعد مع إعادة انتخاب كلّ من الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزخم وسلاسة لولاية رئاسية جديدة بينما في المقابل شكّل مشهد إنزال العلم الكردي في عفرين ليحلّ مكانه العلم التركي مأزق حلف تقوده واشنطن، ولم يعُد قادراً على تحقيق الانتصارات إلا في حروب الحلفاء بين أطرافه، الذين تعجز واشنطن عن كسب مصداقيتها معهم، ولا تجد تهديداتها بالحرب صدى لشدّ عصب حلفائها المتقهقرين من تراجع إلى تراجع، حيث كانت حرب الغوطة امتحاناً لما يستطيعون موحّدين، كما هي امتحان للحلف الموحّد الذي يقاتلهم وينتصر، فيتقاسم عائدات النصر في الميدان وصناديق الاقتراع، بينما عفرين مأساة الخيارات الخاطئة للذين راهنوا وتركوا الناس تدفع ثمن الرهان في حلف يقاتل بعضه ويتشظى في توزيع الخسائر بين الحلفاء .

في قلب هذه المتغيّرات، فقدت التهديدات الأميركية بحرب على سورية أو ضربة تستهدفها بذريعة السلاح الكيميائي، كما الحملات البريطانية لشيطنة روسيا بذريعة السلاح الكيميائي نفسه، كلّ بريق، بالرغم من كلّ حملات التسويق. فالهدف كان إضعاف زخم المشاركة الشعبية الروسية في الانتخابات لصالح الرئيس بوتين. وقد جاءت النتيجة عكسية فبدأت التراجعات، وصارت بريطانيا تتحدّث عن التعاون في التحقيق، وواشنطن تدعو للتعاون في تحقيق الاستقرار.

خلال السنوات التي تفتتحها الولايتان الجديدتان للرئيسين الصيني والروسي تستمرّ الحرب في سورية على إيقاع واضح لانتصارات الجيش السوري، وتقدّم مشروع سورية الموحّدة، ومزيداً من الارتباك في ترتيب الأوراق الأميركية في سورية، وضمنها حكماً أوراق الحلفاء التركي الذي يواجه عبء احتلال عفرين ووعوده باحتلال المزيد من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الكردية، والسعودي والقطري الخاسران الكبيران في معارك الغوطة لآخر أوراقهما في سورية، والإسرائيلي اليائس من تغيير المعادلات والذاهب لطلب نشر وحدات الأندوف على خط فصل القوات في جبهة الجولان، والكردي الذي سيقرّر تموضعه الجديد مع كلّ خسارة ساعة توقيت سقوط مشروع الانفصال في سورية، ومعه سقوط مشروعي الاحتلال الأميركي والتركي اللذين يتذرّعان بالاختباء وراءه كلّ من زاوية.

خلال سنوات ولايتين جديدتين للرئيسين بوتين وبينغ، ستحلّ الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يستعدّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الآن، للتقدّم إليها طلباً لولاية ثانية، وقد أعدّ لها شعارها الانتخابي مبكراً، الحفاظ على أميركا العظيمة ، وصناعة الاستقرار بدلاً من الحرب تبدو طريقه الوحيد لتحقيق الهدف، ولكنه يواجه في جبهات الاستقرار كافة تسويات صعبة تتضمّن إقراراً بالهزيمة، لذلك يتقدّم الملف النووي لكوريا الشمالية كعنوان للتسوية المشرّفة التي يريدها الرئيس ترامب طريقاً لولايته الثانية، ويربط بها سائر التسويات في سورية وسواها، والتسوية الكورية مستحيلة بلا تلبية طلبات الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بإخلاء المنطقة من السلاح النووي والحصول على المكانة الشرعية الاقتصادية والدبلوماسية في المجتمع الدولي، لكنها مستحيلة من دون تعاون كامل من روسيا والصين.

– من الآن وصاعداً ترامب يتصرّف كمرشح لولاية رئاسية ثانية، وبوتين وبينغ يتصرّفان كناخبين رئيسيين في الانتخابات لهذه الولاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى